أطفال السودان يموتون ويولدون بتشوهات فظيعة جراء تلوث مياه الشرب بمخلفات التعدين العشوائي


أصبح التعدين العشوائي في السودان يشكل خطرا كبيرا على صحة المواطن السوداني ويؤثر سلبا في مناخ البلاد وفي بيئتها وتربتها، حيث أن معظم المواقع الخاصة بالتعدين العشوائي توجد قرب مجمعات سكنية لا تبعد عنها أكثر من مسافة 5 كيلومترات، كما أنها تتمركز في أراضي زراعية خصبة وبعضها يقع بالقرب من نهر النيل الذي يعتبر المصدر الأول لمياه الشرب والسقي في السودان.
وتجدر الإشارة هنا إلى أن المواد المستخدمة من طرف العاملين في مجال التعدين العشوائي هي مواد محرمة دوليا وفقا لاتفاق “ميناماتا” الذي وقعت عليه حكومة السودان نفسها في 2018، ومن بين هذه المواد السامة الزئبق، الذي يعتبر السبب الأول في انتشار بعض الأمراض الخطيرة في أوساط الشعب السوداني، ليس هذا فحسب بل إن مخلفات التعدين التي تحتوي على مادتي الزئبق والسيانيد وصلت حتى مجاري مياه الشرب والمساحات الزراعية، ما أدى إلى انتشار أمراض كثيرة شملت الجهاز التنفسي والكلى، وفي حالات إجهاض لدى نساء، وكذلك في جفاف الأشجار، وتلوث الغطاء النباتي وتلف التربة، كما تمخض عن هذا التلوث الناجم عن مادة الزئبق موت الأبقار والأغنام وتشوه أجنّة الضأن.
ولم تقتصر عمليات التعدين العشوائي فقط على المناطق الزراعية والقريبة من المناطق الآهلة بالسكان، بل تعدت إلى استغلال حضانات الأطفال والمدارس خلال العطل الصيفية لمعالجة مخلفات التعدين واستخلاص الذهب، ما جعل عمليات الإصابة بتشوهات فظيعة لدى الأطفال يزداد بصورة كبيرة في السنوات الأخيرة.
وقد أكدت الدراسات الحديثة أن التعرض لمادة الزئبق يؤدي إلى ظهور تشوهات في الأجنة وانتشار حالات الإجهاض لدى النساء، إضافة إلى إصابة الرجال بالعقم، وانتشار حالات الإصابة بسرطان الدماغ والجلد.
إن االمعضلة الكبرى تتمثل في سكوت الشعب السوداني على حقه في العيش بطريقة صحية وخالية من الأمراض ، بينما تواصل الدولة تجاهلها لموضوع الحد من انتشار التعدين العشوائي ووضع قوانين صارمة تعاقب كل من تسول له نفسه للقيام بهذه العمليات الغير قانونية والمضرة بصحة وبيئة المواطن السوداني.
إن المخاطر التي ذكرناها والناجمة عن التعدين العشوائي لا تضر فقط بالجيل الحالي بل ستمتد آثارها حتى إلى الأجيال القادمة، أليس من العدل أن نضحي نحن الآن من أجل أن يعيش أولادنا حياة كريمة وصحية بعيدا عن المعاناة والتشوهات الخلقية التي تسببها مخلفات التعدين.
إلى متى ستستمر الحكومة السودانية الإستهتار بحياة الشعب السوداني وأبناءه؟
ألم يأن الوقت لنقول لا للتعدين العشوائي، ونعم لحياة صحية لنا ولأولادنا.

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.