أعلى حصيلة قتلى بعد سقوط البشير…
لم يكن مسار ثورة ديسمبر/ كانون الأول العام 2018 في السودان، حتى الوصول إلى هدفها بإطاحة عمر البشير ونظامه، سهلاً، بل عبّدته دماء مئات الضحايا، الذين سقطوا في معركة قاسية في مواجهة عنف النظام وقواته الأمنية. وحتى سقوط البشير أحصت لجنة أطباء السودان المركزية، وهي كيان نقابي منتمٍ إلى “تجمّع المهنيين السودانيين”، سقوط أكثر من 80 قتيلاً، معظمهم في العاصمة الخرطوم، فيما المفارقة تسجيل سقوط أكثر من 150 قتيلاً بعد الإطاحة بالبشير، وتحديداً في الفترة التي تسلم فيها المجلس العسكري السلطة.
وكان أول قتلى الانتفاضة في حقبة البشير هو محمد عيسى “ماكور”، في مدينة بربر بولاية نهر النيل، شمال البلاد، وسقط في 20 ديسمبر 2018 برصاصة مباشرة في الرأس. وللمفارقة فإن 19 قتيلاً سقطوا فقط يوم تنحي البشير في 11 إبريل، 8 منهم في مدينة زالنجي بولاية وسط دارفور، ما يعكس حجم المقاومة لعملية التغيير. وتوزع الضحايا منذ اندلاع الثورة وحتى سقوط البشير بين الولايات السودانية. وفي العاصمة الخرطوم وحدها سقط قرابة 51 قتيلاً، و9 في احتجاجات القضارف و8 وسط دارفور، بينما قدّمت القوات المسلحة السودانية 12 قتيلاً ذادوا عن الثوار في محيط مركز القيادة العامة للجيش في العاصمة، إبان الاعتصام (من 6 إبريل حتى 3 يونيو/ حزيران)، أولهم سامي شيخ الدين في محاولة مليشيات النظام فض الاعتصام في 8 إبريل.
لكن المفارقة في أن أعداد الضحايا، بعد الإطاحة بالبشير وإبان إمساك قادة المجلس العسكري بالسلطة، كانت أكبر بكثير من أعدادهم طوال عمر الثورة التي استمرت خمسة أشهر، إذ سجلت لجنة أطباء السودان المركزية سقوط٣٦ قتيلاً في اشتباكات بمحيط القيادة العامة في الخرطوم قبل حلول منتصف شهر رمضان، لتأتي الجريمة المروعة بسقوط 132 قتيلاً، تم التعرف على جثامين 5 منهم أخيراً بواسطة اختبارات الحمض النووي، في مجزرة القيادة العامة يوم 3 يونيو الماضي. وعقب المجزرة، سقط أيضاً 16 قتيلاً، بعضهم في مليونية 30 يونيو التي أجبرت المجلس العسكري على إعادة التفاوض مع “قوى الحرية والتغيير”، وذلك بعدما كان قد أوصد الباب أمام الحوار عقب مجزرة القيادة العامة.