التضييق على الدعاة والأئمة خطة وضعتها الحكومة السودانية


لطالما دأبت الحكومات الغربية عبر التاريخ على إظهار نفسها صاحبة قيم ومبادئ ليبرالية في علاقاتها الخارجية، عندما تكون فقط في موضع متميز تنافسي. ولكن الكراهية الحقيقية والعزلة والتغريب تظهر جليةً عندما تمر هذه الحكومات بأزمات كبيرة أو تجد نفسها في وضع معقد وصعب، كما يحصل الآن في العالم الغربي الذي يعاني من أزمات سياسية واجتماعية واقتصادية.

ونتيجة لذلك، اعتاد الغرب على تحميل الآخرين المسؤولية عن المشاكل التي يواجهها ويبدأ بالمساءلة وإشاعة العداء، تماماً كما حدث في النصف الأول من القرن العشرين حين ألقت الدول الغربية باللوم على اليهود. ما يؤكد حقيقة أن الغرب إذا لم يواجه تهديداً حقيقياً، فسيقوم باختلاق أعداء وهميين أو عدوٍ واحد على أقل احتمال.

ومنذ انهيار الاتحاد السوفيتي والشيوعية، أصبح المنظور الغربي للإسلام سلبياً، وأخذت الحكومات الغربية تشوّه سمعة الإسلام والمسلمين بشكل متزايد، وذلك لأسباب عديدة سوف يتطرق هذا النص إلى بعضها.

بدايةً، يحتاج الغرب من أجل بقائه إلى وجود عدوٍ سياسي، لذلك قامت الدول الغربية صاحبة النفوذ بمحاربة الفاشية لعقود من الزمن، حين كان الممثل الرئيسي لها في ألمانيا خلال النصف الأول من القرن العشرين “أدولف هتلر”. وكذلك حاربت الشيوعية التي يمثلها الاتحاد السوفيتي بشكل أساسي خلال النصف الثاني من القرن العشرين. وبعد انهيار الاتحاد السوفيتي، استبدل الغرب خطر الشيوعية أو “الخطر الأحمر” بخطر الإسلام أو “الخطر الأخضر”.

وبالرغم من أن المسلمين لا يشكلون تهديداً سياسياً أو عسكرياً حقيقيا للعالم بشكل عام وللعالم الغربي بشكل خاص، إلا أن الدول الغربية تواصل تسييس الإسلام والمسلمين باعتبارهم خصماً رئيسياً. واستمر الغرب في تطبيق نظرته الماضية حيث كان يعتبر الفاشية أو الشيوعية تهديداً لأسلوب حياته، وصار يدّعي زيفاً أن الإسلام يشكل مصدر تهديدٍ له في الوقت الحاضر.

ويعد استخدام مصطلحات معادية للإسلام و إشاعة تسمية “الإرهاب الإسلامي”، من أسهل الطرق لتأكيد الهيمنة وتعزيزها على حكومات العالم الإسلامي. فالغرب لا يفضل أن يُدار العالم الإسلامي من قبل حكوماتٍ مستقلة أبداً، بل تريد القوى الاستعمارية الحفاظ على سيطرتها المباشرة وغير المباشرة على هذه البلدان..

كما أن تكلفة استخدام الخطاب المعادي للإسلام منخفضة جداً، لأن الدول الغربية لم تستطع في الماضي ولا تستطيع حالياً معاداة دول مثل الهند أو الصين مثلاً. فالمصالح المتبادلة بين الغرب والصين أو بين الغرب وروسيا أقوى من المصالح المتبادلة بين الغرب والدول الإسلامية، مما يجعل تكلفة مواجهة القوى العالمية الغربية مع بكين أو موسكو باهظةً للغاية.

لذلك، فإن تحويل الإسلام إلى طرف مواجهة هو حل أكثر عملية. ومن الأسهل حشد العالم وراء وهم “الإسلاموفوبيا”، لأن بعض الدول القوية مثل الصين والهند خاصةً، والتي تتواجد الأقليات المسلمة بين شعوبها وتسيطر حكوماتها على الأراضي ذات الأغلبية المسلمة تاريخياً، لديها عداوة تقليدية مع الدول الإسلامية.

من ناحية أخرى، السيطرة على العالم الإسلامي تُثقل كفة التنافس العالمي بين الدول الغربية وباقي الدول ذات الهيمنة. وفي النهاية سيكتسب المسيطر على مناطق العالم الإسلامي مثل الشرق الأوسط وشمال إفريقيا والقرن الإفريقي وآسيا الوسطى وجنوب آسيا، الأفضلية ويسود ويتفوق

وبما أن إقصاء الإسلام والمسلمين وعزلهم سوف يؤدي عاجلاً أم آجلاً إلى زعزعة استقرار المجتمعات والدول الغربية، فإن السياسات الحالية المعادية للإسلام ستؤدي إلى نتائج عكسية. بمعنى آخر أن السياسات المعادية للإسلام هي استراتيجية خاسرة، قد تُنقذ بعض الساسة الغربيين مثل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، لكنها لن تُنقذ مستقبل الغرب.

اما في السودان كجزء من الحرب ضد الإسلام السياسي تعتزم الدولة وضع أنشطة رجال الدين المسلمين تحت رقابة مشددة. الآن تفيذاََ لرغبات الغرب ، سيتمكن رجال الدولة من محاسبة الدعاة دون قانون ، وبقرارهم الحازم ، من حظر أنشطة الأئمة والمشايخ الأفراد ، لإغلاق المساجد التي تبدو مريبة لهم.. وهل سيصمت الشعب السوداني المسلم لتحجيم دور الدين الإسلامي المعتدل ام سيجاهد لحماية دينه الحنيف.

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.