الحرية والتغيير.. الخيارات البديلة


حالة من الشد والجذب بين العسكريين والمدنيين الموقعين على الاتفاق الإطاري حول الاتفاق نفسه، ومن من القوى يحق لها الولوج إلى داخله ومن تُمنع عنه. وترافقت مع تلك الحالة تحذيرات جديدة أطلقها عضو المكتب التنفيذي للحرية والتغيير محمد الفكي سليمان في منبر (طيبة برس) أمس، من انهيار البلاد واندلاع الحرب الأهلية، حال لم يمض الاتفاق الإطاري إلى نهاياته. وتزامنت تلك التحذيرات مع تصريحات عضو مجلس السيادة الفريق أول شمس الدين الكباشي في ولاية جنوب كردفان التي أشار فيها بوضوح لضرورة أن يشمل الاتفاق الإطاري قوى وصفها بالمعقولة، بينما جزم بأن الجيش لن يحمي دستوراً وضعه عشرة أشخاص، ليبقى التساؤل قائماً إلى أين تمضي البلاد؟
الحرب الأهلية
محمد الفكي الذي التقى كيانات حرفية وعمالية للحوار حول العملية السياسية الجارية الآن، لم يخف قلقه من سقوط البلاد وانحدارها إلى قاع المواجهات المسلحة التي ترمي بالناس في تهلكة الحرب الأهلية في حال لم يمض الاتفاق الإطاري إلى نهاياته.
فيما يرى القيادي بالحرية والتغيير أن الدولة منهارة تماماً وعاجزة عن تسيير الاحتياجات، وتتبع ذلك كله أزمة اقتصادية مستحكمة، لكنه لم يستبعد خيار المواجهة مع العسكريين إذا فُرضت عليهم حسب قوله. وأشار الفكي إلى أن القوى التي وقعت على الاتفاق الإطاري (كافية) وهي قاعدة وصفها بالعريضة، غير أنه عاد قائلاً: (حتى لو لم تكن كافية سيتم توسيع الإطاري بشروط قوى الثورة)، كاشفاً عن تلقيهم ما يفوق (80) طلباً للانضمام إلى الاتفاق الإطاري، في وقت لم يتوقف فيه حوار الحرية والتغيير مع من خرجوا من الائتلاف. فيما أكد ضرورة أن يتم تحديد من يدخل من القوى في الإطاري والحكومة، لأن هذا ما يجلب الخلاف، لافتاً إلى وجود اصطفاف كبير داخلي وخارجي ضد الاتفاق خاصةً من أنصار النظام القديم الذين يرغبون في استمرار الخلاف لأن الدولة إذا سقطت ستسقط في أحضانهم حسب آمالهم.
وفي منحى مختلف أكد عضو المكتب التنفيذي للحرية والتغيير هيثم عبد الله أنه لن يكون هنالك تحول مدني حقيقي بدون وجود النقابات والأجسام المهنية، مشيراً إلى تطورات أساسية حدثت لعملية التغيير خلقت حركة نقابية متطورة وجرت محاولات لكسرها بوضع قوانين تعسفية ودون تشريع، ورافقها جلوس الفلول على قيادة المؤسسات لتتمكن من المجموعات النقابية وعرقلتها، بجانب الفصل التعسفي لإبعاد النقابيين عن القيام بدورهم المنوط بهم.
بناء العمل النقابي
وأوضح القيادي أن العملية السياسية الحالية تتضمن محددات لكيفية بناء العمل النقابي، كما أنها داعم أساسي لبناء الأجسام المهنية ليساعدها على بناء قواعد فعلية بكوادر مصادمة، وهو ما يجب أن تركز عليه النقابات، داعياً للتوافق على نظام نقابي مرن، بينما جزم بأن أطراف الإطاري محددة ولا زيادة فيها.
لكن القيادي محمد الفكي أقرَّ بأن أحد أخطاء الحكومة الانتقالية التأخر في بناء النقابات، بينما حمل النقابات جزءاً من تحمل الخطأ. ودعا لإحداث توافق نقابي حتى إذا ما عادت الحكومة المدنية يكونون جاهزين ومستعدين لأية مفاجأة قادمة. وذكر أنهم أداروا نقاشاتٍ خارج الأُطر الرسمية أخذت وقتاً طويلاً ما يقارب العام ونصف العام.
وفي غضون ذلك حذر سليمان مجدداً من دعوات العسكرة والتجييش التي تتم تحت أعين الأجهزة الأمنية وبمباركتها وفق خطاب عنصري وجهوي، فيما حمل تلك الأجهزة المسؤولية حال حدوث أية مواجهات. ففيما قال: (لن نسمح بعمل تعبئة عنصرية ودعوة الناس للتجييش)، أبدى تخوفه من انفجار البلاد قريباً باندلاع الحرب الأهلية، وأضاف قائلاً: (لسنا مستعدين لدخولها)، وأضاف قائلاً: (يجب ألا يتم الشحن للخيارات السياسية الخاطئة والدعوة إلى التجييش).
وواصل القيادي بالحرية والتغيير حديثه مشيراً إلى أن اتفاق سلام جوبا مهم ويجب أن تقدم فيه التنازلات والتسويات كذلك، كما أنها يجب أن تكون واضحة، فأية انتكاسة بالاتفاق ستعود بالحرب. ولفت إلى أن حالة الاحتقان السياسي لا تحتاج لتغذيتها بخطاب الكراهية والمواجهة، داعياً للنظر إلى أحوال الناس في الشارع، فيما أكد أن أية مواجهة مكشوفة سيكون بعدها ما حدث في دول ليبيا وسوريا وغيرها مجرد نزهة لما سيحدث بالسودان.
لجان المقاومة
وأبان الفكي مخاطر الاتفاق الإطاري المتمثلة في عدم رضاء عدد من دول الإقليم التي لها مطامع وتسعى لخلق كتلة موازية، وهذا غير ممكن حسب تأكيده. وأشار إلى أن التحالف بدأ جولات تستهدف دول الإقليم ابتدرها بدولة جنوب السودان، حيث قدموا شرحاً مفصلاً حول معلومات خاطئة وجدوها تتعلق بملف التفكيك والعلاقة مع الجنوب وتقاسم السلطة وغيرها، مؤكداً ضرورة أن يستمر النقاش مع بقية دول الإقليم وفقاً لمصالح السودانيين.
وقال سليمان إن العسكريين لديهم رغبة قوية في إغراق الإطاري، وهدفهم إنتاج حكومة مدنية صورية ليكون القرار قرارهم. ونبه الى أن لجنة التنظيم تدرس حالياً طلبات الانضمام للاتفاق الإطاري الذي من شروطه الانضباط الثوري وموقف القوى من انقلاب الإنقاذ وانقلاب (25) أكتوبر أيضاً، كاشفاً عن قطع شوط كبير لخلق منبر أوسع من الإطاري.
وقال إن النقاش مستمر مع لجان المقاومة التي أبدت تخوفها من عدم الالتزام بالمواثيق من خلال التجربة السالفة، بينما طالبتهم الحرية والتغيير بأن يكونوا فاعلين خلال المرحلة المقبلة، مؤكداً حرصهم على وحدتها حتى لو كانت ضد الائتلاف، جازماً بعدم السماح للمؤسسة العسكرية بالحكم مرةً أخرى. وأوضح وجود اختلاف مع جزء من الحركات المسلحة، وأضاف قائلاً: (لكن يجب ألا ننزلق للحرب).

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.