تقنية الهايبر سونيك وكيفية استخدامها في الطيارات بدون طيار
ظهر مصطلح “الهايبر سونيك” أول مرة في سبعينيات القرن الماضي، ويعني “السرعة التي تفوق بكثير مرحلة ما بعد سرعة الصوت”. وخلت هذه التقنية في أنواع مختلفة من الأسلحة لدى دول عدة، على رأسها الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا. ويشير المصطلح عموماً إلى السرعات التي تفوق 5 ماخ.
ورغم أن تقنية الصواريخ الفائقة السرعة تعود إلى تلك الفترة، فإن الاختبارات الحقيقية عليها لم تبدأ سوى قبل سنوات قليلة من قِبل الولايات المتحدة وروسيا والصين. وبدأت الولايات المتحدة التجارب في هذا المجال عام 2010، وكانت آخر تجربة فاشلة لها عام 2014، إذ تم تدمير الصاروخ بعد ثوانٍ من إطلاقه بعد اكتشاف خلل فيه.
كما فشلت تجارب صينية في هذا المجال حتى أوائل 2014، ونشرت الصين صورة لتجربة ناجحة لصاروخ فائق السرعة لاحقاً. وبدأت روسيا التجارب في هذا المجال، ونفذت خمساً منها خلال الفترة ما بين 2011 إلى 2016، فيما أجرت تجارب ناجحة لاحقاً.
لكن مؤخراً، ومع انتشار تقنية “الهايبر سونيك” وتسابق تجارب الدول عليها، من المتوقع تبنّيها في أنظمة أخرى للأسلحة بخلاف الصواريخ، وإليكم كيفية استخدامها في الطائرات بدون طيار، أو ما يُعرف بالطائرات المسيَّرة.
تقنية الهايبر سونيك في الطائرات بدون طيار
يقول تقرير لمجلة The National Interest الأمريكية، إنه سيكون للطائرات المُسيّرة الهجومية الأسرع من الصوت وجودٌ بالتأكيد، والسؤال هنا هو: متى سيحدث ذلك؟ إذ إنّ فكرة طائرات الاستطلاع المُسيّرة أو الأنظمة المسلحة غير المأهولة التي تتحرك في الفضاء بسرعة تتجاوز خمسة أضعاف سرعة الصوت، هي فكرة متداولة في أعلى مستويات البنتاغون.
إذ قال مايك وايت، أحد المسؤولين في قسم أبحاث وهندسة “الهايبر سونيك” بوزارة الدفاع الأمريكية، للمراسلين، بحسب وثائق البنتاغون: “يمكنك التفكير في دمج ذاتية القيادة مع تقنية الهايبر سونيك داخل طريقةٍ تسيير الرحلات الجوية وما يُمكن فعله بتلك المركبات”.
في النهاية فإنّ الهجمات الناجحة بهذه السرعات المهولة ستعتمد على أنظمة توجيه موثوقة وسريعة التكيّف، إلى جانب عمليات الاستخبارات والمراقبة والاستطلاع. والعديد من أجهزة الاستشعار الأحدث تُوفّر بالفعل القدرة على مساعدة الأسلحة في تصحيح المسار أو تغييره أثناء الطيران، والحرب المستقبلية ستتطلّب الهجوم مع القدرة على فعل ذلك بسرعات تفوق سرعة الصوت.
وأي نوعٍ من المزج بين القيادة الذاتية و”الهايبر سونيك” سيُثير التساؤلات بشأن عمليات الاستخبارات والمراقبة والاستطلاع والاستشعار بسرعات عالية، وهو ما وصفه وايت بأنّه من “عناصر التحكم والسيطرة، والواجهة الأمامية لعناصر سلسلة القتل اللازمة لاستهداف الأسلحة الهجومية بتقنية الهايبر سونيك”.
وفي حال مزج الاستشعار المتقدم لتصحيح المسار، والقيادة الذاتية المدعومة بالذكاء الاصطناعي، والدفع بتقنية الهايبر سونيك في نظامٍ واحد؛ فسوف تتحقّق أفضلية معاصرة فريدة وغير مسبوقة.
ما التحديات التي تواجه هذا المشروع؟
تقول المجلة الأمريكية إن العديد من أنظمة الأسلحة تعمل فعلياً بمستويات عالية من القيادة شبه الذاتية، مع القدرة على تصحيح المسار استجابةً لتغير معلومات الهدف. فصاروخ “توماهوك” مثلاً يعتمد على رابط بيانات ثنائي الاتجاه، وقدرة “تحويم” مع عمليات الاستخبارات والمراقبة والاستطلاع، لتمييز وتعديل الاستهداف أثناء الطيران. وصواريخ SM-6 البحرية المتقدمة جرى تصميمها بتحديثات برمجية جديدة، لتعمل مع باحث مزدوج الوضعية يمنحها قدرة سريعة الحركة للتكيّف مع الأهداف المتحركة أثناء الطيران، ما يمنح السلاح القدرة على التغيير، وإعادة التوجيه، وإعادة الاستهداف بمجرد تسلم بيانات إشارة جديدة.
ويكمُن التحدي الآن في تنفيذ كل تلك الوظائف التكتيكية بسرعة تفوق سرعة الصوت. وهناك العديد من الأبعاد لهذا الأمر، لكن أكثرها إلحاحاً يتعلق بالحرارة، فالتحرك بسرعة الهايبر سونيك يُولّد معدلات غير مسبوقة من الحرارة، ما يجعل إدارة مسار الرحلة وتوازنها أمراً صعباً.
وبحسب تقرير لموقع BBC البريطاني، فإن أهم عائق أمام تطوير مثل هذه الأسلحة هو أداء المعادن التي يصنع منها الصاروخ والأجهزة الإلكترونية التي بداخله عند وصول الصاروخ إلى هذه السرعات الفائقة.
ولهذا يعمل باحثو ومطوّرو الأسلحة في البنتاغون بشكلٍ مكثف على تطوير أنواع جديدة من المواد المقاومة للحرارة، والقادرة بشكلٍ متزايد على الاحتفاظ بقدرتها التشغيلية في درجات الحرارة شديدة الارتفاع. وإدارة تدفق الهواء هو عنصرٌ رئيسيٌّ آخر، لأنّ الجزيئات المتحركة المحيطة بجسمٍ ما يُمكنها أن تُعطّل توازن الهواء المحيط بالمركبة أو القذيفة، ما يُبعدها عن مسار الرحلة أو يُعقّده.
وبشكل عام، تحتاج الدول أو الجيوش التي تطور أسلحة “الهايبر سونيك” إلى أجهزة كمبيوتر عملاقة، لحساب تفاعل الهواء مع السطوح الصلبة على سرعات عالية.
وستجلب هذه التقنية أبعاداً جديدة للهجوم عالي السرعة، حيث ستقدم مقياساً لدقة الطيران يتجاوز بكثير ما يُعرف باسم أنواع إحداثيات توجيه GPS، ولا يمكن للقذائف أو الصواريخ التي تفوق سرعتها سرعة الصوت أن تنتقل من نقطة محددة سلفاً إلى أخرى فحسب، بل يمكنها أيضاً المناورة بحُرية أكبر لتجنب الدفاعات من خلال تآزر استهداف أجهزة الاستشعار مع أنظمة التوجيه. على سبيل المثال، يمكن لسلاح مستقل تفوق سرعته سرعة الصوت أو طائرة بدون طيار أن يميز، ثم يتجنب، سلاح اعتراض أو نظام دفاع جوي.
الطائرات “الهايبر سونيك” بدون طيار قادمة
وتقوم الولايات المتحدة بتجارب في هذا المجال منذ فترة ليست بقصيرة في مركز وكالة الفضاء الأمريكية ناسا في فيرجينيا. فيما تعتبر طائرة SR-72 التجريبية التي تفوق سرعتها سرعة الصوت ويتم تطويرها بواسطة شركة لوكهيد مارتن، لتلبية متطلبات القوات الجوية الأمريكية (USAF)، أحد أبرز النماذج لهذه التقنية.
وسيتم تصميم وبناء الطائرة المسيرة “الهايبر سونيك” SR-72 خلفاً لطائرة لوكهيد مارتن SR-71 Blackbird، التي تقاعدت من خدمة USAF في عام 1998.
وبدأ تطوير طائرة SR-72 التي تفوق سرعتها سرعة الصوت في عام 2018. وستكون بطول 60 قدماً تقريباً، كما سيتم تجهيزها بمحرك واحد كامل النطاق للمناورة لعدة دقائق بسرعة 6 ماخ.
ستتمتع طائرة SR-72 الأمريكية بالقدرة على أداء عمليات الاستخبارات والمراقبة والاستطلاع عالية السرعة (ISR) وتوجيه ضربات. ومن المتوقع أن تبدأ الرحلة الأولى لطائرة SR-72 في عام 2023 بحسب تقرير لموقع Airforce Technology الأمريكي، حيث ستكون الطائرة قادرة على إطلاق صواريخ تفوق سرعتها سرعة الصوت.