رتفع سعر الرغيف الواحد من 10 إلى 40 جنيهاً..أزمة بورتسودان تأكل خبز الخرطوم
تواجه العاصمة السودانية الخرطوم أزمة خبز حادة، إذ تخطى سعر رغيف الخبز الواحد 40 جنيهاً، بعد أن كان سعره 10 جنيهات قبل أيام. والسبب الرئيس في تجدد الأزمة إغلاق شرق السودان، ما تسبب في نقص الدقيق، في الوقت الذي حذرت فيه شعبة المخابز من نفاد حصة الدقيق بحلول السبت الماضي، وهذا ما حدث بالفعل. ومن المعلوم أن ارتفاع سعر الرغيف كان سبباً أساسياً في اشتعال شرارة انتفاضة ديسمبر (كانون الأول)، والتي ساهمت في إسقاط نظام البشير، الذي حكم البلاد لأكثر من 30 عاماً.
أزمة شرق السودان
منذ نحو ثلاثة أسابيع، أغلق أنصار ناظر قبيلة الهدندوة، مرافق وطرقاً حيوية في شرق البلاد، مطالبين بإلغاء مسار الشرق في اتفاقية جوبا للسلام وحل الحكومة المدنية وتسليم الحكم للعسكريين.
وتشهد فيه البلاد تزعزعاً أمنياً كبيراً، فقد تم القبض على خليتين إرهابيين في منطقة جبرة بالخرطوم، وذلك عقب محاولة انقلابية فاشلة، تلتها تظاهرات في مختلف أنحاء البلاد تندد بالحكم العسكري، وتعلن تمسكها بالحكومة المدنية.
وفي هذا السياق، قال المحلل الاقتصادي عبدالمجيد صالح، إن “الأزمات السياسية التي تمر بها البلاد تؤثر تأثيراً مباشراً على اقتصاد البلاد، بخاصة عندما يتم التعبير عن المطالب بإغلاق الطرق الرئيسة، والتي تربط البلاد مع بعضها البعض، ويتم من خلالها توزيع حصص الدقيق والوقود والغاز، أو بالإضراب عن العمل”.
وأضاف صالح، “على الرغم من أن البلاد تسير في خطوات ثابتة إلى حد ما من الناحية الاقتصادية، إذ شهد السودان استقرار سعر الجنيه مقابل الدولار لأشهر عدة، وذلك منذ تعويم الجنيه بداية العام الحالي، مع رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، وغيرها من المكاسب الاقتصادية التي يتعامل معها البعض باستهتار، ويقومون بالإضرار بالمواطن السوداني من خلال منعه من الحصول على الخبز وغيره من ضروريات الحياة”.
رأي آخر
ويرى نائب الأمين العام لاتحاد ولاية الخرطوم، أحمد النوراني، أن “موضوع الخبز أصبح خطيراً جداً، والحصص التي توزع الآن تبلغ 30 في المئة فقط، حتى الدقيق التجاري أصبح معدوماً، وإذا قلنا إن الخبز له بدائل مثل الكسرة والدخن والأرز، وغيره، فإن العلاج لا توجد له بدائل”. وعما قام به محمد الأمين ترك في شرق السودان، اعتبر النوراني “أنه يندرج في إطار عدم احترام الانتفاضة والمنتفضين ودماء من سقطوا، وأنه عمل غير وطني. إذا كانت لديه رؤية خاصة فعليه أن يقدمها للحكومة والشعب، من دون إغلاق الطرق، لأنه حتى في حال الحروب بين الدول تفتح مسارات آمنة للغذاء والعلاج، مع كامل احترامنا لقضية شرق السودان، ولكن نرجو الالتزام بسلمية التحرك ومنهج الحوار”.وأضاف النوراني، “الشعب كان ينتظر منه موقفاً جيداً يحسب له، ولكن هذا هو أسلوب أتباع النظام البائد”، على حد تعبيره.
ولضرورة تخطي الأزمة، ناشد “التجار التعامل بشفافية وأمانة مع هذه الأزمة، علماً بأن البعض بدأ برفع الأسعار بعد أن شهدت استقراراً لمدة أربعة أشهر”.
الجدير بالذكر أن أزمة الخبز أصبحت ثابتة ومستمرة، فمنذ أربع سنوات لا تمر ثلاثة أشهر دون أن تعاني البلاد أزمة في الخبز وصعوبة الحصول عليه، بل وصل الأمر لأن يصبح الخبز معدوماً في أغلب المناطق، وبأسعار مرتفعة جداً في مناطق أخرى. واعتبر الناشط السياسي أسامة حمزة، أن “الأزمة موجودة ومنطقية في ظل الظروف التي تعيشها البلاد، خصوصاً أن الرغيف يعد من أكثر المواد الغذائية التي يستهلكها المواطن، ولكن يلعب أصحاب المخابز دائماً الدور الأكبر في تفاقم الأزمة. وقد ساهمت أزمة الشرق في عودة صفوف الخبز من جديد، ولكن ليس من المنطقي ألا توجد حصص كافية مخزنة لأشهر عدة! وهذا يعني أن السوق السوداء ما زالت تسيطر على الخبز والدقيق”.
وضع الحكومة الانتقالية
وعلى الرغم من إعلان مجلس السيادة اتفاقه مع المحتجين على فتح خط تصدير نفط جنوب السودان وتسليم مجلس (نظارات البجا) مبادرة من جانب المجلس، فإن الأزمة ما زالت تؤثر على المستقبل السياسي والاقتصادي في السودان، حيث يعد شرق السودان من أكثر المناطق حيوية وأهمية في البلاد، إذ أجمع أغلب المراقبين للأوضاع هناك على أن الأزمات المتفاقمة ستشكل خطراً على الحكومة الانتقالية التي تمر بعقبات صعبة لا تتحمل المزيد من الصعوبات.ولكن يرى الحقوقي آدم عبدالله أن “أبناء شرق السودان من حقهم أن يحددوا مصيرهم ويعبروا عن مطالبهم، حتى وإن ساهم التعبير عنها في إغلاق الطرق ومنع الدقيق وغيره من الوصول إلى العاصمة والولايات. الشرق يعاني التهميش لسنوات طويلة، وهذا تعبير سلمي ولا يعد أمراً فظيعاً كما يروج له البعض، فكلنا شهدنا انتفاضة ديسمبر التي تم فيها التعبير عن رفض حكومة البشير بكل الطرق، والتي كان من ضمنها إغلاق الطرق والمرافق الحيوية لاستكمال المطالب”.
ويضيف آدم، “ليس علينا إلقاء اللوم على أطراف دون الأخرى، يجب أن تبادر الحكومة بحل الأزمة وفض الخلاف بأقصى وقت ممكن لفتح الطريق أمام السلع الأساسية، ولكن إلقاء اللوم دون العمل على حل الخلافات أمر غير منطقي”.