قوى سودانية تقود حملات ممنهجة لتفكيك لجنة إزالة التمكين
تواجه لجنة إزالة التمكين في السودان اتهامات متصاعدة من اتجاهات سياسية مختلفة وتلاحقها انتقادات من قوى ثورية ومحسوبين على النظام السابق في آن واحد، فيما وجدت أطراف عديدة في الكشف عن وقائع فساد تخص أعضاءها فرصة للنيل منها والتشكيك في القرارات التي تصدرها بحق رموز النظام السابق.
وأعلنت اللجنة أخيرا عن إيقاف ضابطين تابعين لنيابة اللجنة عُثر على مبالغ ضخمة بحساباتهما المصرفية، أحدهما حوّلَ أموالا لحساب ضابط برتبة نقيب يتبع لشرطة المعادن.
وقالت إنها خاطبت وزارة الداخلية بتكليف الشرطة الأمنية لمتابعة الملف بشأن المذكورين لكونهما يتبعانها، وهو ما أسفر عن القبض على الضابطين المتهمين، وفقا للبيانات التي قدمتها لجنة التفكيك للشرطة.ولم تتوقف الأنباء عن التشكيك في نشاط اللجنة ومدى قانونيتها ومصير الأموال التي تعلن عن تجميدها وكيفية إدارة العمل داخلها، وتعرض الكثير من أعضائها لحملات ممنهجة عجّلت بممارسات لم تؤكدها اللجنة أو تنفها بشأن وجود تسويات غير معلن عنها مع الشركات والأفراد التابعين لنظام الرئيس السابق عمر البشير.وفتح ضبط عدد من قيادات اللجنة الباب واسعا أمام تصعيد المطالب حول الإعلان عن أسماء المبعدين ليكونوا عظة لغيرهم حيث اكتفت اللجنة بالإشارة إليهم بالرموز، في الوقت الذي تجدّدت فيه المطالب بتغيير بعض أعضاء اللجنة وشددوا على ضرورة تقديم جميع أفرادها وثائق إبراء ذمة مالية قبل تسلّمهم أعمالهم.
ويعد التشكيك في عمل اللجنة هدفا سعت إليه القوى المحسوبة على تنظيم الإخوان المسلمين في السودان منذ الإعلان عن تشكيلها، وبدا واضحا أن إقدام اللجنة للإفصاح عن المتورطين في تهم فساد داخلها بعد أن نشرت صحف محلية نبأ إلقاء القبض على ثلاثة من أعضائها يصب في دعم هذا الاتجاه، وباتت اللجنة كأنها مضطرة للكشف عن أزماتها الداخلية تحت ضغوط من بعض وسائل الإعلام المحلية.
ويرى مراقبون أن صمت الحكومة هذه المرة عن الانتقادات الموجهة للجنة بخلاف المرات السابقة التي دافع فيها رئيسها عبدالله حمدوك عنها بقوة يشي بأنها أضحت تشكل عبئا عليه في ظل ضغوط خارجية على السلطة للانفتاح على قوى قريبة من نظام البشير.
ويلقى هذا الأمر ترحيبا من بعض القوى السياسية المشاركة في تحالف قوى الحرية والتغيير مدعومة من قيادات بارزة في المكون العسكري للحد من توسيع نطاق عمل لجنة إزالة التمكين وما يجره دورها من تداعيات سياسية.ودعا المستشار السياسي لرئيس الوزراء ياسر عرمان الأحد، إلى إصلاح منهج اللجنة وعدم استخدامها لتصفية الحسابات وإبعادها عن شبهات الفساد، وأن تعمل على ترسيخ بناء دولة القانون، معتبرا أن عملها “ليس قضية أشخاص بل هو بناء وطن واستكمال لثورة ديسمبر المجيدة، ويجب أن يكون في مقدمة اهتمام القائمين عليها”.
ويذهب متابعون للتأكيد على أن توجيه اللوم إلى أعضاء اللجنة بدلا من دعم تحركاتهم يبرهن على تخلي غير معلن عن دعمها وتحصينها من السهام التي تصوب باتجاهها، وهو ما يشكل إضعافا لأدوارها وإن استمرت في مهمتها بالشكل الحالي.
ومن المتوقع أن تأخذ الاعتراضات على قراراتها اتجاها متصاعدا بعد أن أضحت تواجه رموز النظام السابق من دون غطاء سياسي رسمي واضح وداعم للاستمرار في مهمتها.
وقال المتحدث باسم تجمع المهنيين السودانيين وليد علي، إن ضعف أداء لجنة إزالة التمكين يشكل هزيمة معنوية للثورة التي جرى الانقضاض عليها من قبل أطراف عدة، وبقاء اللجنة على وضعها الحالي يشكل عبئا كبيرا على الثورة.
وأضاف في تصريح له أن الانتقادات التي يوجهها تجمع المهنيين للجنة بسبب بطء أداء عملها وتساهلها في مواجهة فلول البشير أدى إلى هروب بعض الفاسدين، وتلك الانتقادات تأتي من زاوية مختلفة عن التي تطالها من القوى السياسية المحسوبة على السلطة وتركز حديثها حول قانونيتها والتأكيد على تغوّل مصالح أعضائها.
وأشار إلى أهمية منح اللجنة المزيد من الصلاحيات والدعم السياسي والقانوني لتفعيل أدوارها وليس تفكيك أعضائها لخدمة مصالح قوى بعينها، وإن كانت هناك حاجة لإدخال تعديلات من المفترض أن تستهدف تسريع وتيرة عملها ودفعها نحو تأدية مهمتها بالمزيد من الشفافية كي لا توجه إليها تهم الفساد مرة أخرى.
وتأتي الحملات الممنهجة ضد اللجنة عقب أول تحركات فاعلة أقدمت عليها بشأن وقف عمليات تمويل فلول البشير بعد أن ضبطت الأسبوع الماضي 90 حسابا بنكيا تجري تحويلات من حساب إلى حساب ويتم إيداع مبالغ وسحبها في نفس اليوم والاتجار عبرها بالنقد الأجنبي.
وأوضح المحلل السياسي خالد الفكي، أن الحملات الموجهة ضد لجنة إزالة التمكين نجحت في هزّ ثقة المواطنين والحكومة في قراراتها، ويحاول النظام السابق بكل السبل افتعال المشكلات حولها طيلة الفترة الماضية حتى حقق جزءا كبيرا من أهدافه.تواجه لجنة إزالة التمكين فيالسودان عوائق عديدة تمنعها مناستكمال مهمتها، في تفكيك حزبالمؤتمر العام المحلول، واستعادةالأموال المنهوبة خلال سنوات حكمالإنقاذ، ومكافحة الفساد، منذ عام19899.
وهناك قضيتان حول عمل اللجنة؛ الأولى قانونية، حول شرعيةصلاحياتها، ومصادرتها للأملاك الخاصةبناء على قرار سياسي، والثانيةسياسية، كوّن عملها يصطدم بموروث30 عاماً من العلاقات الاجتماعيةوالسياسية والحياتية للمجتمع.