مبادرة مصرية لتسوية سياسية سريعة في السودان
كشف سفير مصر بالخرطوم هاني صلاح الثلاثاء عن طرح بلاده على رئيس مجلس السيادة الانتقالي السوداني عبدالفتاح البرهان مبادرة للتوصل إلى “تسوية سياسية سريعة” في السودان، داعيا إياه إلى توضيح عناصرها بصورة أكبر وأوسع للدوائر الرسمية والشعبية المرحلة المقبلة.
وقال صلاح في تصريحات تلفزيونية عقب لقائه مع البرهان، بحسب بيان ومقطع فيديو نشره مجلس السيادة عبر صفحته على فيسبوك، “تحدثنا (مع البرهان) عن المبادرة المصرية لإيجاد تسوية سياسية سريعة على الساحة السياسية السودانية وعن الزيارة الأخيرة التي قام بها رئيس المخابرات المصري اللواء عباس كامل للخرطوم في الثاني من يناير الجاري”.
وهذا أول إعلان مصري عن زيارة اللواء عباس كامل والتقى خلالها البرهان و”نقل رسالة شفوية من الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي بشأن العلاقات الثنائية”، وفق بيان من إعلام مجلس السيادة آنذاك.
وأضاف سفير مصر في تصريحه المتلفز قائلا “استعرضت عناصر المبادرة (لم يكشف تفاصيلها) وتم الاتفاق مع رئيس مجلس السيادة على توضيح تلك العناصر بشكل أكبر وبصورة فاعلة لمختلف الدوائر الرسمية والإعلامية والشعبية بالسودان”.
ولفت إلى أن “المبادرة المصرية تأتي في ظل دور مصري معتاد يهدف إلى الحفاظ على المصالح السودانية ووحدة واستقرار السودان، وتسهيل كل ما من شأنه الوصول إلى حوار سوداني – سوداني يؤدي في النهاية إلى تسوية حقيقية ودائمة وشاملة”.
وأكد سفير مصر أن “التسوية السياسية السودانية يملكها ونتاجها سوداني خالص، ومن ثمّ فمصر موجودة لو احتاج أشقاؤها السودانيون أي دور منها في هذا الصدد”.
وأفاد مجلس السيادة السوداني في بيان إعلامي مساء الثلاثاء بأن البرهان التقى سفير مصر هاني صلاح، وأكد “متانة وأزلية علاقات البلدين”.
ونقل المجلس عن السفير المصري قوله إن اللقاء مع البرهان “تطرق إلى المبادرة المصرية التي تهدف إلى تحقيق تسوية سياسية، وتم الاتفاق على أهمية توضيح عناصر المبادرة بصورة أكبر وأوسع للدوائر الرسمية والشعبية المرحلة المقبلة”.
وكان رئيس المخابرات المصرية قد زار الخرطوم في الثاني من الشهر الحالي، وانتهت الزيارة دون أن يكشف عن طبيعة الطرح المصري الخاص بالوساطة، لكن رد قوى الحرية والتغيير (المجلس المركزي) ووصفها الكتلة الديمقراطية المنشقة عنها بأنها “مصنوعة” وقولها إن أطراف المرحلة السياسية محددة مسبقا يعطي انطباعا برفضها الحوار.
ورغم أن مصر رحبت بانطلاق المرحلة الثانية والنهائية من العملية السياسية بالسودان، لإخراجه من المرحلة الانتقالية التي تعود إلى 2019، إلا أن الأطراف السياسية المدنية الموقعة على الاتفاق ترى في المبادرة المصرية عبر إدخال الكتلة الديمقراطية في العملية السياسية الجارية محاولة لعرقلة الاتفاق النهائي.
لكن في الواقع تبدو مصر منزعجة مما يجري في السودان، وتخشى أن تؤدي التطورات القاتمة إلى المزيد من التدهور على بوابتها الجنوبية، في ظل تلميح بعض الأقاليم باللجوء إلى حق تقرير المصير، وتعثر وساطة اللجنة الرباعية المشكلة من الولايات المتحدة وبريطانيا والسعودية والإمارات، واللجنة الثلاثية المكونة من الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي ومنظمة إيغاد.
وترى القاهرة في جمع الفرقاء من أجل التسوية السياسية خيارا أفضل من استمرار الانقسام الذي ينذر بتصعيد على الأرض بعد أن توعدت الكتلة الديمقراطية بإسقاط الاتفاق عبر الجماهير، وهو يفسح المجال لعودة المؤتمر الوطني وتيار الإسلام السياسي وحلفائهما، إلى المشهد السياسي مثلما حدث خلال الفترة الماضية سواء بالتظاهرات المنددة بالاتفاق أو بمحاولة السيطرة على مقر عمادة المحامين.
ودشنت القوى الموقعة على الاتفاق الإطاري في السودان المرحلة النهائية من العملية السياسية في السودان، والتي تهدف إلى الوصول إلى اتفاق نهائي لنقل السلطة إلى المدنيين، وحل الأزمة التي تعيشها البلاد لأكثر من عام، وسط ترحيب دولي.
وبحسب وكالة الأنباء السودانية، فإنه من المقرر أن تناقش الأطراف المدنية المشاركة في الاتفاق الإطاري، الموقَع مع الشق العسكري، في هذه المرحلة التي يتوقع أن تستمر ثلاثة أسابيع، خمس قضايا، تشمل العدالة وإصلاح الجيش والأجهزة الأمنية واتفاق السلام.
وعلاقات مصر والسودان جيدة وفق مراقبين، ويجمعها تنسيق في ملفات عديدة، بينها ملف “سد النهضة” الإثيوبي، ويتفقان فيه على رفض ملئه دون اتفاق ملزم وسط أزمة مع أديس أبابا بشأنه
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.