من نميري إلى البرهان منصب والي الخرطوم.. مقعد على صفيح ساخن ..!!
في عهد الرئيس الراحل نميري الذي قفز بليل مطيحاً بالسلطة المدنية في مايو 1969م لم يكن في تعيينه لحكام الولايات يلجأ لمبدأ الشورى سواءً كان عبر مساعديه ومستشاريه أو تنظيمه السياسي (الإتحاد الإشتراكي) وكذلك الحال عند تعيين الوزراء وكان هو الذي يقوم بتقييم آدائهم بحسب إنطباعهم الشخصي دون الإعتماد على تقارير منهجية ترفع له وفي فترة حكمه الأولى عين حاكماً عسكرياً من القوات المسلحة اللواء عبد الله قلندر لكنه بعد ذلك كانت تعيناته مدنية ، ولأن النميري ينصّب نفسه حاكماً مطلقاً فهو يلجأ في تعاملاته الرسمية مع الوزراء وحكام الولايات بمنطق السيادة الشخصية المطلقة التي لا يحكمها بروتوكول ومفاهيم وأسس مهنية تبنى عليها العلاقة ،وكتب أحد الكتاب قبل فترة إن نميري عندما شاهد منطقة حيوية في الخرطوم ممتلئة بمياه الأمطار استدعى محافظ الخرطوم ( الوالي) وأقسم له بالطلاق بأنه إذا لم يقم بتصريف تلك المياه بعد ساعات فأنه سيجبره على شربها فأضطر الوالي أن يقوم باستنفار في الولاية وجمع عدداً من الطلمبات واستلف أخريات من القوات المسلحة وظل واقفاً يراقب العمل فجاء عضو مجلس الثورة حينها الرائد زين العابدين عبد القادر وسأله عن وقوفه مع العمال فحكى له عن تهديد نميري وبالطبع فزميل النميري لم يندهش من التهديد كما لم يستبعد حدوثه وربما كان أبرز المحافظين في ذلك العهد هو المستشار السابق لرئيس نميري مهدي مصطفى الهادي الذي قيل أنه عرف بالحزم ومن قراراته الشهيرة إغلاق أماكن الدعارة بالولاية .ويقول الكاتب الصحفي محمد الشيخ حسين( إن من المواقف الدبلوماسية الناصعة للراحل مهدي معارضته القوية لطلب تقدم السلطان قابوس للرئيس نميري لإرسال قوات سودانية إلى سلطنة عمان للمشاركة في حربها ضد ثوار ظفار.)كانت قناعة الراحل مهدي أن تلبية هذا الطلب تقلل من مكانة السودان وتحول الجيش السوداني إلى فصائل مرتزقة تخدم الأنظمة وتظاهرها في مواجهة شعوبها. ومعلوم أن الرئيس نميري لم يستجب لذلك الطلب.
تعتبر فترة تولي عمر البشير سدة الحكم لمدة ستة عشر عاماً بعد أن أقصى الحكومة المدنية الديمقراطية وقتها من أكثر الحكام تغييراً للولاة وكذلك الوزراء ، وبالرغم من أن الدستور الإنتقالي للعام 2005م وقانون ولاية الخرطوم للعام 2006م يشيران إلى تعيين الولاة عن طريق الإنتخابات وهو ما كان ينادي به د. حسن الترابي زعيم الحركة الإسلامية الحاكمة قبل أن إقصائها من لعبة النفوذ السياسي في عام 1999م بيد أن البشير بعد المفاصلة بدا أكثر إنفراداً بالحكم حيث لم يعد يهتم بترشيحات حزبه المؤتمر الوطني في تعيينات الولاة أو حتى الوزراء وهو ما ظهر جلياً في عمليات الإحلال والإبدال المستمرة التي يقوم بها من حين إلى آخر .وإعتمد في صلاحيات تعيين الولاة على تعديل الدستور في عام 2016م .ويعتبر الفريق أول عبد الرحيم محمد حسين المقرب من البشير من الأسماء المعروفة في منظومة النظام التي تولت منصب والي الخرطوم خلفاً لعبد الرحمن الخضر الذي حدثت تجاوزات مالية في دهاليز مكتبه حيث برز خبر صغير أوردته الصحف اليومية بالخرطوم يقول إن والي الخرطوم طلب من لجنة عدلية التحقيق حول تجاوزات من قبل بعض منسوبي مكتبه في قضايا تجاوزات تتعلق بالأراضي، ومن ثم أصبحت القضية تتداول بصورة كبيرة في الصحف والمواقع الأسفيرية التي تباينت في تناولها للقضية من حيث أرقام التجاوزات بل بعضها حمّلت الوالي نفسه المسؤولية المباشرة فيما حدث، وفي تلك الأجواء جاءت توصيات اللجنة العدلية بإلزام المتهمين بالتحلل من مبالغ التجاوز البالغة «17» مليوناً «مليار بالقديم» عبر قانون الثراء الحرام والمشبوه، وإن كانت بعض المصادر قدرت عائد الأراضي بحوالي 420 مليار جنيه في حين توفي أحد المتهمين المهمين في القضية عبر حادث مروري .وكان عبد الرحيم محمم حسين عند تسلمه منصب والي ولاية الخرطوم قد صرح بشكل مفاجئ غير متوقع عندما أشار بأنه وجد العقارات الحكومية في الولاية أما بيعت أو مرهونة في إشارة إلى عهد سلفه د. عبد الرحمن الخضر .وعندما إندلعت التظاهرات الشبابية العارمة وبدأ النظام السيطرة على الأوضاع أعلن رئيس النظام عمر البشر حالة الطورئ وتجميد تعديل الدستور وقام بحل الحكومة وقام بتعيين عدد من الولاة العسكريين بعضهم من جهاز الأمن وأسند منصب والي ولاية الخرطوم للفريق أول شرطة هاشم عثمان في الثاني والعشرين من فبراير 2019م.
بعد نجاح ثورة ديسمبر الشعبية وتولى الفريق أول البرهان رئاسة المجلس العسكري قام بتعيين الفريق ركن مرتضى عبد الله وراق في السادس عشر من أبريل 2019م ثم عاد وأقاله في الثامن عشر من يونيو من نفس العام حينما الفريق ركن أحمد عبدون والذي قام بإقالته د.عبد الله حمدوك بعد تولى رئاسة مجلس الوزراءحيث قام بتعيين أيمن خاد نمر والياً للخرطوم بديلاً للفريق أحمد عبدون في الثاني والعشرين من يوليو 2020م.