أستاذ سوداني شاهد خارطة لإفريقيا أعدتها المخابرات الأميركية ليس فيها السودان
تعرضت في المقالة السابقة للفتنة التي تتهدد كل من العراق وليبيا ومصر والسودان واليمن وسوريا بالتمزق وأشرت لتقرير رجل الاستخبارات الألماني عند تقاعده والذي أوضح فيه إن أمريكا ودول أوروبا سموا هذه الدول إلى يتعين عليهم تقسيمها للحيلولة دون أن تنشا أي وحدة اقتصادية او معسكر عربي أو إسلامي يؤثر على الرفاهية التي يعيشونها على حساب دول العالم الثالث ويكفى هنا أن نقول إن اكثر ثروات هذه الدول تذهب للغرب لاستيراد الأسلحة ووسائل الدمار والأمن ليس دفاعا ضد عدوان أجنبي إننا لاحتراب مواطني هذه الدول فيما بينهم كما توقفت عند مقال الأستاذة هيفاء زنكبة في عدد أول أمس بهذه الصحيفة تحت عنوان (من هو الساع لتمزيق العراق) والذي أشارت فيه للمعونة التي قدمتها لجنة الشئون الإفريقية بالكونجرس الأمريكي دعما لبعض الفئات المتحاربة كما أشرت لقرار هذه اللجنة في فبراير 92 والذي نص على أن تعمل الحكومة الأمريكية على تحرير السودان من الاستعمار العربي. ذلك القرار الذي تجاهلته بكل أسف القوى السياسية الحاكمة والمعارضة ممثلة في التجمع الوطني في القاهرة قبل أن تنقله أمريكا للعمل المسلح من اسمرا ولعل الشريف زين العابدين الهندي أمين عام الحزب الاتحادي هو القائد السياسي الوحيد اللظى تحفظ وأعلن موقفا قويا يومها من أمريكا في بيان رسمي بالقاهرة
وفى عام 93 وفى ندوة جامعة كنا نحرص على عقدها كل جمعة أن شارك فيها بروف سوداني أستاذ في جامعة بوسطن فخاطب الندوة لافتا نظر الحضور من قادة التجمع وقال بالحرف:
(انه كان حضورا في محاضرة قدمها بروف أمريكي في جامعة بوسطون تحت عنوان (AFRICA IN FIFTY YEARS) إفريقيا في خمسين سنة عرض فيها خريطة لإفريقيا لم يظهر فيها السودان وانه احتج على هذه الخارطة إلا إن البروف رد عليه بحدة (SHUT UP) هذه الخريطة زودتني بها السي اى ايه فمن أنت ) وكان واضحا أنها الخارطة التي تعدها أمريكا للسودان بعد تحريره من الاستعمار العربي حيث لا يبقى فيه جنوب أو غرب أو شرق.
وللمرة الثانية قوبل حديثه بتجاهل من القوى السياسية بالرغم من توافقه مع قرار فبراير 9 ثم سرعان ما توالت الأحداث عندما وجهت لجنة الشئون الإفريقية الدعوة لقيادات القوى السياسية السودانية من قادة التجمع وبعض المنتمين للنظام الحاكم لحضور ندوة تحت عنوان (السودان المأساة المنسية) وهرول بالفعل قادة التجمع من كل الأحزاب لأمريكا للمشاركة في الندوة واذكر يومها إنني كتبت مقالا بجريدة الخرطوم التي كانت تصدر يومها من القاهرة تحت عنوان (أيها الذاهبون لأمريكا انتبهوا ماذا تريد أمريكا من السودان) وتعرضت فيه لقرار لجنة الشئون الأفريقية التي وجهت لهم الدعوة للمشاركة في الندوة (ولكم أسفت أن احترقت هذه الصحيفة في الشقة في القاهرة ولكم تمنيت لو إنني أجد نسخة منها في أرشيف الصحيفة.اليوم
المعذرة لن تصدقوا ما فعلته أمريكا بضيوفها للندوة من الشماليين فلقد أكرموا وفادتهم في أفخم الفنادق و لم تنعقد أي ندوة ولكن فوجئ القادة الذين تدافعوا تلبية لدعوة المتآمرين على السودان فوجئوا بان لجنة الشئون الإفريقية اتخذت من دعوتهم غطاء للقاء سرى رتبت له ضم فيصلى الحركة الشعبية بقيادة قرتق الذي قتل لمناداته بالوحدة والزى كان عضوا فئ التجمع وموقعا على ميثاق السودان الموحد بجانب الجناح المنشق عن الحركة اللذين ينادون بالانفصال أبطال التوقيع على اتفاق بون الخاص بالاعتراف بحق تقرير المصير ريك مشار ولام اكول والدكتور على الحاج وهو الاتفاق الذي كشف عن نوايا الغرب قبل أن ينقضي عام على الإنقاذ عن النظام قبل ان يتراجع الحكم عنه بسبب الحملة الرافضة له من الداخل والخارج والتي لعب فيها التجمع يومها دورا كبيرا مع العناصر الرافضة من داخل الحركة الإسلامية نفسها لاتفاق بون وكانت المفاجأة للقادة الشماليين في أمريكا اللذين لبوا الدعوة للندوة المزعومة عندما تكشف لهم إن لجنة الشئون الإفريقية بالكونجرس اتخذت من دعوتهم غطاء للقاء رتبت له بين فيصلى الحركة بغرض توحيدهم ولاتفاقهم على مطلب حق تقرير المصير للجنوب إلا إن قرنق رفض الوحدة ولكنه خضع لضغوط أمريكا تحت تهديده بالحرمان من أي دعم و قبل التوحد حول مطلب حق الجنوب في تقرير المصير ولعل اكبر مفارقة هنا إن البيان نفسه صدر باسم لجنة الشؤون الإفريقية نيابة عنهم ولم يصدر منهم مباشرة
ويومها كانت المفارقة الأكبر إن بيان حق تقرير المصير تضمن فقرة مفاجئة (حملت في جوفها نوايا أمريكا لتمزيق السودان )ولم تلتفت لها القوى السياسية عندما تصمن الاتفاق حق تقرير المصير للجنوب (والمناطق المهمشة) وليس الجنوب وحده ولعل هذه الفقرة هي التي حالت دون أن يصدر البيان من فيصلى الحركة وبالرغم من البيان لم يوضح المعنى بالمناطق المهمش لأنه لم يكن هناك أي تمرد غير الجنوب وان كانت الفقرة دعوة لمناطق أخرى للتمرد مما يعنى إن أمريكا تخطط لانفصال مناطق أخرى (والمؤسف إنها ستحقق ما تريد بمساعدة أهل السودان)
وكونوا معي مع التفاصيل المذهلة في الحلقات القادمة
النعمان حسن
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.