لهذه الأسباب تحولت جماعة الإخوان المسلمين في ليبيا إلى جمعية

0

بعد إعلان جماعة الإخوان المسلمين الليبية، في 2 مايو/أيار الجاري، انتقالها إلى جمعية “الإحياء والتجديد”، برزت تساؤلات في الأوساط الليبية حول أسباب هذا التغيير ودوافعه، وعلاقته بالمشهد السياسي في البلاد.

وقال عمر الوحيشي، عضو مجلس إدارة جمعية “الإحياء والتجديد”:  “الانتقال ليس وليد اللحظة، فقد سبقه عمل طويل يمتد إلى عدة سنوات، وكطبيعة النقلات المفصلية في حركة المؤسسات فإنها تقابل بكثير من عدم الرضا”.

وأوضح الوحيشي أن هذا الانتقال أخذ منهم كل هذه المدة “من أجل إحداث حالة من الإجماع، نحرص في أساسها على جمع الصف كله وحشد طاقته نحو الانطلاقة الجديدة”.

ومن بين الأسباب الأخرى التي أسهمت في تأخير إعلان إخوان ليبيا الانتقال لجمعية “ظروف الاعتداء على العاصمة طرابلس“، بحسب الوحيشي.

ففي 4 أبريل/نيسان 2019، هاجمت ميليشيات اللواء المتقاعد خليفة حفتر طرابلس، بهدف إسقاط الحكومة، والسيطرة على الحكم بالقوة، لكنها انهزمت تماماً في 4 يونيو/حزيران 2020، وفرّت نحو الشرق.

وبخصوص الاعتقاد بأن تحول الجماعة إلى جمعية يهدف للمشاركة في الانتخابات، نفى الوحيشي ذلك، وقال “نحن في جمعية الإحياء والتجديد ليس لدينا أي نوايا للمشاركة في الانتخابات”.

وأضاف “في ميثاق المؤسسة نتعامل مع الشأن الوطني كشأن عام يؤثر على حياة الليبيين، ولن نشارك في العملية السياسية”.

وبيّن أن هدف الجمعية “التركيز أكثر على العمل المجتمعي، والمساهمة بقدر أكبر في بناء الوطن، وتماسك المجتمع ووحدته، ووحدة البلاد وسيادتها”.

أسباب ودوافع التغيير

من جانبه، يعتقد المحلل السياسي الليبي بدر شنيبة، أن انتقال الإخوان المسلمين من جماعة إلى جمعية “محاولة جديدة للخروج من أزمتها الداخلية التي تعيشها منذ فترة، والصراع الجاري داخلها بين فريقين”.

وأوضح شنيبة أن “الفريق الأول يطالب بالاستمرار على نهج الحركة وأسلوبها القديم، والفريق الثاني يطالب بتغيير نهج الحركة وتجديد خطابها، منطلقاً من ازدياد العداوة لاسمها، وكل من ينتسب لها”.

وأضاف أن “هذه الأزمة انعكست على واجهتها السياسية المتمثلة في حزب العدالة والبناء، بتعطل مؤتمره العام لسنوات، دون تجديد لقيادة الحزب، بسبب الصراع بين الطرفين، ومحاولتهما السيطرة عليه وفرض رؤيتهما”.

فيما يرى المحلل السياسي الليبي محمود إسماعيل، أن “تحول الجماعة قد يكون محاولة منها لتقديم نفسها إلى الليبيين من زاوية، وللعالم الخارجي من زاوية ثانية، والعمل بوتيرة أخرى من زاوية ثالثة، ونعتقد أن هذا الشيء من آليات التصحيح التي تتبعها هذه الجماعة”.

وأضاف إسماعيل “لا أعتقد أن هذا أمر سيئ، فيجب تقبل الآخر، وأن يكون هناك توجه لأن تكون هذه الجماعات منظمة، وفي إطار قانوني”.

وتابع “العمل السياسي لا بد أن يكون مباحاً بالمطلق، وألا توجد غضاضة في إمكانية اختلاف الرأي، فالاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية”.

لكن المحلل السياسي المصري، المهتم بالشأن الليبي، علاء فاروق، يعتقد أن سبب تغيير اسم الجماعة نتيجة طبيعية لكونها “ضعيفة وعانت من انشقاقات داخلية، لأنها لم تلتزم بمخرجات الجمعية العمومية الأخيرة”.

هل سينتهي استهداف جماعة الإخوان المسلمين بعد تغيير اسمها؟

في هذا الصدد، يعتقد شنيبة أن “هذه الخطوة ستكون محدودة التأثير، لأن المُدرك للواقع الليبي يعلم جيداً أن من يستهدف الحركة يستهدف فكرها وليس اسمها، ومن انضمَّ إليها انضم لفكرها وليس لاسمها”.

ويشدد على أنه “دون تغيير حقيقي لأفكارها وأسلوبها في الواقع لن يحبها عدوها، ولن يتركها أتباعها”.

وأضاف “نعلم أن استهداف الحركة في عدة مناطق بليبيا، خاصة التي يسيطر عليها حفتر، كان استهدافاً لكل من يحمل فكراً إسلامياً، أو أبدى تأييده لأفكار الحركة ولم ينحصر في أعضائها فقط”.

واعتبر شنيبة أن “تغيير وضع الحركة إلى جمعية لن يوقف العداوة ضدها أو ضد أتباعها، بل قد يضر صورة الحركة لدى أنصارها، الذين قد يرون أن الخطوة انصياع منها لرغبات طرف معين داخلها ومهادنة لأعدائها”.

من جانبه، يرى فاروق أنه “بعد هذا التحويل أعلنت الجماعة انتهاءها بشكل كامل، لمحاولة إبعاد أي تهم أو استهداف لها مستقبلاً”.

لكنه أشار إلى أن “هذا القرار لم توافق عليه الجمعية العمومية للجماعة، كما لم يوافق عليه جُل الإخوان الموجودين في ليبيا، فهي مجموعة أرادت أن تظل تعيش في نفس فلك هذا الفكر، وهي التي ضغطت لتسمي الجماعة باسم الإحياء والتجديد”.

فيما رأى إسماعيل أنه “من المهم جداً إدراك البعد الحقيقي فيما يتعلق بتغير الجماعات أو محاولة ارتداء ثوب آخر، وعلى الليبيين أن يدركوا أن العمل السياسي يجب أن يكون مباحاً بالمطلق، ومن المهم المضي قُدُماً فيما يتعلق بتكوين الأحزاب واستمراريتها ونشأتها ودعمها كعمل سياسي”.

استقلالية الحزب عن جماعة الإخوان المسلمين

يقول فاروق: “أظن أن الجماعة لا ترتبط بشكل كبير بجماعات أخرى خارج ليبيا، كونها ضعيفة، ولأن عدد أتباعها قليل، غير أن هذه المجموعات ضمها تنظيم عالمي أو دولي، ولكن في ليبيا كانت شبه مستقلة أو مبتعدة عن التنظيم الدولي”.

ويضيف أنه “بعد تغيير اسمها الآن أصبحت الجماعة غير ملزمة أن تكون تحت أي مسمى، أو يربطها أي شيء يسمى جماعة الإخوان في الخارج أو الجماعة الأم كما يسمونها”.

ويتوقع المحلل السياسي المصري “انتهاء تام لهذه الجماعة في الداخل الليبي، ويتجلى ذلك منذ بداية ابتعاد الحزب الذي كان محسوباً عليها (العدالة والبناء)، وبدأت تحدث أيضاً انشقاقات أو ابتعاد إداري ومالي تام عن هذه الجماعة”.

فيما يقول شنيبة، إن الجماعة “دخلت منذ سنوات في حوار داخلي لم يعلن عن تفاصيله، لكن ما يفهم من مخرجاته هو التوصل إلى اتفاق لإنهاء اسم حركة الإخوان المسلمين في ليبيا وتحويلها إلى جمعية”.

واعتبر أن ذلك “خطوة على ما يبدو لفك الارتباط بحزب العدالة والبناء، وإزالة الضغط على أعضائها في المجال السياسي، وانتقالها إلى وضع مشابه لوضع الإخوان المسلمين في عدة دول مثل المغرب والجزائر، خاصة أن ليبيا مقبلة على انتخابات عامة نهاية العام، ما قد يفسر توقيت القرار”.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.