الاستثمار أم الاستعمار ..؟؟


:: مارس العام الماضي، بالمعرض الدولي (إكسبو 2020)، والذي نظمته الإمارات، كنت حريصاً على زيارة خمسة أجنحة، لأسباب مختلفة، وقد نجحت في زيارتها بفضل الله.. جناح إسرئيل لمعرفة ما يسمونها بتكنلوجيا الزراعة، وأجنحة اليابان والصين وألمانيا لمعرفة آخر ما أنتجته تكنلوجيا الصناعة والطاقة، ثم جناح السودان للتحيات وتناول (العصيدة بالتقلية)..!!

:: نعم، فيما كانت أجنحة الدول تعرض مشاريع الحاضر والمستقبل، كان جناح السودان يضج بالمراكيب والعناقريب والتراثيات، ثم مطعم يتباهون بجودة مأكولاته (مُلاح كول وكدا).. وفي يناير الفائت، علمت بأن الدول حوّلت أجنحتها إلى ملحقيات ومعارض ثقافية، بيد أن ما كان يسمى بجناح السودان غير موجود، أي فشلوا حتى في إدارة المطعم الشعبي و أغلقوه..!!

:: المهم ، لأن تكنولوجيا الزراعة بجناح إسرائيل أبهرتني، عدت إليها مرة أخرى للمزيد من الاستفسار والإبهار.. الزرعة عندهم لم تعد تُزرع بخبرة المزارعين وسواعدهم، بل تحولت إلى ما هي أشبه بالصناعة، ولذلك يسمونها بالزراعة الذكية، بحيث يستخدمون التكنولوجيا في عمليات التحضير والزرع و إدارة المحصول ثم الحصاد.. فالعقول حلت محل العضلات..!!

:: وعلى سبيل المثال، تستطيع فتاة صغيرة تحديد خصائص التربة ومراحل الإنبات والطقس بالأقمار الاصطناعية.. وبأحدث التقنيات، يستطيع شاب في بداية حياته أن يراقب مراحل النمو والإثمار، ليعرف حجم البروتين في (حبة الأرز)، وبالتقنيات يفحص الزرع ويحلل القناديل والسنابل ليحدد ما يكفي من الماء والسماد والآفات، ليحصد الإنتاج المطلوب (كماً وكيفاً)..!!

:: وبالمناسبة، هناك لايحددون وقت الحصاد ليس بالأشهر كما نفعل هنا، بل بالشهر واليوم والساعة، لتجويد النكهة.. وفي الجناح الإسرائيلي عرفت العلاقة بين نكهة الثمرة وتوقيت الحصاد، ومن الخطأ قطف كل الثمار في (ضحوية)، كما نفعل بجهل و إنغلاق.. و..و.. ساعة ونصفها، قضيتها بالجناح الإسرائيلي سائلاً و متعلماً و ..(منبهراً)..!!

:: وكانت تفاصيل الجناح في خاطري حين سألت ليون بن دور، المتحدث باسم الخارجية الإسرائيلية، في حوار الأحد الفائت -بهذه الصحيفة -عن سر حرصهم على التطبيع مع السودان، فأجاب بوضوح : (السودان دولة مهمة بنظرنا؛ هي ذات مساحات كبيرة، وموارد طبيعية هائلة، وكفاءات إنسانية متميزة، وذلك يشكل أساساً متيناً للتعاون)..!!

:: فالتطبيع الذي تسعى إليه إسرائيل مع بلادنا تطبيع اقتصادي، وليس أي شيء آخر، كما يتوهم البعض.. إسرائيل ليست بحاجة إلى ترسانتنا العسكرية أو جيناتنا الوراثية و( عيوننا العسلية)، بل بحاجة إلى استغلال أرضنا الكبيرة ومواردنا الهائلة، أو كما يصفونها.. وكما تعلمون قضية الموارد أصبحت مثل حقوق الإنسان (إنترناشونال)، أي تجاوزت الحدود الوطنية..!!

:: والفرصة الذهبية لبلادنا هي أن تستغل مواردها بالشراكة مع إسرائيل وغيرها، وهذا ما يسمى بالاستثمار.. ورفض الاستثمار يعني قبول الاستعمار، والاستعمار لم يعد بالجيوش، بل بزرع أسباب الحرب وخلق بؤر الصراع.. وعليه، عسكرية كانت أو مدنية، نأمل أن تنجح نخبنا المسماة بالمسؤولة في بلوغ مرحلة التطبيع مع كل دول العالم الراغبة، بما فيها إسرائيل..!!

:: وصحيح، فالكثير من دول العالم الثالث المطبعة مع إسرائيل لم تنهض اقتصادياً، وبعضها دول فاشلة.. ولكن السؤال المُر، هل العيب في هذه الدول و نخبها العسكرية و السياسية والإعلامية أم في إسرائيل؟.. علينا ألا نُعيب غيرنا و(العيب فينا)..!!

تعليقنا على المقال : اذا لم تفعل ما تريد سوف يأتي من يفعل بك ما يريد .
خيرا لك أن تبدأ الان حتى لا يختم بك غدا وتاني عليكم الله أضيفوا شوية شطة للملاحات البتقدموها في معارض اكسبو


الطاهر ساتي

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.