(الانتخابات) المبكرة.. هل باتت المخرج للأزمة السياسية؟

نقلت مواقع امس نبأ عن تدريب الشرطة ثلاثين ضابطاً من رتب عليا (عميد ولواء) لتأمين الانتخابات المقبلة، والنبأ أفرز اسئلة عن دواعي الخطوة، وهل هي روتينية ام ان ثمة ما يطبخ في الغرف المغلقة تمهيداً لخيار انتخابات مبكرة قد تكون خياراً حال فشلت مساعي وجهود الحوار بين الفرقاء السودانيين الذي اقترب من العام، وبعد زيارات البرهان الخارجية الاخيرة ثمة انتظار لما قد تسفر عنه الساحة السياسية في قادم المواعيد تزامناً مع اتساع رقعة الاشكاليات الاقتصادية.

(1)

وأعلنت الشرطة امس الاول (الاثنين) عن تدريب (30) ضابطاً من رتبتي اللواء والعميد لتأمين الانتخابات القادمة.

الخبير والمحلل السياسي عبد الرحمن أبو خريس اشار في حديثه لـ (الانتباهة) إلى ان خيار الانتخابات المبكرة وارد بنسبة كبيرة، لجهة ان الاوضاع الحالية في البلاد لا تسمح بتطويل زمن الازمة، خاصة انها شارفت على العام. وتابع محدثي قائلاً: (ان البرهان قطعاً ناقش خيار الانتخابات المبكرة خلال زيارته الخارجية، باعتبار ان المجتمع الدولي متـأهب لتحول ديمقراطي بتشكيل حكومة تصريف مهام والاتجاه للانتخابات بشكل مبكر، وان خطوة الشرطة تأتي في سياق الاستعداد المبكر للقوات باعتبارها صمام الامان لانجاح الانتخابات).

ويقرأ ابو خريس في سياق الازمة ان عدم توافق القوى السياسية حتى الآن بالتزامن مع تفاقم الازمات قد يجعل القوات المسلحة تتجاوز القوى السياسية وتتجه لتشكيل حكومة تصريف مهام محددة لادارة الانتخابات.

وبحسب المكتب الصحفي للشرطة، فقد اكد اللواء شرطة حقوقي محمد عثمان محمد خير مدير الادارة العامة لتدريب الضباط، حرص واهتمام ادارته بتطوير ورفع القدرات التدريبية لمنسوبي الشرطة، واضاف قائلاً خلال ختام فعاليات ورشة تأمين الانتخابات التي استهدفت (٣٠) ضابطاً في رتبة اللواء والعميد شرطة بالمركز والولايات بحضور مديري الإدارات والدوائر: (إن الهدف الاساسي من الورشة اعداد وتنظيم العمل لتأمين العملية الانتخابية من خلال البرامج والخطط التدريبية لتحقيق الامن المجتمعي).

(2)

ولكن القيادي بالحزب الاتحادي الديمقراطي الاصل خالد الفحل ذهب إلى ان خطوة الشرطة بتدريب منسوبيها على العملية الانتخابية تأتي في سياق الاعداد المبكر لعملية التحول الديمقراطي لاقامة الانتخابات بنهاية الفترة الانتقالية، وذلك باقامة الورش المبكرة وتقديم الجرعات المهمة لتأمين المحفل الدستوري. واضاف الفحل قائلاً: (ان الخطوة تأتي والساحة تشهد اضطرابات وخلافات متصاعدة، وليس هنالك ما يؤشر الى الوصول لعملية التوافق الوطني التي نستطيع من خلالها المراهنة على اقامة انتخابات في وقت مبكر).

الفحل استبعد ربط خطوة القوة النظامية بانها مؤشر لانتخابات مبكرة، مشيراً الى ان خطوة الاتجاه لاقامة محفل الاقتراع تتطلب توافقاً ولو بالحد الادنى، وايضاً انفاذ مطلوبات التحول الديمقراطي حتى تتم تهيئة المناخ لاقامة المحفل الدستوري بشكل نزيه وعادل.

وابدى القيادي الاتحادي أسفه من حالة التنافر وتطويل الازمة، مشيراً الى انه ينبغي الاسراع بتشكيل الحكومة والاستعداد بشكل مؤسسي، وليس فرضها حال فشلت مساعي التوافق كامر واقع.

ومع حلول اكتوبر بعد ايام تكون الازمة السياسية قد اكملت عاماً شهدت البلاد خلاله انتكاسة اقتصادية مددت مناخ الاستياء الشعبي الذي يقف عاجزاً امام ازمات معيشية وفوضى تضرب مؤسسات الدولة، نسبة لحالة الفراغ الدستوري المستمر منذ استقالة رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك، وليست هنالك مؤشرات تنبئ بحدوث انفراجة في الوضع السياسي في ظل حالة تنافر الاحزاب، وحال حدث اختراق قد يكون بالحد الادنى وليس شاملاً، ويظهر ذلك جلياً من خلال موقف مجموعة المجلس المركزي حيال اي حوار يجعلها متوازنة مع باقي التحالفات، ومازالت متشددة في ارجاع الاوضاع الى ما قبل الخامس والعشرين من اكتوبر الماضي.

(3)

ويلوح في الافق خيار دمج المبادرات الوطنية في وثيقة واحدة من خلال تشكيل لجنة وطنية، خاصة مع اشارات واضحة من مسؤولين تعرضوا لها خلال تصريحات صحفية او لقاءات جامعة، ولعل ابرزهم رئيس مجلس السيادة الفريق اول ركن عبد الفتاح البرهان الذي تطرق لها خلال تنوير صحفي بامريكا، وكذلك الكباشي وقيادات التوافق الوطني، غير ان خيار تجميع المبادرات نفسه مجابه بتحديات عديدة ابرزها كيفية جمع القوى السياسية حول مائدة مستديرة. وهناك مراقبون اعتبروا ان خيار الانتخابات المبكرة يظل قائماً وبفرص عالية حال استمر الوضع بذات التداعيات.

وبالمقابل فإن خبراء كذلك استبعدوا اللجوء للمحفل الدستوري، لجهة ان عناصر العملية الانتخابية من تجهيزات لوجستية ومادية غير متوفرة، ولكنهم لم يستبعدوا خيار الانتخابات الرئاسية بشكل منفرد على غرار الأنموذج المصري

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.