التدخل الامريكي في السودان.. بين وقف النار واسقاط البرهان

التدخل الامريكي في السودان.. بين وقف النار واسقاط البرهان

سيدخل الصراع السوداني عامه الثاني في الأيام القليلة القادمة، دون تواجد أي مؤشرات حقيقية على تحقيق اتفاق وقف إطلاق النار بين القوات المسلحة السودانية بزعامة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بزعامة محمد حمدان دقلو. على الرغم من ذلك، تظهر التحركات الإقليمية والدولية بوادر أمل للوصول إلى تسوية سياسية في المستقبل القريب.

صرحت الإدارة الأمريكية بتوقعاتها بأن بلادها قد تصل إلى نقطة اللاعودة إذا استمرت الحرب لمدة 3 أشهر أخرى. ولذلك، تعمل الولايات المتحدة على دفع الطرفين المتحاربين نحو العودة إلى طاولة المفاوضات خلال الأسابيع المقبلة. في الأيام الأخيرة، بدأت معالم المبادرة الأمريكية تظهر بوضوح أكثر، حيث أكدت العديد من المصادر ووكالات الأنباء العالمية أن واشنطن تسعى إلى استبعاد البرهان نهائيًا من المشهد، نظرًا لعدم ثقتها في قدرته على تسليم السلطة للجانب المدني.

وكان عضو مجلس السيادة ومساعد القائد العام للجيش السوداني ياسر العطا، قد صرح إن الجيش لن يسلم السلطة لقوى سياسية أو مدنية أو أحزاب دون انتخابات. وأضاف في كلمة أمام قيادات “تنسيقية القوى الوطنية” المساندة للجيش في أم درمان “أنه لا بد من فترة انتقالية يكون القائد العام للجيش هو رأس الدولة ومشرف عليها، تشارك فيها الأجهزة الأمنية على رأسها الجيش والشرطة والأمن”.

قد يكون هذا التصريح تأكيد رسمي لنوايا القوات المسلحة في الإستمرار بالسلطة حتى بعد إنتهاء الصراع المسلح، وحتى نهاية الفترة الإنتقالية، وقد تستمر حتى بعد ذلك.

ولكن الولايات المتحدة الأمريكية تخشى من تكرار تجارب بعض الدول المجاورة للسودان ولا تريد أن تستمر القوات المسلحة على رأس السلطة بالبلاد، وترى في المكون المدني للسلطة الإنتقالية السابقة مرشحًا مثاليًا لقيادة السلطة بعد التوافق على التسوية السياسية.

بالإضافة الى ذلك، يعتبر التقارب السوداني الإيراني عن طريق المؤسسة العسكرية السودانية سببًا إضافيًا لاستبعاد البرهان نهائيًا من المشهد السياسي سواء في الفترة الإنتقالية أو حتى بعد نهايتها، وبهذا الصدد أشارت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية الى إن إيران ضغطت على السلطات السودانية للسماح ببناء قاعدة بحرية إيرانية دائمة على ساحل البحر الأحمر مقابل الدعم العسكري للجيش السوداني.

ونقلت الصحيفة عما وصفته بمسؤول استخباراتي سوداني كبير قوله إن وجود قاعدة إيرانية على البحر الأحمر كان سيعطي لإيران ميزة مراقبة حركة المرور البحرية من وإلى قناة السويس، وكذلك بالنسبة لإسرائيل، ولكن السودان رفض ذلك، وهذا لا يعني توقف التعاون بين الطرفين أو إستبعاد فكرة بناء القاعدة الإيرانية بشكل نهائي، أو أن التصريح برفض السودان للفكرة ما هو الا لتقييم ردة الفعل الأمريكية.

وكان السيناتور جيم ريش، العضو الجمهوري في لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأميركي، قد حذر خلال اجتماع اللجنة لدارسة نشاطات الجماعات الوكيلة لإيران في الشرق الأوسط، من أن طهران توسع وجودها العسكري بسرعة في السودان.

ونقل موقع “سيمافور”، عن مسؤولين أميركيين وعرب، أن توسيع العلاقات العسكرية بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية والحكومة السودانية يمكن أن يؤدي إلى تدويل الحرب الأهلية في السودان وقد يوفر لطهران حليفا جديدا، حتى تتمكن من توظيفه في البحر.

يبدو أن القيادة السودانية مصرة على التعاون مع إيران، ومازلت التصريحات التي تخرج من القيادة السودانية تبرر هذا الموقف، حيث قال عضو مجلس السيادة الفريق اول ركن إبراهيم جابر لوكالة “سودان تربيون” أن الأصل في العلاقات الدولية التواصل وتبادل المصالح لا القطيعة والعداوات، ويلفت الى أن العلاقة مع إيران استخدمت خلال سنوات النظام السابق لأغراض سياسية لكن هذا لن يحدث الآن، لأن الوضع تغير كما يقول.

وأشار كذلك أن غالب دول الخليج لديها علاقات مع إيران، و قال ” لا أعرف كيف نميز بين أن تكون هذه العلاقة ايجابية ولمصلحة الشعوب وهذه علاقة محرمة.. في السياسة الدولية قطع العلاقات بين الدول هو الشاذ وليس اعادتها مادام ذلك في مصلحة السودان “. وبما يخص التطبيع مع اسرائيل، أكد جابر إن العلاقة مع إيران لا يمكن أن تؤثر على قطار التطبيع مع اسرائيل الذي كان السودان اول المنضمين له، ويوضح أكثر أن “السودان يدير شؤون السياسة الخارجية وعلاقاته الدولية وفق المصلحة العليا لشعب السودان وإذا رأى مصلحة في التطبيع سيستمر وحال لم يجد لن يفعل”.

الولايات المتحدة الأمريكية تدعم بشكل مباشر رئيس الوزراء السابق عبدالله حمدوك لقيادة الفترة الإنتقالية من جديد بعد انتهاء الحرب الأهلية في السودان، ولذلك بدأت بدعم تحركات التسوية السياسية التي تضمن مصالحها في المنطقة، وبدأت كذلك بالضغط على القاهرة لوقف الدعم عن حليفها البرهان واستقبال حمدوك لبحث التسوية السياسية الخاصة بتنسيقية القوى الديمقراطية المدنية “تقدم” .

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.