التصعيد يتواصل وحرب التصريحات تتجدد بين تركيا وروسيا بسبب إدلب
السياسة لعبة الممكن أو هكذا يصفها المؤرخ الإيطالي نيكولو ميكافييلي، وهو الأمر الذي يتمسك به الطرفان الروسي والتركي في المناوشات التي تدور بينهما في سوريا بأنه من الممكن أن يصلا إلى اتفاق يقضي بعدم تدخل كل طرف في شؤون الآخر وبالتالي الوصول إلى حلول مرضية للطرفين .
وفيما يتعلق بمواقف الطرفين في سوريا يأمل كل منهم التوصل إلى حلول منطقية وناجعة من أجل الوصول إلى تسوية لشكل الصراع الدائر بينهم .
وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قبل يومين قد قال بأنهم لا يسعون إلى خلق عدوان مع الجارة روسيا، معتبراً أنهم كاتراك لا يريدون سوى الدفاع عن مصالحهم وحدودهم التي تربطهم مع سوريا .
ولم يخفي الكرملين اليوم الثلاثاء بأن روسيا تأمل في خفض مخاطر الدخول في مواجهة مباشرة مع تركيا في سوريا إلى الحد الأدنى رغم اقتراب جنود البلدين من بعضهم بعضا في منطقة إدلب، الأمر الذي ينذر بحدوث اشتباك بين جنود البلدين .
وكانت التصريحات الروسية قد جاءت بعد يوم من دخول القوات الحكومية السورية وبمساعدة روسيا مناطق في مدينة سراقب الخاضعة لسيطرة المعارضة.
وقالت وزارة الدفاع الروسية إن الشرطة العسكرية الروسية دخلت سراقب أيضا.
وقال ديمتري بيسكوف المتحدث باسم الكرملين للصحفيين رداً على سؤال عن مخاطر المواجهة ”نأمل أن نتمكن من خفض خطر (المواجهة المباشرة مع تركيا) إلى الحد الأدنى بفضل الاتصال الوثيق بين جيشي البلدين“ .
ولم يخفى بيسكوف بأن هناك مناقشات لعقد قمة محتملة بشأن سوريا بين رؤساء روسيا وإيران وتركيا في القرب العاجل من اجل مناقشة الأزمة السورية وتداعياتها على .
وفي ظل استهداف روسيا الحليف الرئيسي للحكومة السورية مقاتلي المعارضة والجماعات المتشددة، خلص تقرير لجنة متابعة للأمم المتحدة في سوريا إلى أن الضربات الجوية التي نفذها الطيران الروسي عملت على استهداف سوق شعبي، ومخيما للنازحين مما أسفر عن مقتل عشرات المدنيين في يوليو وأغسطس .
وتبقى مسألة الدخول في حرب مباشرة بين الطرفين التركي والروسي واردة بشكل كبير في حالة تطور الأوضاع بشكل أكبر من ما هي عليه الآن .
ومن الواضح أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لن يتخلّى عن مكاسِبه الاستراتيجيّة في سوريا، ولا نُبالغ إذا قلنا أن وضع الرئيس الأسد الدّاخلي والإقليمي حاليًّا ربّما يكون أقوى من وضع نظيره التركيّ المعزول والمُحاط بالأعداء من كُل الجهات .
ويتضح جلياً من خلال المناوشات بين الطرفين بأن تحقيق الأهداف الاستراتيجية هي الأولوية للطرفين .
ومن الواضح وكما قال خير الله خير الله الكاتب في صحيفة “العرب” اللندنية: “ما لا يمكن تجاهله في موضوع إدلب أن اللاعبين الكبيرين، أي تركيا وروسيا، على استعداد للتضحية بحلفائهما من أجل تفادي مواجهة مباشرة بينهما” .
ولم تخفي أنقرة توترها بعد مقتل عدد كبير من الجنود الأتراك في إدلب، وهذا يشير إلى أن الجهود الدبلوماسية والمباحثات التي جرت بين تركيا وروسيا في الأيام الأخيرة دخلت في طريق مسدود، وهذا التطور يدشّن مرحلة جديدة في الأزمة بين الطرفين .
وتعمل القوات التركية بكل الطرق من أجل طرد القوات السورية الحكومية من حدودها .
ولا شك في أن تركيا لديها خيارات في التعامل مع الغطرسة الروسية في إدلب، ويمكن أن تطلق عملية عسكرية واسعة في المحافظة .
ويتضح جلياً من خلال الأحداث الجارية في سوريا بأن الجيش الوطني السوري يمكنه أن يفتح عدة جبهات، بما فيها جبهة الساحل، لضرب النظام وتشتيت قواته، ليرى بوتين أن إصراره على دفع النظام نحو السيطرة على إدلب سيؤدي إلى تحرير مناطق أخرى من قبل الثوار” .