الديمقراطيون والشيوعيون: بداية حرب حقيقية علي السلطة في السودان

أعلن في الخرطوم الأحد الماضي ميلاد ائتلاف سياسي جديد بزعامة الحزب الشيوعي تحت لافتة “تحالف قوى التغيير الجذري”، والذي ضم مختلف الأحزاب السياسية والنقابات العمالية والأجسام الإحتجاجية، إضافة إلي فصيلي من تجمع المهنيين وكذلك لجان المقاومة، وقد لاقى هذا التحالف انتقادا واسعا من باقي الأحزاب الفاعلة في المشهد السياسي السوداني علي غرار قوى الحرية والتغيير التي اعتبرت أن ما يقوم به الشيوعي هو محاولة لتعقيد المشهد السياسي السوداني بإحداث انقسامات جديدة داخل الكتلة المدنية، وحذروا باقي الأحزاب من الإنجراف لما يدعو إليه الشيوعي باعتبار أن مبادءه وأهدافه تبعد تمام البعد عن واقع الشارع السوداني ولا تصب في مصلحة الثورة السودانية، كما وجه رئيس مكتب السياسات بحزب الأمة القومي أمام الحلو اتهامات للحزب الشيوعي بمحاولته تطبيق ايديولوجيا ماركسية شيوعية في الحكومة الجديدة التي ستنشأ في حال وصوله للحكم، أما الأمين السياسي لحركة العدل والمساواة، سليمان صندل فقد قال “إن تحالف قوى التغيير الجذري الشامل، إختار الموقع الذي يتوقعه الجميع لأنه أصلا بعيد من نبض الشارع، وبعيد من قيم وحضارة المجتمع السوداني”.وأضاف أن إتخاذ التحالف، هذا الموقع قد وضع ”هذا التحالف المقبور بإذن الله تعالي نفسه في مواجهة مباشرة مع الشعب ومع كل الداعيين الي السلام والوفاق والحوار.“

ويري خبراء ومحللون مختصون بالوضع السوداني أن الحزب الشيوعي يستعد لخطف الثورة من باقي الأحزاب التي كافحت في سبيل تحقيقها، حتي ولو كان ذلك علي حساب حلفاءه، وأضافوا بأن الشيوعي يستعمل لجان المقاومة كوسيلة تأثير في الشارع لتبني أفكاره والسير خلفه في العملية الإنتقالية القادمة، كما علق أيضا علي هذا التحالف المتحدث باسم الحرية والتغيير التوافق الوطني محمد زكريا قائلا: “أن تحالف التغيير الجذري يمثل جزء من تعقيدات المشهد السياسي السوداني بعد أن اتجهت بعض القوى السياسية لفرض أرائها على الأغلبية بما يتقاطع مع الحل الشامل للأزمة السياسية في البلاد”.

وفي تعليق للمحلل السياسي عبد الكريم القدال عن انضمام لجان المقاومة لهذا التحالف فقد قال أنه علي هذه اللجان أن لا تنسي أنها تمثل نبض الثورة وصوت الشعب السوداني البسيط، وأن مصداقيتها وشفافيتها جعلا من الشعب السوداني يضع كل ثقته فيها، فالأحري بها النظر بتمعن في انضمامها لهذا الحلف الذي يناهض مبادئ الثورة، فهي بسيرها خلف الشيوعي ستفقد ثقة الشعب وسرعان ما يتم نبذها بصفة نهائية لتخسر بذلك كل ما عملت لأجله.

إن الإنشقاقات والإنقسامات في الوسط السياسي السوداني بلغت ذروتها القصوي، ويعود هذا وفقا للمحلل السياسي علاء الدين بشير لسبب “أنها لا تستند على مبادئ فكرية صلبة وإنما تنبني على مواقف براغماتية وقتية، سرعان ما تنفض. ولذلك لا تصلح كصيغة للعمل السياسي في بلد لم تنهض فيه العملية السياسية على مبادئ دستورية متفق عليها”.

وقال المحلل السياسي وأستاذ العلوم السياسية د.عبد الرحمن أبو خريس إن ما قام به الشيوعي يعكس التشظي والتمزق الذي تعاني منه القوى المدنية، مشيراً إلى أن الشارع السوداني كان يعول على تحالف مدني عريض يخرجه من المأزق الذي يعيش فيه، ولكن يبدو أنه لا أحد من القوى المدنية صار يأبه لرأي الشارع السوداني.

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.