السفير الأمريكي.. هل يتحول لشخص غير مرغوب فيه ام ستغيره بلاده ؟

يبدو أن فواصل الجدل الذي أحدثته تصريحات السفير الأمريكي خلال الأسبوع الماضي لم تنته بعد، في أعقاب تصريحات للرجل وصفت بالمستفزة واستدعت وزارة الخارجية السودانية أمس، السفير الأمريكي جون غودفري، بعد أكثر من 5 أيام على خلفية ما أدلى به من انطباعات في حوار صحفي أخذ تفسيرات متعددة. ويأتي ذلك بعد أيام قليلة من بيان للسفارة الروسية بالخرطوم، قامت خلاله بتعنيف غودفري لتحذيره من مغبة إنشاء قاعدة روسية على شاطئ البحر الأحمر ووصفت حديث السفير الأمريكي بالسخيف .

(2)

وأبلغت مصادر واسعة الاطلاع (الانتباهة) أمس (الثلاثاء) عن استدعاء الخارجية للسفير الأمريكي على خلفية تصريحات صحفية تحدث فيها جون غودفري .

ويرى مراقبون أن السفير الأمريكي تجاوز الأعراف وقوانين السلك الدبلوماسي والذي لا يحق له التدخل في الشؤون السياسية بالبلاد معتبرين أن خطوة الخارجية تأتي في إطار صون سيادة البلاد وإن تأخرت.

وبدا واضحاً منذ وصول السفير الأمريكي للبلاد النشاط الذي أظهره خاصةً على المستوى السياسي بتواصله مع فرقاء الأزمة فضلاً عن زيارته لدارفور.

ويرى المحلل السياسي د. الكباشي البكري أن تدخلات السفارات الأجنبية في شؤون البلاد وخرق الأعراف الدبلوماسية بدا واضحاً خلال الآونة الأخيرة، ودعا محدثي وزارة الخارجية بضرورة أن تقوم بدورها الأكمل في ما يحقق متطلبات السيادة الوطنية التي لا مجاملة فيها.

(3)

الأسبوع الماضي شهدت الخرطوم تبادل تصريحات بين واشنطن وموسكو حيث إن سفير الأولى كان قد حذر في حوار مع “التيار”، الخرطوم من مغبة الاتجاه لإنشاء قاعدة روسية بقوله : (إذا قررت حكومة السودان المضي قدماً في إقامة منشأة بحرية في بورتسودان أو إعادة التفاوض حولها سيكون ذلك ضاراً بمصالح السودان ومن شأن ذلك يؤدي إلى مزيد من العزلة للسودان في وقت يريد معظم السودانيين أن يصبحوا أكثر قرباً من المجتمع الدولي ).

كما تطرق في ذات المقابلة للحديث عن الأوضاع الداخلية للبلاد والأزمة السياسية وسبل حلها. وبالمقابل فإن موسكو لم تتأخر بالرد حيث أصدرت بياناً شديداً عنفت فيه لغة سفير أمريكا وقالت إنه يحاول أن يتكلم مع الشعب السوداني بلغة التهديدات والإنذارات النهائية بشأن سيادة الخرطوم في سياساتها الخارجية وأشارت كذلك إلى أن حجج السفير الأمريكي حول النظام العالمي الحالي سخيفة، وتابعت أنهم عازمون على التطوير المتتالي للتعاون مع السودان على مبادئ الاحترام المتبادل والمنفعة المتساوية.

وبرر السفير علي يوسف سبب استدعاء جون غودفري بتكرار التصريحات المتعلقة بالأوضاع الداخلية بالبلاد وتنبيهه لتفادي مثل هذه الأحاديث، وتوقع يوسف في حديثه لـ(الانتباهة) رسائل مماثلة للسفراء الذين يدلون بأحاديث تمس السيادة السودانية والتدخل في الشوؤن الداخلية.

(4)

وتبقى اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية لسنة 1961م هي الحاكم للعلاقات الدبلوماسية وللأعراف والتي تمنح الحصانات بموجبها ويتم التعامل فيها بالمثل في كثير من تفاصيلها، ولعل تفعيل المادة (9) من الاتفاقية والتي تنص على : (للدولة المعتمد لديها في أي وقت وبدون ذكر الأسباب أن تبلغ الدولة المعتمدة أن رئيس أو أي عضو من طاقم بعثتها الدبلوماسي أصبح شخصاً غير مقبول أو أن أي عضو من طاقم بعثتها (من غير الدبلوماسيين) أصبح غير مرغوب فيه، وعلى الدولة المعتمدة أن تستدعي الشخص المعني أو تنهي أعماله لدى البعثة وفقاً للظروف، ويمكن أن يصبح الشخص غير مقبول أو غير مرغوب فيه قبل أن يصل إلى أراضي الدولة المعتمد لديها فإذا رفضت الدولة المعتمدة التنفيذ أو لم تنفذ في فترة معقولة الالتزامات المفروضة عليها في الفقرة الأولى من هذه المادة فللدولة المعتمد لديها أن ترفض الاعتراف للشخص المعني بوصفه عضواً في البعثة) .

ولعل وقائع طرد الدبلوماسيين في السودان كثيرة خصوصاً إبان حكم الإنقاذ والتي نفذت العديد من عمليات الطرد للدبلوماسيين أو السفراء الذين تدخلوا في الشأن الداخلي السوداني أوانتهكوا السيادة السودانية ولعل أشهرهم حادثة طرد المبعوث الأممي يان برونك من السودان في 2006م .وكذلك طرد رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي في السودان كينت دغرفلد والقائمة بالأعمال الكندية نوالا لاولور بإعلانهما شخصين غير مرغوب فيهما في 2007م .

وفي 2014م قام نظام البشير بإغلاق الملحقيات الثقافية الإيرانية في السودان وأمهل الدبلوماسيين الإيرانيين العاملين فيها (72) ساعة لمغادرة السودان بعد نشاط المراكز الثقافية الإيرانية في نشر المذهب الشيعي في السودان .

وفي 30 أكتوبر 2021م هددت السلطات السودانية بطرد السفير البريطاني في الخرطوم لتدخله في الشأن الداخلي وأمهلته حينها (21) يوماً للمغادرة، ثم لاحقاً تم السماح له بالاستمرار بعد اعتذاره .

ومن كل ما سبق يظل خيار الطرد مطروحاً كخيار أخير حال استمر السفير الأمريكي في التدخل في الشأن الداخلي السوداني كما يرى مراقبون واستبداله بأخرى كما ذكرت بعض المواقع الإخبارية

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.