السلطات المغربية والعدل والإحسان.. صراع متجدد لعقود
لازال الجدل مستمر في المغرب بين السلطات المغربية وجماعة العدل والإحسان، الجدل الذي استمر لثلاثة عقود بين الجهتين، ويعتبر من القضايا التي تؤجج الشارع المغربي ما بين رافض للجماعة ومؤيد للحكومة .
فصل جديد من التصعيد
ودخلت المواجهة المفتوحة بين السلطات المغربية وجماعة العدل والإحسان، فصلاً جديداً من التصعيد المستمر، بعد اعتقال ياسر عبادي، نجل زعيم الجماعة محمد عبادي، ثم متابعته في حالة سراح (الإفراج عنه مع الاستمرار في ملاحقته قانونياً) .
وجاء اعتقال ياسر عبادي بسبب تدوينة، وصف فيها النظام المغربي بـ “الديكتاتوري والإرهابي”، وسط تساؤلات عن حدود الحلقة الجديدة من المواجهة المستمرة منذ أكثر من 3 عقود ما بين الاثنين .
اتهام بالانتقام
وعقب اعتقال ياسر عبادي، سارعت الأمانة العامة للدائرة السياسية لجماعة العدل والإحسان إلى إصدار بيان اتهمت فيه الدولة بـ”الانتقام” و”تصفية الحسابات السياسية” و”الاستفزاز” .
وحملت الجماعة المسؤولية الكاملة للسلطات عن السلامة الصحية لنجل أمينها العام “في ظل الظروف التي لا تتوافر فيها شروط الوقاية الصحية في زمن انتشار فيروس كورونا”، ومطالبة “بإيقاف المتابعة، لانعدام أساسها القانوني والمادي” .
شماعة كبيرة
واعتبرت الأمانة العامة للدائرة السياسية أن اعتقال نجل زعيمها “شماعة لإثارة قضايا هامشية، من أجل التغطية عن فشل الدولة في توفير بدائل اجتماعية واقتصادية حقيقية وناجعة للفئات الهشة في البلاد .
كما أعتبرت ان الاعتقال في الوقت الحالي يعتبر ورقة هشة لتهديد كل صوت قد يفكر في التعبير عن معاناة الناس وحقوقهم .
جهود لمحاصرة كورونا
وجاء اعتقال نجل الأمين العام لـ”العدل والإحسان” بعد أيام من تنويه غير مسبوق للجماعة، عبر ذراعها في قطاع الصحة، بجهود الدولة لمحاصرة فيروس كورونا، داعية أتباعها وكل المغاربة للاستماع إلى أهل الاختصاص .
كما أنها عملت على تجميد كل أنشطتها واجتماعاتها، معلنة استعداد أطرها للمزيد من الانخراط التام في كل المبادرات والأشكال التعبوية الهادفة إلى التصدي لهذه الجائحة ومساعدة المتضررين في البلاد من آثارها .
لا شك أن الاعتقال لا يمكن أن يُصنف في خانة المواجهة بين الدولة والجماعة، بصرف النظر عن هذه الفورة الحقوقية والرقمية التي انخرطت فيها قيادات وأتباع “العدل والإحسان” .
والمتابعة القانونية لياسر عبادي جاءت بناء على مقتضى النصوص القانونية المسطرة في القانون الجنائي المغربي، وهي المتابعة نفسها التي يمكن أن تطاول أي مدون رقمي يتفاعل مع التدوين، دون الأخذ بعين الاعتبار التبعات القانونية لهذا الأمر .
ويتعين أن نأخذ بعين الاعتبار أن الدولة المغربية اليوم تعيش حالة طوارئ قصوى، وبالتالي هذه المتابعة لنجل زعيم الجماعة، حتى من دون أن تكون في حالة طوارئ، تبقى خاضعة لمقتضى النصوص القانونية الصريحة في البلاد .
تاريخ قديم من الصراعات
ويسود التوتر العلاقة بين “العدل والإحسان” والسلطات المغربية، بالنظر إلى مواقف الجماعة المعارضة للدولة .
كما أن جماعة الإحسان لم يسبق لها المشاركة في أية انتخابات من قبل، إذ تعتبر المشاركة فيها “عبثاً” بالنظر إلى معرفة النتائج مسبقاً، لكون “المخزن” حسب ما تقول، وهو تعبير يطلق على نظام بيروقراطي يتألف أساساً من الملك وأعوانه، هو من يحكم وليس الحكومة .
وتأسست جماعة ” العدل والإحسان” في نهاية سبعينات القرن الماضي، على يد الشيخ عبد السلام ياسين (1928-2012)، وتعتبرها السلطات “جماعة محظورة”، فيما تقول “العدل والإحسان” إنها حصلت على ترخيص رسمي في ثمانينيات القرن الماضي .