العدل والمساواة .. الهروب من مسؤولية فشل اتفاق جوبا !

ارتفعت الأصوات منادية بإلغاء اتفاق جوبا الذي يعده الغالبية بأنه أحد أكبر التحديات التي تعرقل الانتقال الديمقراطي واستمرار الانقلاب ، فيما ظهرت مؤخراً تجاذبات جديدة كانت متوارية خلف كواليس التفاوض فجرتها المطالبات بمراجعة “اتفاق جوبا” لسلام السودان، وفي المقابل رفض قادة الحركات المساس بالاتفاق بل هددوا بالعودة الى الحرب حال أي محاولة لإلغائه او مراجعته ، قبل ان تعترف حركة العدل والمساواة على لسان نائب أمينها الاعلامي بفشل الاتفاق لجهة ما تم تنفيذه قدر يسير ،وأرجعت الحركة ذلك الى محاولة بعض القوى الاستئثار بالسلطة ، والى الأصوات المعادية للسلام من دُعاة الحرب التي سخرت آلتها الإعلامية لتضليل الشارع والمناداة بإلغائه حسب قوله .

وقال نائب أمين إعلام الحركة حسن إبراهيم فضل، في بيان حسب ما اورده موقع “سودان تربيون” ، إنه “للأسف، بعد عامين من توقيع اتفاق السلام لم يتم تنفيذ سوى جزء رمزي لبعض البروتوكولات” .

وأرجع حسن التعثر إلى العقبات التي اعترت عملية التنفيذ ومسيرة الانتقال بسبب محاولة بعض القوى الاستئثار بالسُّلطة ومقدرات الوطن، لترتفع أصوات القوى المعادية للسلام من دُعاة الحرب التي سخرت آلتها الإعلامية لتضليل الشارع والمناداة بالغائه.

وتعرض اتفاق السلام الذي ابرمته الحكومة مع الجبهة الثورية في اكتوبر 2020م ، لانتقادات لاذعة لجهة أنه لم يحقق السلام على الأرض ، بل تسبب في تدهور الوضع الأمني في المناطق التي تمثلها هذه الحركات وتزايدت حدة العنف أكثر من ذي قبل بترك القضايا الاساسية المرتبطة بالسلام الاجتماعي والتنمية واعادة النازحين الى قراهم وانشغالهم بتقاسم السلطة والثروة والاستقطاب القبلي للحفاظ على مواقعهم الدستورية ، بيد أن قادة الحركات ساهموا في تقويض الوثيقة الدستورية بتآمرهم مع المكون العسكري في انقلاب اكتوبر 2021م، وبالرغم من فشل الاتفاق في ارساء السلام الاجتماعي واستقرار الوضع الأمني في دارفور والنيل الأزرق وشرق السودان ، تمسك قادة الحركات بالاتفاق بل هددوا بالعودة الى التمرد لمجرد الحديث عن مراجعته او الغائه.

ومؤخراً ارتفعت اصوات عديدة من أبناء اقليم دارفور نفسه بضرورة إلغاء الاتفاق الذي وصفوه بالنخبوي ولم يلبي أشواق أبناء دارفور في السلام والأمن والاستقرار ، بل ذهب البعض أنه لا يمثل إلا قادة الحركات الذين انزوا بعيداً عن القضايا الأساسية للاقليم واهتموا بالعراك حول الكراسي.. ودعا هؤلاء بالغاء الاتفاق بحجة ان قادة الحركات لا يمثلون مواطني دارفور واستأثروا بالوظائف والثروة على جثث الشهداء ومعاناة سكان المعسكرات!

وحسب ما اورده موقع (سودان تربيون) أقرت حركة العدل والمساواة التي يترأسها وزير المالية جبريل إبراهيم بتعثر تنفيذ بنود اتفاق السلام، حيث نُفذ جزء رمزي لبعض بروتوكولاته بعد مرور عامين على التوقيع.

وتضمن اتفاق السلام، الذي وُقع بين حكومة الانتقال وتنظيمات الجبهة الثورية في 3 أكتوبر 2020، 273 بندًا لم يُنفذ منها سوى تقاسم السُّلطة فيما البنود الحيوية مثل الترتيبات الأمنية وإعادة النازحين و اللاجئين إلى مناطقهم تعثرت.

وعلقت الدول الغربية والمؤسسات المالية العالمية مساعدات وقروضاً بمليارات الدولارات، بعضها خُصص لتنفيذ اتفاق السلام، بعد الانقلاب العسكري في 25 أكتوبر 2021 الذي أيدته أطراف الاتفاق وتقاسمت معه السُّلطة.

وتنامت أصوات الرفض لاتفاق السلام نتيجة لتأييد أطرافه الحكم العسكري وتقاسم السُّلطة معه، حيث برز الغاؤه في الميثاق الثوري لتأسيس سلطة الشعب الذي طرحته لجان المقاومة التي تنظم الاحتجاجات ضد حكم قادة الجيش.

وابدت حركة العدل والمساواة قلقها العميق ازاء البطء الشديد في تنفيذ اتفاق السلام والهجوم “الغوغائي وغير المسؤول على الاتفاق وأطرافه والوضع غير الإنساني الذي يعيشه النازحون”.

ودعا حسن إبراهيم فضل الشركاء إلى تسريع تنفيذ الاتفاق واستكماله مع الحركات الأخرى غير الموقعة، متعهدًا بالعمل على تتفيذه خاصة إعادة النازحين واللاجئين وتأمين قرى العودة الطوعية والكشف عن مصير المفقودين والأسرى.

واعتبر المراقبون اعتراف العدل والمساواة بفشل سلام جوبا نوعاً من محاولة لامتصاص غضب الشارع الذي بات يتذمر من سياسات وزير المالية التي زادت معاناة المعيشة وتسببت في التدهور الاقتصادي بشكل كبير ، بيد أن القوى السياسية وجدت ضالتها في الفشل السياسي لقادة الحركات لضرب الانقلاب الذي تسانده الحركات المسلحة ، وقال المحلل السياسي د. عبد اللطيف محمد عثمان إن حديث نائب أمين اعلام الحركة تكتيك مفضوح ولن يقنع الرافضين من القوى السياسية او مواطني دارفور “أصحاب القضية ” للاتفاق التراجع عن مطالبهم .. واعرب عبد اللطيف عن دهشته من تعليق العدل والمساواة فشل الاتفاق على شماعة بعض القوى التي اتهمها بمحاولة الاستئثار بالسلطة ومقدرات الوطن، وتلك التي ترتفع أصواتها المعادية للسلام والمنادية بالغاء الاتفاق ،وقال ” من الغريب ان الذين استأثروا بالسلطة هم قادة الحركات وحديثه عن قوى تحاول الاستئثار بالسلطة يدحضه الواقع”.

وأضاف عبد اللطيف في حديثه لـ “الحراك”: إن الشارع السوداني والدارفوري على وجه الخصوص بات مدركا وواعيا لما يحدث من استهبال سياسي من قادة الحركات المسلحة ولن ينساق وراء فرياتهم .”

ومن جهته سخر الكاتب الصحفي والمحلل السياسي عمار ابراهيم من خطاب الحركات المسلحة الذي يحاول تحميل مسؤولية فشل الاتفاق لقوى غيرها ، وقال عمار لـ “الحراك السياسي: ” اتفاق جوبا من الوهلة الأولى كان فاشلا عندما تقسم الى مسارات في مكر سياسي مارسته حركات دارفور على الوفد الحكومي قليل الخبرة في التفاوض ” مشيراً إلى أن الحديث عن اصوات معادية للسلام غير مجدٍ لاستدرار عاطفة الشارع الدارفوري الذي يعاني من تبعات الاتفاق أكثر من غيره بسبب الخطاب الجهوي والاثني الذي يوجه له بسبب سياسات قادة الحركات في ادارة الدولة .

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.