الغرب و فولكر يمهّدون الطريق للمذبحة القادمة
إلا أن أخطر ما في كلامه نجده يتحدث عن جهات، لا يسمّيها، برغم أنه يصفها بأنها مفسدة لا يريدون الديموقراطية، كما لا يريدون الديموقراطي. فهو يقول بالنص:
“لكن دعوني أكون واضحاً: هناك أيضاً مفسدون لا يريدون الانتقال إلى الديمقراطية أو يرفضون الحل من خلال الحوار. على الأطراف السودانية ألا تسمح لمثل هؤلاء المفسدين بتقويض فرصة إيجاد مخرج تفاوضي للأزمة وبالتالي السماح بتعيين حكومة متفق عليها مع برنامج عمل لما تبقى من الفترة الانتقالية”.
هذا هو أخطر ما في إحاطته! وبما أنه لم يتجرأ (أو لم يُرِدْ متعمّداً) أن يسمّي هذه الجهات، عندها لا يبقى أمامنا إلا أن نتّهمَه هو شخصياً، ثم كل هيئة الأمم المتحدة ومجلس الأمن (دون أن نكلّف أنفسَنا مشقة أن نذكر الاتحاد الأفريقي والإيقاد، كونهما مجرد جسمين تابعين poodling bodies) أنهم بذلك يعطون الضوء الأخضر لأجهزة القمع الرسمية، ثم لمليشيات الجنجويد ومليشيات الكيزان العائدة بقوة إلى المشهد السياسي بارتكاب أفظع جريمة يمكن تصورها ضد لجان المقاومة وكل القوى الثورية التي تقف مع لجان المقاومة في خندق واحد. فهو لا يكتفي بدمغ لجان المقاومة والقوى الثورية بالمُفسدة، بل يذهب أبعد من ذلك، محرّضاً القوى السياسية الأخرى (أيضاً دون أن يذكرها بالاسم) لاتخاذ مواقف متشددة من هؤلاء المفسدين. دعونا نراجع ما قاله: “على الأطراف السودانية ألا تسمح لمثل هؤلاء المفسدين بتقويض فرصة إيجاد مخرج تفاوضي للأزمة وبالتالي السماح بتعيين حكومة متفق عليها مع برنامج عمل لما تبقى من الفترة الانتقالية”. يقول هذا دون ان يبيّن الكيفية التي يمكن للأطراف السودانية [هكذا مرسلةً وغير محددة] بأن تتخذ الإجراءات اللازمة لإيقاف هؤلاء المفسدين في حدّهم. ولكن ما هي هذه الجهات المفسدة؟ بحسب ألفاظه، إنها الجهات التي ترفض الحل التفاوضي! ولكن مع من ينبغي عليها أن تتفاوض؟ بالطبع مع العسكر والجنجويد! إذن فهذه هي لجان المقاومة بلاءاتها الثلاثة وجميع القوى الثورية التي تقف معها في خندق واحد، وبالطبع على رأسها يأتي الحزب الشيوعي بمواقفه الوطنية الناصعة. وهكذا تبدأ خيوط المؤامرة لتدبير المذبحة القادمة!
وكنا في مقالات سابقة قد شرحنا سيناريوهات هذه المذبحة التي تبدأ، أولا، بتصعيد حملة منظمة ضد الحزب الشيوعي لمواقفه الوطنية، ذلك بتصويره على أنه مجرد حركة إلحادية، كافرة، ينبغي استئصال شأفتها تكريسا للهوية الإسلامية للسودانيين. ثانيا، بإطلاق صفة “الشيوعي الكافر الملحد” على جميع الأشخاص والتنظيمات والمنظمات التي تقف مع لجان المقاومة في خندق واحد. ثالثا، بتصوير لجان المقاومة بأنها صنيعة من صنائع الحزب الشيوعي. هذه المذبحة، كما ذكرنا في تلك المقالات، سوف تستند على ضوء أخضر من قوى الإمبريالية، يأتي تلميحا، لا تصريحا (بالضبط مثلما يفعل فولكر هنا). ثم يبقى على القوى الانقلابية، بعسكرها وجنجويدها وحركاتها المسلحة، بالإضافة إلى الكيزان العائدين بمليشياتهم (500 ألف مقاتل مدرب، باستخدام كلمات الكوز أمين حسن عمر)، أن تبتلع الطُّعم، طُعم الضوء الأخضر، وبعد ذلك سوف تقلب قوى الإمبريالية العالمية ظهر المِجَن لكل القوى الانقلابية لتملأ العالم صراخا وضجيجا، تنديدا بهذه المذبحة التي ارتُكبت بدم باااااارد. ثم تبدأ الإحالة إلى محكمة الجنايات الدولية والعقوبات، بغية تغيير هذا النظام الدموي، وهو ما سيحدث. لكن لماذا؟ أولا، لتنظيف البلاد من أي تيارات أو تنظيمات ثورية تقف ضد الإمبريالية العالمية وضد الاستعمار الجديد؛ ثانيا، بإحلال قوى الهبوط الناعم في محل القوى الإنقلابية والجنجويدية وحركاتها المسلحة، بجانب كنس الكيزان العائدين. عندها سوف لن تستلم قوى الهبوط الناعم السلطة، مدّعيةً أنها لا علاقة لها بالمذبحة فحسب، بل سوف تتظاهر بأنها ظلت تدعو باستمرار لتغليب صوت الحكمة وقبول الشراكة مع العسكر والجنجويد والكيزان تجنيباً للبلاد من المذبحة نفسها. لكن على من ستنطلي مثل هذه الأخاديع؟
وبالطبع ما لا يعلمه الكيزان الأغبياء أن القوى الانقلابية والجنجويدية والحركات المسلحة سوف تقوم بتحميلهم تبعة هذه المذابح، متبرئين منهم، ربما بحيث ينتهي الأمر بتصفيتهم هم (أي الكيزان) حتى تُستأصل شأفتُهم تماما، دون أن يجدوا من يبكي عليهم، إذ لا يحيق المكرُ السيء إلا بأهله. وقد رأينا رأى العين كيف ابتلع صدام حسين، بكل غباء أيديولوجي، هذا الطُّعْم عندما صدق تطمينات أمريكا بأنها لن تتدخل في حال نشوب صراع بينه وبين الكويت. وقد انتهى به الأمر أن أخرجوه من جُحره كما يخرجون الفأر ليتم إعدامُه صبيحة العيد. هذا بالضبط ما يرمي إليه فولكر، بوصفه ممثلا للأمم المتحدة، وهذه بوصفها ذراع الإمبريالية العالمية، ذلك عندما يتكلم أن هناك جهات مفسدة، لا تؤمن بالحلول التي تأتي عبر الحوار … إلخ كلامه.
بالطبع، سوف تؤول مهمة فولكر إلى فشل ذريع مهما تظاهر بأن هناك أملا لمخططه الإمبريالي. إلا أننا، وفي هذه المرحلة الحرجة من تاريخنا ونحن نقف أمام تحدي أن نكون أو لا نكون، علينا أن نقوم بتسمية الأشياء بمسمياتها وبدون رتوش. ان الإحاطة التي قدمها فولكر للأمم المتحدة هي بمثابة بصقة في وجه الشعب السوداني. والأمر كهذا، علينا أن نرسم خطوطنا الحمراء التي لا يجب تجاوزها إلا ووقع المرء في خانة الخيانة الوطنية. إن الخط الأحمر العاجل هو أن الذين يقبلون بالتعامل مع بعثة الأمم المتحدة (يونيتامس) ليسوا سوى خونة للوطن، لا يستحقون أن ينالوا شرف الانتماء إلى هذا الشعب العظيم، ولا لهذا البلد العظيم. هذا هو الخط الأحمر العاجل! وكذلك علينا أن نرسم خطاً أحمر يقضي بعدم وطنية جميع القوى السياسية والاجتماعية والمدنية والنقابية التي تتجاوز اللاءات الثلاثة للجان المقاومة وتقبل بالتسوية والجلوس مع العسكر والجنجويد والكيزان.
وبعد، الخطوة القادمة هي تقوية لجان المقاومة بدعم موقفها المتمثل في اللاءات الثلاثة، ثم تصعيد حملة ضد بعثة الأمم المتحدة بوصفها ذراعا للاستعمار الجديد. وبعدها العمل على تصعيد وتيرة الثورة إلى أن تسقط ثاني وثالث ورابع، ومدنيااااااااااااااااو، والعسكر للثكنات والجنجويد ينحل، ولتسقط الأمم المتحدة وقوى الإمبريالية العالمية والخزي والعار للكيزان ولقوى الهبوط الناعم!
المجد والخلود للسودان وللشعب السوداني ولشهداء الثورة السودانية!
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.