الوضع الاقتصادى الراهن ومآلات المستقبل فى العام المقبل

يواجه الإقتصاد السودانى خلال العام المقبل 2023 تحديات خطيرة قد تؤدي إلى انهيار سياسى وامنى فى السودان ما لم تتم معالجة هذه التحديات من الآن ، وقد بدأت بذرة هذه المشاكل نتيجة للصراع السياسى الذي اصاب الحاضن السياسى للحكومة المدنية فى الفترة الماضية (قحت) الأمر الذي تسبب فى وضع سياسى غير مستقر والذي ألقى بظلال سالبة على كل مناحى الحياة فى الدولة ، ولتوضيح الفكرة بصورة مبسطة دعونا فى البداية نتعرف على شقى موازنة الدولة، شق الايرادات وشق المصروفات ، علما بأن زيادة المصروفات على الإيرادات يخلق عجز فى الموازنة يستدعى طباعة نقود جديدة لتغطية العجز وكلما زادت تغطية العجز بطباعة عملة ورقية جديدة كلما زاد معدل التضخم فى فترة لا تتجاوز 45 يوم من إدخال العملة الجديدة حيز التداول.
من المفترض طرح سياسات نقدية يصدرها البنك المركزى لتحييد العملة الإضافية للحيلولة دون تسببها في زيادة التضخم ولكن لا توجد هذه الآدوات لأسباب سنتحدث عنها فى مقال منفصل لاحقا .

بعد هذه المقدمة فيما يلى توضيح للمهددات التى ستواجه الاقتصاد السودانى فى العام المقبل ، والمهددات الموضحة ادناه سوف تؤدى إلى تأزيم الوضع الاقتصادى من خلال زيادة المصروفات وتقليص الايرادات فى موازنة الدولة الأمر الذي سيوسع حجم عجز الموازنة وبالتالى قد يؤدى إلى انفلات وتسارع فى وتيرة التضخم وانخفاض سعر الصرف ، فهناك أربعة مهددات رئيسية تواجه الحكومة الحالية فى ادارة الإقتصاد خلال العام الجديد المقبل :

المهدد الأول : إستحقاقات إتفاق جوبا الذي سيصبح عبء ثقيل على ميزانية الدولة المنهكة اصلا فى حال محاولة الحكومة الايفاء بمطلوباته او جزء منها وفقا لموارد الدولة المتاحة.

المهدد الثانى : زيادة الجبايات الحكومية من ضرائب مباشرة وغير مباشرة أدت وستؤدي الى انكماش الإنتاج الكلي الأمر الذي سيخفض الوعاء الضريبي وبالتالي سيوسع عجز الموازنة نتيجة لتراجع الإيرادات الضريبية.

المهدد الثالث : عدم استقرار الوضع السياسى فى الداخل في حال استمرار الوضع الراهن والذي يترتب عليه احتجاجات أسبوعية تستدعي رفع الصرف على الأمن الداخلى هذا بجانب المطالبات الفئوية لرفع الأجور فى العام المقبل وزيادة الصرف نتيجة لتكوين المجلس التشريعى واستكمال بقية هياكل السلطة فى الفترة القادمة في حال تكوين حكومة مدنية جديدة.
المهدد الرابع : تعثر كثير من البنوك التجارية نتيجة لضيق فرص الاستثمار في الداخل وتراجع الإنتاج وارتفاع التضخم الذي سيزيد تعثر سداد التمويل للبنوك والذي سيكون بداية الانهيار الاقتصادي.

ما هي الإجراءات المطلوبة لمواجهة التحديات الاقتصادية الماثلة فى العام القادم ؟؟
أولا : تأمين الدعم الخارجى لموازنة الدولة لأن جزء معتبر من موارد الميزانية يعتمد على الدعم الخارجى فى شكل هبات ومساعدات خارجية وهذا لن يتحقق الا بعد تكوين حكومة مدنية انتقالية ولو بشراكة مع العساكر ، مع حشد دعم الدول العربية والدول الغربية الصديقة لدعم استحقاقات سلام جوبا خاصة اتفاقيتى دارفور والمنطقتين والغاء بقية مسارات اتفاق جوبا.
ثانيا : وضع وزارة المالية يدها على موارد الدولة خاصة الشركات الرمادية وتحصيل ايرادات ضريبية على نطاق اوسع .
ثالثا : الاستفادة من ايرادات الذهب لدعم تثبيت سعر الصرف .
رابعا : بذل كل الجهد الممكن لاستقرار الوضع السياسى الداخلى وتوحيد الصف الوطنى فى الداخل.

بروفيسور ابراهيم اونور
جامعة الخرطوم

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.