عانى اليمن كثيراً من ويلات الحروب التي عملت على تشريد الآلاف وتأخير الهضة والتطور العمراني الذي كان يحلم به المواطن اليمني، وباتت الحروب هي ما يسيطر على الأجواء .
تأجيج الأزمة
وينزلق اليمن إلى نفق مظلم، وذلك قبل أيام من دخول الحرب، التي يشنّها التحالف السعودي الإماراتي في البلاد، عامها السادس .
ففي الوقت الذي يسعى فيه الحوثيون للانقضاض على أكبر رقعة جغرافية في البلاد المتشرذمة، بعد سيطرة شبه كاملة على الجوف وتداعي هدنة الحديدة، تأججت الأزمة بين السعودية و”المجلس الانتقالي الجنوبي“، المدعوم إماراتياً، بشكل غير مسبوق .
وتأجج الوضع بين المملكة العربية السعودية والإمارات، يجعل العاصمة المؤقتة عدن مرشحة لجولة جديدة من العنف الذي لا يتمنى اليمنيون حدوثه بأي حال من الأحوال .
تبخر الحلم
وفي فبراير الماضي، كانت الكفة تُرجح فرص سلام بدأت تلوح في الأفق بقوة، ابتداء من رفع الحظر الجزئي عن مطار صنعاء الدولي وتسيير رحلات إنسانية لنقل حالات مرضية إلى الخارج، وصولاً إلى تفاهمات بين الحكومة اليمنية والحوثيين على إبرام أكبر صفقة تبادل أسرى منذ بداية الحرب، لتشمل 1420 أسيراً ومعتقلاً من الجانبين .
واتفق الجانبان على أن يتم تنفيذ الصفقة قبل نهاية مارس الحالي، وغيرها من مؤشرات بناء الثقة، لكن كل ذلك بدا أنه قد تبخر مع مطلع الشهر الحالي .
وصعّد الحوثيون الموقف عسكرياً بشكل مفاجئ. فبعد السيطرة على عاصمة محافظة الجوف وغالبية مناطقها، اتجهت أنظارهم نحو محافظة مأرب، الغنية بالنفط والغاز، شرقاً، فضلاً عن هجمات عنيفة على المناطق الشمالية في محافظة الضالع جنوباً.
وفي الساحل الغربي، يبدو أن الهدنة الهشة، التي ترعاها الأمم المتحدة في الحديدة منذ 15 شهراً، في طريقها للانهيار بعد تصاعد الخروقات، وسحب الحكومة الشرعية لممثليها في لجنة التهدئة ومراقبة وقف إطلاق النار.
وفي آخر إحاطة له أمام مجلس الأمن، أبدى المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث تخوّفه من التدهور الجديد.
منعطف حرج
وأوضح غريفيث أن اليمن “يمر بمنعطف حرج” وتصعيد يمكن أن يؤدي إلى “صراعات في محافظات أخرى، ويجُر البلد إلى دائرة جديدة وغير مسؤولة من العنف”.
ومن المرجح أن غريفيث قد فشل في إقناع الحوثيين بخفض التصعيد وعدم اجتياح مأرب. فعلى الرغم من وصفه للقاء الذي جمعه بزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي بـ”البنّاء”، إلا أن المبررات التي ساقها قادة موالون للحوثي، ينحدرون من مأرب، تؤكد أنهم ماضون لاجتياحها، بهدف وضع اليد على منابع النفط والغاز والتحكّم بمحطة مأرب الغازية في منطقة صافر فقط، من دون الدخول إلى مركز مدينة مأرب .
وكان الحوثيون قد دفعوا بمبارك المشن وحسين حازب وعلي محمد طعيمان ومحمد الأمير، وجميعهم قيادات مأربية موالية لهم، من أجل إظهار أن أبناءها هم من سيدخلها.
لكن اللافت أن الحديث عن الجانب الإنساني والتعرض للمسافرين عبر مأرب لم تكن التبريرات الوحيدة من تلك القيادات للمبعوث الأممي للهجوم المحتمل، بل أفصحت بشكل صريح عن “حق” جماعة “أنصار الله” (الحوثيين) بالنفط والغاز .
وذلك عندما “نددت جماعة أنصار الله بما يجري في مأرب من استحواذ للسلطة والثروة”.
وحالت الضربات الجوية المكثفة لمقاتلات التحالف، الذي تقوده السعودية، خلال الأيام الماضية، دون إكمال الحوثيين سيطرتهم على الطريق الدولي الرابط بين الجوف ومأرب باتجاه صافر، لكن مصادر عسكرية أكدت أن تحشيدات مكثفة للحوثيين تصل تباعاً إلى مدينة الحزم، بهدف شن عملية عسكرية باتجاه المحافظة النفطية .
