انقلاب البشير كان إنقاذ للسودان من وحل التدهور الأمني والسياسي والاقتصادي الذي سببته حكومات الاحزاب

في العام 1985 وفي السادس من أبريل أطاح الشعب السوداني بالرئيس الأسبق جعفر نميري الذي حكم السودان 16 عاما. وبعد عام واحد من الانتفاضة الشعبية في 6 أبريل 1985 ، شهدت البلاد انتخابات حرة فاز فيها حزب الأمة وتم تشكيل حكومة ائتلافية مع الحزب الاتحادي الديمقراطي. في عام 1989 تم ائتلاف آخر بين حزب الأمة والجبهة الإسلامية القومية وعلى أثره تم تعيين د.حسن الترابي المنتمي إلى الجبهة الإسلامية القومية في منصب نائب رئيس الوزراء. إلا أن الجبهة سرعان ما استقالت من الحكومة بعد أن دخل الصادق المهدي في محادثات سلام مع الحركة الشعبية لتحرير السودان تم بموجبها اتفاق بين الحكومة والحركة الشعبية على وقف إطلاق النار، تبعه إلغاء قانون الشريعة وحل حالة الطوارئ، وإبطال الأحلاف العسكرية مع مصر وليبيا. وفي الثلاثين من يونيو من نفس العام تم إسقاط حكومة الصادق المهدي بعد انقلاب قاده العميد عمر البشير، حيث قامت الحكومة الجديدة بحل كل من البرلمان والأحزاب السياسية ونقابات العمال.
تمر الآن أكثر من ثلاث سنوات ونصف على إسقاط نظام البشير الذي حكم البلاد لمدة 30سنة كاملة عقب انقلاب عسكري نفذه رفقة رفاقه من المجلس الثوري وبمساعدة الدكتور حسن الترابي زعيم الجبهة الإسلامية القومية، والذي على إثره تم إنهاء حكم الرئيس الصادق المهدي وتعيين البشير نفسه حاكما على السودان منذ ذلك الوقت إلى غاية 12 من أبريل 2019 أين تم هو الآخر عزله بعد قيام ثورة شعبية لمدة أربعة أشهر طالبت فيها بعزل الأخير وهو ما تم على يد وزير دفاعه عوض بن عوف، ويعود السبب الرئيسي لقيام هذه المظاهرات زيادة سعر رغيف الخبز وسعر الوقود وتدهور الوضع الإقتصادي في البلاد.
ومن المعروف أن قرار تنحية البشير جاء بعد اتفاق ضباط في جيشه عليه ومن بينهم وزير الدفاع عوض بن عوف و المفتش العام للجيش عبد الفتاح البرهان، الذي قام هو الآخر بعزل عوض بن عوف يومان فقط منذ توليه أمر الحكم ليعلن نفسه رئيسا للمجلس العسكري الإنتقالي.
وبالحديث عن الإنقلابين، انقلاب 1989 الذي قاده البشير ضد حكومة الصادق المهدي وانقلاب 2019 الذي قاده عوض بن عوف ضد البشير، نجد أنهما تحت قيادة العسكر، وجاءا بعد تدني ظروف المعيشة وغلاء الأسعار وتدهور الوضع الإقتصادي والإجتماعي والتعليمي في البلاد، والغرض من كلاهما هو إنقاذ البلاد مما كانت عليه، ولكن ما نلاحظه هو أن مدبري انقلاب 1989 تتم محاكمتهم على محاولتهم لإنقاذ البلاد بينما لا تتم محاكمة مدبري انقلاب 2019 رغم أن منفذيه حذو نفس حذو البشير وجماعته في انقلابهم.
ولمن لم يطلع جيدا على ما كانت عليه السودان قبل انقلاب 1989 فسيبدو له أنه جريمة وخطأ كبير قام به البشير ورفاقه، ولكن عندما يتم كشف الحقائق تتضح الأمور جيدا بأن الإنقلاب آنذاك كان حتميا وكان تحت رغبة الشعب السوداني والدليل موجود في فيديوهات في اليوتيوب عندما خرج الملايين من الشعب السوداني صباح الإنقلاب يؤيدون البشير ويؤكدون دعمهم له، كما أوضح لهم هو الآخر في خطابة الأول بعد انقلاب 1989 عندما قال: “أن الإقتصاد قد تدهور بصورة فظيعة وفشلت كل سياسات حكومة الصادق في إيجاد الحلول، وقد ترتب على هذا زيادة التضخم وغلاء الأسعار و أصبح المواطنون يعيشون على حافة الجوع وانهارت جميع المؤسسات التعليمية والصحية وقل الإنتاج بعد أن كان السودان مصدرا للغذاء أصبح يتسول، كما انتشر الفساد في كل مؤسسات الدولة، لذا كان واجبا علينا الإقدام على هذه الخطرة لإنقاذ البلاد من الهلاك”.
لابد لكل من يبحث عن الحقيقة أن يجد أن انقلاب 1989 كان الغرض منه هو إنقاذ السودان من الوضع الكارثي الذي نتج عن السياسة الفاشلة لحكومة الصادق المهدي.

حاكم “المجلس الثوري” وزعيم الانقلاب العسكري اللواء عمر البشير(وسط) يرحب بضباط آخرين في المجلس الثوري، وقد تولى السلطة بعد الإطاحة بالحكومة المدنية برئاسة الصادق المهدي في انقلاب في 30 يونيو 1989
إذ سبق للبلاد أن شهدت جولات من المحاولات الانقلابية بدأت منذ الاستقلال عن بريطانيا عام 1956، نجحت منها أربع، وقادت منفذيها إلى سدة الحكم، فيما فشلت أخرى، وأدت بالمشاركين فيها إلى الإعدام. وهذه لمحة عن أبرز المحاولات الانقلابية في السودان:
أدى لاستقرار الوضع حتى عام 1985 عندما عصفت ثورة شعبية بنظام النميري.
انقلاب 25 مايو 1969: قاده العميد آنذاك جعفر محمد النميري ومجموعة من الضباط المحسوبين على الحزب الشيوعي والقوميون العرب. ليصبح بعدها النميري رابع رئيس لجمهورية السودان.
12 أبريل عام 2019: أعلن وزير الدفاع السوداني عوض بن عوف عزل الرئيس عمر البشير واعتقاله، وبدء فترة انتقالية لعامين تتحمل المسؤولية فيها اللجنة الأمنية العليا والجيش. بعد يومين أعلن مفتش عام جيش السودان الفريق عبد الفتاح البرهان نفسه رئيساً للمجلس العسكري الانتقالي، بعد تنحي عوض بن عوف.   
ويرى نمر أن 30 يونيو، تاريخ مهم للسودان “أيا كان تقييم الآخرين للإنقاذ”، ويؤكد أن الإنقاذ منحت السودانيين الهوية، بجانب تنفيذ مشروعات كبيرة وعديدة في مجال البنية التحتية
لكن نمر يؤكد أن الفترة التي سبقت مجيئ “الإنقاذ” تشكل خلالها رأي عام ينشد التغيير، ما جعل حدوثه في يوم الجمعة 30 يونيو 1989 شيئا مبررا ومطلوبا، لوضع حد لحالة عدم الاستقرار السياسي والإقتصادي التي كانت سائدة بالسودان في ذلك الوقت.
لم يتعرض نظام النميري بعد العام 1976 لأية محاولة انقلابية الى ان عصفت به ثورة شعبية عارمة في 6 ابريل (نيسان) 1985 عرفت بـ«انتفاضة ابريل» واعادت النظام الديمقراطي.

  • انقلاب يونيو (حزيران) 1989:
    تناحرت الاحزاب من جديد بعد الاطاحة بالنميري، ونشطت خصوبة الارض لنشوء الانقلابات العسكرية في البلاد فجاء انقلاب الرئيس عمر البشير في 30 يونيو العام 1989 بمساعدة الاسلاميين في السودان بزعامة الدكتور حسن عبد الله الترابي وحزبه المعروف انذاك بـ«الجبهة الاسلامية القومية».
    ومنذ 19 ديسمبر الماضي خرج السودانيون في مظاهرات ضد الحكومة التي رفعت أسعار الخبز، لكن سرعان ما تحولت التظاهرات إلى احتجاجات تطالب بإزاحة البشير، وهو الأمر الذي تحقق على يد وزير دفاعه بن عوف.
    وفي 30 يونيو/حزيران 1989، نفذ البشير انقلابا عسكريا على حكومة رئيس الوزراء الصادق المهدي وتولى منصب رئيس مجلس قيادة ما عُرف حينها بـ”ثورة الإنقاذ الوطني”، وخلال العام ذاته أصبح رئيسا للبلاد..

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.