بعد اعلان تقرير المصير.. شرق السودان .. إلى أين؟
عادت مرة أخرى إلى السطح قضية شرق السودان، لكن بثوب جديد، وهو المطالبة بتقرير المصير، والإعلان عن عدم الاعتراف بحكومة الخرطوم، ولا بأي سلطة، أو مؤسسة، أو إدارة مركزية أخرى، قبل التوصُّل إلى اتفاق بين سلطة الإقليم وحكومة السودان.
مجلس نظارات البجا والعموديات المستقلة
خلال الـثلاث سنوات الماضية ظلت قضية شرق السودان حاضرة في الساحة السياسية، ويعتقد البعض أنها قضايا مطلبية تحولت إلى سياسية بأيدي أبناء الإقليم أنفسهم، وكان مسار شرق السودان باتفاق جوبا للسلام الرصاصة التي فجرت الأزمة بين أبنائه، وكانت النتيجة استشهاد عدد منهم.
لكن الآن الصراع اتخذ شكلًاآخر، ونتج من مجموعة كانت إلى وقت قريب تدعي أنها تمثل أغلبية شرق السودان ووضعت جملة من المطالب على طاولة الحكومة المركزية لتنفيذها، ووصلت مطالبهم مرحلة معقدة، وتم إغلاق شرق السودان، بالتالي تضرر السودان كله من هذا الأمر، فالمجموعة اختارت أن تطلق على نفسها المجلس الأعلى لنظارات البجا والعموديات المستقلة، وخرجت مجموعة من هذا المجلس تطالب بحق تقرير المصير لإقليم الشرق باعتباره أحد مقررات مؤتمر سنكات، وأعلنت أنها لن تتنازل عنه أبدًا .
ترك يتبرأ من تقرير المصير
لكن رئيس تنسيقية شرق السودان، ورئيس المجلس الأعلى لنظارات البجا، محمد الأمين ترك، تبرأ من المطالبة بحق تقرير المصير، وقال إن البيان الذي يطالب بفصل الإقليم وتشكيل حكومة مؤقتة لايمثلنا،ونحن بريئون منه.
وأضاف ترك في تصريحات إعلامية، إن البيان يمثل كاتبه فقط وصدر من صفحة “فيس” ليس لها قواعد على أرض الواقع، وتابع نحن من نمثل المجلس الشرعي لكافة قوميات البجا، وطالب كاتبه بتشكيل حكومته وفصل الإقليم إذا استطاع.
منذ العام 1958 تم طرح قضية شرق السودان، وكان ذلك بحضور رئيس الوزراء وقتها عبدالله خليل، ولم تستجب الحكومات المتعاقبة إلى المطالب،وفي 1994م حدث تمرد على حكومة الإنقاذ وحمل بعض أبناء الإقليم السلاح لتنفيذ مطالبهم، وفي العام 2005م بعد اتفاق نيفاشا ثار أبناء الشرق مرة أخرى ، إلى ان تم توقيع اتفاق أسمرا في العام 2006م .
ومنذ ذلك الوقت يعتقد أبناء إقليم شرق السودان أن الاتفاق لم يتم تنفيذ إلاجزء يسير منه، بما فيه ملف الترتيبات الأمنية، وبعد ثورة ديسمبر المجيدة رفضت بعد مكونات الإقليم مسار شرق السودان في اتفاق جوبا، وتم عقد مؤتمر سنكات في أكتوبر 2020م بحضور عدد من أعضاء مجلس السيادة، عدد من الوزراء، وخرج المؤتمر بعدد من التوصيات من بينها إتاحة منبر تفاوضي لتنفيذ مقررات مؤتمر سنكات، وهذا لم يحدث خلال الـثلاث سنوات الماضية.
ماذا قال بيان تقريرالمصير؟
وكان المجلس الأعلى لنظارات البجا والعموديات المستقلة – المنشق- أعلن عن عدم اعترافه بحكومة الخرطوم، ولا بأي سلطة، أو مؤسسة، أو إدارة مركزية أخرى، قبل التوصُّل إلى اتفاق بين سلطة الإقليم وحكومة السودان.
وأكد في بيان أن مجلس البجا هو السلطة السيادية المعترف بها لدى شعب الإقليم والمفوضة رسميًا من الشعب في عقد اجتماع مشهود بسنكات، وأن الهيئة العليا للمجلس هي البرلمان التشريعي العرفي للإقليم.
وأكد أن اللجنة السيادية لتقرير المصير بلجانها المتخصصة هي الحكومة الوزارية التنفيذية المؤقتة للإقليم، وأشار إلى أن الملكية العرفية للأرض هي أساس ملكية الأرض في الإقليم لحين قيام سلطة تداولية دائمة.وشدد البيان على عدم المشاركة في أي تسوية أو حكومة تتم قبل إلغاء مسار الشرق، وقبل أن يصل البجا إلى اتفاق سياسي دستوري يُوقّع مع حكومة السودان في منبر تفاوضي منفصل، فضلًا عن عدم مشاركتهم مع أي تحالف مركزي لا يستصحب قضيتهم، ونوه البيان إلى أن المجلس ليس عضوًا في مبادرة نداء السودان، ولا في تحالف الحرية والتغيير (التوافق الوطني)، مؤكدًا أنهم حلف قضيتهم ولن يقبلوا بنتائج أي تسوية تجرى الآن، ثنائية كانت أو أكثر، ما لم تتضمن قرارات مؤتمر سنكات لقضايا إقليم الشرق.
مجموعة منشقة.. أدروب وموسى وسيد أبو آمنة
قال المستشار القانوني لمجلس البيان والعموديات المستقلة أحمد موسى في تصريح لـ(السوداني)إن البيان الصادر باسم المجلس الأعلى للبجا، هو من مجموعة يتزعمها العمدة إبراهيم أدروب وموسى محمد أحمد وسيد أبوآمنة وهي مجموعة منشقة عن المجلس الأعلى لنظارات البجا وأعادت هيكلة مجموعتها بذات المسمى.
موسى لفت إلى أن البيان تحذيري للذين يجرون تسويات سياسية بين عدد من القوى السياسية دون استصحاب للقوى السياسية والمدنية الفاعلة بشرق السودان واستصحاب مطالبهم وقضيتهم الرئيسية والتي كان تجاهلها بواسطة الحكومة الانتقالية السابقة أحد أسباب تفجر الموقف السياسي قبيل ٢٥ أكتوبر وماصاحبها من احتجاجات وصلت مرحلة الإغلاق الكامل للإقليم لتعود ذات الأحزاب لذات المنهج السابق الأمر الذي يؤدي بكل تأكيد لإعادة إنتاج الأزمة السياسية وتتجاهل في السياق أن التسوية السياسية يجب أن تشمل كل القوى السياسية ومعالجة كل القضايا التي كانت سببًا في حالة انسداد الأفق السياسي وتعطيل مسيرة الانتقال .
رسالة تحذيرية.. التسوية لا يجب أن تتجاوزالشرق
واعتبر موقف المجموعة العسكرية الداعي مرارًا وتكرارًا لتوافق كل القوى والبيان الصادر من المجموعة التي أصدرته هو بمثابة رسالة تحذيرية للقائمين على أمر التسوية أن أي تسوية تتم بمعزل عن شرق السودان ستواجه بمعارضات كبيرة داخل الإقليم وتكون التسوية أفلحت فقط في إعادة الأزمة السياسية لماقبل ٢٥ أكتوبر وهو موقف سيجد دعمًا من عدد من الفاعلين في المشهد السياسي بالإقليم الشرقي، وأضاف:بكل تأكيد سيجد دعمًا من كل القوى الوطنية خاصة مع حالة نمو الوعي السياسي بشرق السياسي الذي يرفض أية طبخات سياسية تعد في المطابخ المركزية وتتجاهل رغبات ومطالب الأقاليم كافة. وشهد الإقليم في الآونة الأخيرة تحركات دبلوماسية واسعة تعمل على محاولة إقناع القيادات بالإقليم بقبول التسوية مع إمكانية إجراء التعديلات الممكنةلإدراج حلول مرحلية للقضية ووعود بحلها كليًا عبر الحكومة الانتقالية وآخرها الزيارة الأخيرة للسفير الأمريكي غودفري للإقليم والتقائه بقيادات فاعلة وهو الأمر الذي لم يجد قبولا رسميا حتى الآن ووجد رفضا غير رسمي بالمقابل، موضحا ان البيان هو رسالة ان الاقليم، الشرقي لن يقبل باي تسوية تجريها قوى مركزية بمعزل عن مكونات الاقليم السياسية والمدنية وستكون ردة الفعل اقوى من سابقاتها بمايلقي على الاجهزة الامنية والعسكرية التعامل مع الرسالة باهتمام خاصة مع تحركات مرئية وغير مرئية لعدد من اجهزة المخابرات الدولية والاقليمية في حالة تقاطع مصالح سببها موقع الاقليم واثره على الامن القومي الدولي والاقليمي الامر الذي ربما ينبئ بتطورات سياسية وامنية ستؤثر بكل تاكيد على الامن القومي الداخلي.
خلفية مهمة.. أزمة تبحث عن نهاية
يذكر انه في ديسمبر الماضي أصدر رئيس مجلس السيادة، الفريق عبد الفتاح البرهان، قرارا يقضي بتشكيل لجنة عليا لحل قضايا شرق السودان برئاسة نائبه الفريق محمد حمدان دقلو.
وتم تعيين 3 من أعضاء مجلس السيادة في اللجنة، وتم تحديد مهام واختصاصات اللجنة في اتخاذ التدابير اللازمة بشأن إيجاد الحلول للوضع في شرق السودان،ومخاطبة جذور الأزمة والوصول إلى توافق يحقق الاستقرار، وتوحيد رؤية جميع مكونات الشرق للوصول إلى اتفاق يضمن تنفيذ المطلوبات التي تؤسس إلى تحقيق تنمية واستقرار وسلام دائم في الشرق، إلى جانب التنسيق والتواصل مع كافة الجهات للمساعدة في التوافق بين الأطراف المختلفة
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.