بيان البعثة الأممية.. اعتراف بالفشل أم مساع لإنقاذ الإطاري

تبدأ في التاسع من الشهر الجاري المناقشات ومشاورات بشأن الاتفاق النهائي المفضي لاستعادة مسار الانتقال.

بعد توافق الفرقاء باتفاق اطاري لإنهاء الأزمة السياسية الراهنة.

وفي ذكرى الاستقلال ومرور اربع سنوات على الثورة تجددت الدعوات للحوار وتتويج الجهود التي بذلت في الاتفاق الاطاري للتوقيع على الاتفاق النهائي باعتبار أن الأزمة السياسية يمكن حلها في حوار سوداني سوداني شامل من حيث المشاركة ومن حيث استعراض القضايا بالحوار وصولاً لتراض يقود لتشكيل حكومة كفاءات مستقلة تهتم بترقية الاقتصاد والإعداد لانتخابات شفافة ذات مصداقية تعبر عن إرادة الناخبين السودانيين واستكمال تنفيذ اتفاق جوبا للسلام وتضع مشروع دستور يعالج مظالم الأقاليم ويرسم ملامح دولة مدنية تحكمها المؤسسات ويحرسها القانون.

ودعت البعثة الأممية المتكاملة لدعم الانتقال بالسودان «يونيتامس» أمس الاول (السبت) جميع الأطراف وأصحاب المصلحة في السودان، إلى التفكير ملياً في مصالح الشعب ووصفت البعثة الاممية العملية السياسية الحالية بالمعقدة وهو ما اعتبره مراقبون إقراراً من الوسطاء الدوليين بان الاتفاق لم يجد حتى الآن التأييد والاسناد من القاعدة الاجتماعية والثورية.

إنهاء الأزمة السياسية

ويسرت البعثة التي يقودها ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في السودان، فولكر بيرتس، مع أطراف دولية أخرى، مفاوضات بين الجيش وقوى مدنية باحثة عن الديمقراطية، للتوصل إلى إطار اتفاق لإنهاء الأزمة السياسية التي خلفها اجراءات اكتوبر .

وأهابت البعثة في تهنئة للسودانيين بمناسبة أعياد الاستقلال رقم 67، بالقادة السياسيين، الانخراط في العملية السياسية لاستعادة المسار الديمقراطي، بما يخدم مصالح الأهالي.

ويرى استاذ العلوم السياسية بجامعة النيلين مصعب محمد على أن البعثة الأممية استغلت ذكرى استقلال السودان لإرسال رسائل للأطراف السياسية من أجل التفكير في مصالح الشعب والتوقيع على اتفاق سياسي ينهي الأزمة السياسية بعد التوقيع على الاتفاق الإطاري.

بحسب مصعب يمكن القول إن حديث البعثة الأممية يأتي في سياق المحاولة على حث الأطراف السياسية في السودان للدخول في حوار بينها مع الأخذ في الاعتبار الأوضاع السياسية والاقتصادية والأمنية مع تأكيدها على احتمال أن تنهي العملية السياسية الأزمة. وزاد : كما أنه محاولة للضغط على الأطراف المختلفة في أن تصل لتفاهمات فيما بينها في القريب العاجل.

ويعتقد مصعب ان الآلية تستطيع تسيير الحوار إلى نهايته وذلك بالتنسيق والاتفاق مع اللجنة الرباعية التي لها دور كبير في الضغط على الأطراف السياسية في السودان.

ويذهب مراقبون الى أن خطاب البعثة الاممية عشية احتفالات البلاد باعياد الاستقلال هو بمثابة إقرار بصعوبة ان يمضي الحل السياسي الجاري على هذا المنوال حيث يواجه الاتفاق الإطاري المبرم بين المكون العسكري والمجلس المركزي واحزاب الشعبي والاتحادي وانصار السنة مناهضة ورفضاً من بعض القوى والتحالفات السياسية وهو ما عقد سير العملية السياسية .

فرض الوصاية

وحث رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان، في خطابه بمناسبة ذكرى الاستقلال القادة الوطنيين والسياسيين من أن الفرصة التاريخية لتوحيد الصف ووضع أسس وحدة وبناء الدولة السودانية حصل عليها الشعب بعد تضحيات جسيمة فلا تضيعوها فليس أمامنا كثير من الوقت لننتظر تكرارها مرة أخرى فالإقصاء وتقزيم دور الآخرين وعدم الاستماع إلى مطالبهم وفرض الوصاية من فئات محددة من قطاعات الشعب سيضيع هذه الفرصة وسيضع وحدة وأمن بلدنــا فـــي خطـــر كبيـــر.

فلاش باك

وعاش السودانيون، سنة عصيبة، جراء الاضطراب السياسي، والفراغ الأمني، وتراجع الأوضاع الاقتصادية والمعيشية.

وأعربت البعثة عن تمنياتها بأن تفضي العملية السياسية الجارية على تعقيداتها، إلى بناء مستقبل أفضل للسودانيين المتمسكين بتحقيق شعارات ثورة ديسمبر.

وتوقع القيادي البارز بقوى الحرية والتغيير مجموعة المجلس المركزي، محمد الفكي سليمان، توقيع الاتفاق النهائي الممهد لتكوين الحكومة المدنية، قبل نهاية يناير المقبل.

ومن المقرر، أن يسبق توقيع الاتفاق، عقد ورشة عمل ومؤتمرات بين أطراف الاتفاق حول قضايا الإصلاح الأمني والعسكري، العدالة الانتقالية، مراجعة اتفاق جوبا للسلام، تفكيك نظام 30 يونيو 1989، بجانب الأوضاع في شرق السودان.

تعقيد المشهد

ويقول المحلل السياسي محيي الدين محمد لا يمكن قراءة تصريحات البعثة دون النظر الى مجريات الواقع بعد توقيع الاتفاق الاطاري. فالمشهد المعقد بحسب وصف بيان البعثة يحتاج لتحريك جموده من خلال تبني فكرة التسوية الشاملة دون إقصاء فدونها ستزداد الازمة تعقيداً باستمرار غليان الشارع وتزايد المعارضة الداخلية لها. عليه فإن ما ورد في خطاب رئيس مجلس السيادة بمناسبة ذكرى الاستقلال يمثل مفتاح الحل. فالخشية التي عبر عنها في خطابه ان يؤدي انفراد قوى بعينها بالمشهد الى تدهور الأوضاع بالبلاد ما يؤثر على استقرارها. ولعله يعني بذلك الحرية والتغيير التي تصر بعض مكوناتها على رفض قبول قوى سياسية أخرى خشية ما تسميه الاغراق. والحل يكمن في توسيع المشاركة دون قصرها على قوى بعينها وفي ذلك ضمان لاستدامة خطى التحول الديمقراطي وقيام انتخابات بنهاية الفترة الانتقالية

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.