تحقيق خطير يكشف مستعمرة اجنبية للمتسولين في امدرمان
(الحراك) ترصد مستعمرة النساء المتسولات بمحطة سراج بأم درمان.. من أين أتى هؤلاء؟!
كشف تحقيق (صحفي) استمر لأكثر من شهر أكبر مستعمرة تسول للنساء الأجنبيات بأمدرمان اتخذن منها مقراً وسكناً دائماً لهنَّ، يمارسن داخلها حياتهن الطبيعية بكل تفاصيلها بالشارع العام أمام بعض المحال التجارية، والصيدليات ووكالات السفر والسياحة في غفلة وعدم ردع من الجهات المختصة.
ومن خلال اللقاءات وحصيلة المعلومات التي توفرت للصحيفة ومن سحنات المتسولات وعدم إجادتهن التخاطب باللغة العربية، توصل التحقيق أنهن أجنبيات قدمن من بعض دول الجوار الأفريقي بواسطة شبكات منظمة تستغلهن في التسول بالعاصمة والولايات.. كما كشف التحقيق أن بعض النسوة المتسولات يؤجرن أطفالهن للنساء اللائي ليس لديهن أطفال نظير مبلغ مالي يومي، يدفع نهاية اليوم والأجر الأعلى يدفع للطفل الرضيع.
شبكات إجرامية تجلب المتسولات من بعض دول الجوار لتقذف بهنَّ في شوارع العاصمة
عشرات المتسولات الأجنبيات يقمْنَ إقامة دائمة بالشارع العام بين المهندسين والفتيحاب
التسول بالأطفال .. امتهان صارخ للطفولة .. وتخدير الرضع جريمة نكراء في حق الإنسانية
سؤال للجهات المختصة: ألم تقعْ أبصاركم في غدوكم ورواحكم مستعمرة التسول النسائية هذه؟!
تحقيق ـ بتول الفكي
كاميرا ـ نادر عطية
أكثر من (30) متسولة برفقتهن أطفالهن صغار العمر أقمن مستعمرة لهن بمحطة سراج بأمدرمان يقضين فيها الليل بأكمله، وفي الصباح الباكر ينتشرن مع أطفالهن بشوارع العاصمة والتقاطعات الرئيسية للتسول من أصحاب السيارات .. من سحناتهم وطريقة كلامهم معنا نجزم أنهم أجنبيات قدمن من بعض الدول الأفريقية .. لاحظنا أنهن يتحدثن مع بعضهن البعض برطانة أو لهجة غير سودانية، وذلك عندما حاولنا تجاذب أطراف الحديث معهن فرفضن وأخذن يتمتمن بعبارات غير مفهومة وغير مألوفة لنا .. وبعد مراقبتهن لأكثر من شهر نجزم تماماً أنهن أجنبيات من بعض دول الجوار الأفريقي، دخلن السودان بطريقة أو أخرى لامتهان التسول مستغلات سماحة السودانيين وحبهم لعمل الخير .. بل إننا تتبعناهن للأمكنة التي يتجمعن فيها للتسول صباح كل يوم ويبقين هناك حتى المغيب ليعدن لمستعمرتهن بمحطة سراج وبعض مستعمرات التسول بأنحاء أخرى من العاصمة .. ورغم أننا نجحنا في اقتحام مستعمرات النساء المتسولات إلا أننا لم ننجح في استنطاقهن لمعرفة هوياتهن ومن أين حضرن، وعندما نسألهنَّ عن بلدانهن التي حضرن منها يجبن إجابة واحدة وكأنهن ملقنات عليها (من سودان)هكذا ينطقنها بلكنة أعجمية ما يثبت أنهن أجنبيات لا ينتمين للسودان بصلة.. فمن أين جاء هؤلاء؟ .. وهل قذفت بهن شبكة تسول لداخل الأراضي السودانية ليتمارسن أساليب التسول المختلفة بالعاصمة والولايات؟ (الحراك) تعكس ما تحصلت عليه من معلومات عن مستعمرات التسول النسائية بالعاصمة عبر هذا التحقيق
مشهد معتاد
من المعروف أن للبيوت حرمتها وقدسيتها من حيث الإيواء واحتواء كل نشاطات الأسر داخلها، إلا أن هذه المجموعة من النساء وأطفالهن يمارسن الحياة البيتية بكل تفاصيلها على مدار عدة شهور في الشارع العام، حيث رصدت الصحيفة حياة تلك المجموعة على مدار شهر بالتمام والكمال، ولم تلاحظ أي تناقص للعدد بل زيادة بوتيرة سريعة على تلك المساحة المطلة على تقاطع (محطة سراج) بأمدرمان، المؤدية إلى خطوط ليبيا والشعبي غرباً وإلى خطوط الفتيحاب وصالحة جنوباً، وشرقاً تؤدي إلى مدخل كبري الفتيحاب وكل الخطوط المتوجهة إلى الخرطوم العربي ..
طبيعة الرقعة المستغلة من قبل تلك المجموعة النسائية المتسولة وعددهن لا يقل عن (30) متسولة بجانب العشرات من أطفالهن، هي في الأصل موقف خاص لعربات أصحاب المحلات التجارية المطلة على الشارع، وهي منطقة حيوية ونشطة تجارياً نهاراً وبها عدة أكشاك لأصحاب الفاكهة في الأصل إلا أنها تمثل إيواءً لهن ولصغارهن.. حيث تبدأ هذه المجموعة النهوض منذ الساعة السادسة صباحاً تمارس الغسيل والطبخ على الشارع.. لاحظنا أن المتسولات لديهن أواني منزلية من حلل وصحون و(كيزان) وجرادل وباقات وعلب وكوانين وفحم أو حطب أو كرتون لإيقاد نار الطبخ المكون من الشحوم و(الفشفاش)، بجانب أكوام من خرق الملابس.. وحتى الاستحمام وتبرز الصغار بالعراء بنفس المنطقة وأمام أعين المارة، الكل يشاهد باستغراب هذه الفوضى العارمة ويتساءل في حيرة: من أين أتى هؤلاء؟!.
من هم؟
حاولت الصحيفة رصد تفاصيل أكثر دقة عن المجموعة إلا أنها لم تجد التجاوب من المتسولات وتهربن منا ويملن للتحدث بالإيماءات فيما بينهن أكثر، إلى جانب أنهن يتحدثن بلهجة تشبه بما يعرف بيننا بـ(الرطانة) التي تميز كل قبيلة عن غيرها إضافة أن شكل الزي يكاد يكون واحداً بين المتسولات، مكون من عباءة ملونة وعليها محرمة باللون الأسود أو المزركش وهي تميز النساء اللاتي يتسولن بالصغار على الأسطوبات بالشوارع العامة والرئيسية بالخرطوم.. وحسب المعلومات التي تحصلت عليها الصحيفة فإن المتسولات اللائي لديهن أطفال صغار يقمن بتأجيرهم لبقية زميلاتهن المتسولات ممن ليس لديهن أطفال لاستدرار عطف المارة، خاصة أصحاب السيارات، والأطفال الرضع هم الأعلى سعراً لكونهم الأكثر استدراراً للعطف.. كما علمنا أنهن يقمن بتخدير الأطفال اللائي يتسولن بهم ويحملهن طيلة اليوم تحت أشعة الشمس الحارقة بواسطة شراب الكحة الخاص بالأطفال، ولذلك يظل الطفل نائماً مخدراً طيلة اليوم لا يبكي ولا يصرخ ولا يطلب شيئاً.. سألت إحدى الفتيات عند استوب نهاية شارع الأربعين والمتجه غرباً للمهندسين وجنوباً لنفق كبري الفتيحاب، حيث تقدمت نحوي تطلب كرامة، وكانت تحمل طفلاً نائماً أو بالأصح (مخدراً) تتسول به:(هل هذا ولدك؟).. فرمقتني بنظرة شيطانية ويبدو أن سؤالي فاجأها فردت سريعاً بينما كانت تنصرف مسرعة من أمامي: “ومال ولدك إنت”.
اللغة غير الواضحة أحالت دون الوصول إلى تفاصيل دقيقة عن سؤالنا لهن عن كيفية تجمعهن في هذا المكان؟.. وهل هو خيار قسري فرض عليهن من بعض الأفراد أو شبكات تستغلهن في التسول؟.. خاصة إننا لم نلحظ على مدى الشهر رجلاً أو حتى صبي دون العشرين أو أقل من هذا العمر أو أكبر، على الرغم من وجود عدد ليس بالقليل من الأطفال بينهن أقل من عمر سنتين وحتى فوق الخامسة.. كل المجموعة هذه تنام وتمارس كل نشاط الحياة البيتية على تلك البقعة من المكان ومن ثم يفرون لممارسة التسول بشوارع العاصمة الرئيسية والأستوبات والأسواق، بعد السابعة ويتجمعون ليلاً في ذات المكان يطبخون، ويشدون الشاي، ويغسلون ملابسهم بعدها يخلدون للنوم على الأرض، وفي الصباح الباكر يقضون حاجتهم قرب منطقة تجمعهم وأمام المتاجر والصيدليات المغلقة في ذلك الوقت المبكر من اليوم.. بينما الأطفال يفعلونها قرب مستعمرة المتسولات التي استباحت تلك المنطقة الحيوية من أم درمان
مخاوف عدة
بحسب استطلاع الصحيفة لعدد من أصحاب الأكشاك وبائعات الشاي فإن هؤلاء النسوة المتسولات لسن سودانيات، بل وافدات من بعض الدول الإفريقية يمارسن التسول كمهنة وليس لديهن عائل كافل أو ما يثبت هويتهن، أو نسب أطفالهن لكنهم يعيشون مع بعضهم وبصحبة الأطفال يتعامل البعض معهن مجبراً ودون حيلة.. والسلطات التي تعني بتنظيم الوجود الأجنبي نفسها لاتعلم عنهن شيئاً وقد لا تدرك كيف دخلن إلى البلاد، ولماذا اخترن هذا المكان بالتحديد.. إضافة إلى تخوف أصحاب المحال من وجود أمراض معدية أو فيروسية بينهن، حيث أنهم يتفاجأون صباح كل يوم بانتشار الروائح الكريهة الناتجة من فضلاتهم الآدمية لكنهم لايملكون حيلة لطردهم، فهن ينهضن باكراً ويتوزعن على الشوارع لممارسة التسول ومن ثم يعدن لمكانهن بمحطة سراج بعد أن تغلق المحال التجارية أبوابها.. إلا أن وجودهن بهذا الشكل والمبيت بالشارع العام مظهر خادش لمجتمعنا السوداني، فرغم كونهن أجنبيات إلا أنهن محسوبات على المجتمع السوداني والمظهر العام وللشارع نفسه، حيث أن كثيراً من الأجانب الذين يمرون بمستعمرة المتسولات يعتقدون أنهن سودانيات للأسف!.
امتهان حرمة المساجد
مستعمرات المتسولات لا توجد بمحطة سراج بأمدرمان فقط بل تنتشر ببعض المناطق الأخرى، فهناك مستعمرات أخرى للتسول حول مساجد بحري وأمدرمان ومسجد الخرطوم العتيق، وهذه خليط من المتسولات والمتسولين معاً معظمهم من خارج السودان، يقمن إقامة دائمة خاصة بالليل حول المساجد المذكورة نساء ورجالاً وصبياناً وأطفالاً يمارسون حياتهم الطبيعية على الهواء الطلق أمام المارة.. وما يحدث منهم ليلاً بعد أن تنام العاصمة يخجل القلم عن ذكره ويعد امتهاناً سافرا لحرمة وقدسية بيوت الله!!.
أخيراً
سؤال أخير نتوجه به لوزارة التنمية الاجتماعية ولاية الخرطوم والجهات المختصة الأخرى:”ألم تقع أبصاركم في غدوكم ورواحكم مستعمرة التسول النسائية (المخجلة) هذه بمحطة سراج بأم درمان؟!”.. إذا لم يحدث ذلك فها هي أمامكم بكل تفاصيلها
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.