تحول المشهد من الصراع في سوريا إلى الصراع عليها

جانب من سوريا المصدر ميدان
0

منذ بداية خروج المظاهرات السلمية في سوريا في العام 2011 مطالبة بالحرية والديموقراطية والكرامة، ونظام الأسد يواجه الشعب السوري بالقمع والقتل والتعذيب في سجون الظلام كما يطلق عليها .

بداية الشرارة

وكانت مدينة درعا هي أو لمدينة شهدت الحراك الجماهيري، وسرعان ما انتشرت الاحتجاجت لتشمل مدن سورية أخرى، وفي غضون 5 أشهر أصبحت التظاهرات عامة بالبلاد .

وكان اعتقال خمسة عشر طفلاً هو شرارة البداية لـ ( الصراع في سوريا ) حينما قام أمن النظام بقيادة عاطف نجيب ابن خالة بشار الأسد باعتقال الأطفال وتعذيبهم بطريقة وحشية، بسبب كتابتهم شعارات تنادي بالحرية وتطالب بإسقاط النظام على جدار مدرستهم بتاريخ 26 فبراير 2011 .

واستمرت الثورية السورية في نهجها السلمي الجماهيري ما يقارب العام، إلى حين قيام النظام بدفعها للعسكرة، وجرها نحو العنف، من خلال إنزاله الجيش لمكافحة التظاهرات وحصار المدن .

ورفض عدد كبير من ضباط الجيش وجنوده تصويب أسلحتهم على أهلهم وشعبهم، فبدأت الانشقاقات التي قادت إلى تأسيس الجيش الحر، وإطلاقه سراح أعضاء الحركة السلفية المعتقلين في سجن صيدنايا، ليقوم هؤلاء بتأسيس حركة مقاومة اتخذت طابعا أيدلوجيا دينيا، رفعت شعارات تراثية إسلامية، معلنين رفضهم للديمقراطية والدولة المدنية .

وبالمقابل رفض نظام الأسد جميع النصائح العاقلة من تركيا والدول العربية، التي دعته للاستجابة لمطالب شعبه ولو بشكل تدريجي .

وعملت العديد من القوى الدولية على مساعدة بشار الأسد بفتح المجال أمام الإرهاب العابر للحدود مثل “القاعدة” و “داعش” وأخواتها، فأصبح على العالم أن يختار بين نظام حكم علماني وبين خلافة إسلامية ذات طابع إرهابي .

وشهدت الساحة السورية خلال الأعوام الماضية سلسلة من التحولات السياسية والمتغيرات الميدانية، بتأثير العوامل الخارجية والفواعل الدولية والإقليمية، الأمر الذي جعل طرفي الصراع، نظام الأسد والشعب السوري الثائر، الحلقة الأضعف في عملية (آلية القرار السوري) فتحول السوريون إلى مجرد عامل ثانوي مكمل للمشهد لا أكثر .

لا سلام إلا عبر الانتقال السياسي

انحسار العمليات القتالية، وتراجع قوى الثورة ميدانيًا، لا يعني انتهاء الثورة السورية، ولا يعني هزيمة مؤسساتها أو انتصار النظام عليها، بل تشير إلى الانتقال من مرحلة لها طبيعتها وأدواتها، إلى مرحلة أخرى مختلفة عنها .

ولا شك أن المشروع الروسي لإعادة تأهيل النظام، محكوم بالفشل حتى لو اعترفت به بعض الدول، لأن نظام الأسد لم يعد نظام حكم، فهو لا يملك أي عنصر من عناصر الدولة والسلطة الوطنية والقانون، فقد تحول إلى تجمع مافيات مسلحة متنازعة، نزاعها مرشح للزيادة بسبب تضارب مصالحها .

تركيا .. وحدة سورية صمام الأمان لأمنها الاستراتيجي

لا تبدو التطمينات التي تقدمها واشنطن لأنقرة كافية لبناء الثقة بين الطرفين فيما يتعلق بمسألة الصراع في سوريا حيث لم يقدم الطرف الأمريكي أي سيناريو من شأنه إزالة مخاوف أنقرة حول مصير الأسلحة الثقيلة التي تم تسليمها لقوات قسد. كما أنه لا يوجد أتفاق حول هوية وطبيعة وحجم القوات التي ستتولى مهمة حفظ الأمن في المنطقة الآمنة المزمع إنشاؤها في الشريط الحدودي بين تركيا وسورية .

أنقرة تؤكد على ضرورة أن تكون المنطقة الآمنة في سورية بعمق ٣٠ كيلومترًا من الحدود مع تركيا، وبإشرافها وإدارتها، ولن توافق على منح السيطرة على هذه المنطقة لأي جهة أخرى .

وتشعر أنقرة بالغضب والشك إزاء رفض بوتين طلب الرئيس أردوغان السماح بدخول القوات التركية إلى الشمال السوري، فضلا عن التصعيد الروسي في إدلب وضغطها على أنقرة لإحياء اتفاق ”أضنة“ بهدف منع تمرير مشروع المنطقة الآمنة من جهة، وحمل تركيا على إرجاع العلاقات مع نظام دمشق من جهة ثانية .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.