تزايد العنف في جنوب السودان يضع اتفاق السلام على المحكّ

أدى تزايد العنف في جنوب السودان إلى إثارة المخاوف من انهيار اتفاق السلام الهش في البلاد قبل الانتخابات التي يأمل في انعقادها المجتمعُ الدولي العام المقبل.

غالبًا ما تُنسب موجة القتل شبه اليومية في هذا البلد الواقع في شرق إفريقيا إلى الميليشيات التي تهدد هجماتها هدنة 2018 المُبرمة بين الرئيس سلفا كير ونائب الرئيس ريك مشار.

بينما يسود سلام نسبي بين الزعيمين في العاصمة جوبا، تنتشر مظاهر الحرب في أماكن أخرى من جنوب السودان، حيث قُتل مئات الأشخاص منذ بداية العام في أعمال عنف تنوعت بين غارات على الماشية إلى عمليات قتل انتقامية بدوافع عرقية .

“لقد فقدنا أرواحًا كثيرة في أعمال عنف طائفية”
وتفاقمت أعمال العنف على ما يبدو في يونيو-حزيران بعد أن ألغى البابا فرانسيس زيارته هذا الشهر بسبب مشكلة في ركبته. كانت زيارة البابا تهدف إلى إحلال السلام والدعوة إلى تثبيته في بلد دمرته سنوات من الحرب، بما في ذلك صراع طويل من أجل الاستقلال عن السودان تلتهُ حربٌ أهلية.

قُتل ما لا يقل عن 209 أشخاص وأصيب 33 آخرون في جميع أنحاء البلاد في يونيو وحده، وفقًا لمنظمة مدنية مقرها جوبا تسمى “سيبو” (CEPO).

يتعرض كل من كير ومشار لضغوط للإعلان عن جدول زمني للانتخابات الرئاسية لعام 2023. وبينما أعرب كير عن أمله في إجراء تصويت العام المقبل، قال مشار إن الانتخابات مستحيلة وسط انعدام الأمن على نطاق واسع.

في الأيام الأخيرة، كان العنف أسوأ في ولاية واراب، مسقط رأس الرئيس، حيث كان من بين الضحايا رئيس المخابرات العسكرية ومفوض حكومي سابق

وقال كير في خطاب ألقاه في أوائل يوليو “لقد فقدنا أرواحًا كثيرة في أعمال عنف طائفية”، مشيرًا إلى عمليات القتل في مقاطعة تونج الشمالية في واراب، حيث قتل مسلحون 30 جنديًا في 25 يونيو / حزيران.

واندلعت اشتباكات تونج الشمالية بعد أن أرسلت السلطات إلى هناك قوات الأمن لاستعادة الماشية التي سرقها المُغيرون من مقاطعة أخرى. وفي حالات أخرى، اندلعت مناوشات دامية بسبب جهود نزع سلاح الشباب.

وقال كير عن الأشخاص الذين قتلوا في واراب: “لقد تأسفت بشدة على موتهم”. لا يمكننا أن نسمح باستمرار هذا القتل غير المبرر لأفراد الأمن والمدنيين على حد سواء”.

وقال الرئيس إنه تم الإبلاغ عن عمليات قتل أيضًا في ولايات غرب الاستوائية وشرق الاستوائية ووسط الاستوائية، معترفًا بأن مكاسب السلام منذ عام 2018 قد تآكلت بسبب ما وصفه المسؤولون بالعنف الطائفي.

بعد عمليات القتل في واراب، تعهد قائد جيش كير، الجنرال سانتينو دينق وول، بأن يهزم الميليشيات العرقية في تصريحات لمحطة إس إس بي سي الحكومية. وقال: “نحن مسؤولون عن أمن البلاد، لن نسمح بحدوث الفوضى ولن نسمح لأي شخص بزعزعة الأمن”.

هل يمكن للشرطة أن تضمن سلامة الناس؟
بعض المحللين يقولون إن القوات الحكومية والشرطة، التي غالبًا ما يفوقها عدد المهاجمين في المناطق التي تنتشر فيها الأسلحة، لا يمكن الاعتماد عليها لحماية المدنيين. كما اتهموا المهاجمين بأن لهم مؤيدين سياسيين أقوياء في جوبا.

قال إدموند ياكاني، رئيس منظمة (CEPO) التي تتعقب أعمال العنف: “الشباب المسلح في تونج الشمالية أقوى من جيشنا والمؤسسات الأمنية الأخرى”. وقال إن العنف “يقوض التنفيذ الحقيقي” لاتفاق السلام.

كانت هناك آمال كبيرة عندما حصل جنوب السودان الغني بالنفط على الاستقلال عن السودان في عام 2011 بعد صراع طويل. لكن البلاد انزلقت في حرب أهلية في ديسمبر 2013 على أساس الانقسامات العرقية عندما قاتلت القوات الموالية لكير أولئك الذين يدعمون مشار. وقتل عشرات الآلاف في الحرب التي انتهت باتفاقية السلام 2018. لكن شروط هذا الاتفاق لم تنفذ بالكامل والعنف المستمر يُضعفها أكثر.

وقالت لجنة من خبراء الأمم المتحدة في مايو أيار إن اتفاق 2018 متعثر. وقال التقرير إن الاتفاق “أصبح الآن رهين الحسابات السياسية للنخب العسكرية والأمنية في البلاد التي تستخدم مزيجًا من العنف واختلاس الموارد العامة و تعتمد على المحسوبية لتحقيق مصالحها الضيقة”.
قال جيمس أكوت، الباحث في العلوم السياسية في جوبا: “البلاد تنقسم إلى قطع صغيرة. البلاد تنقسم إلى قوات دفاع شعبية يمكنها في الواقع التغلب على جيشنا قريبًا”.

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.