تشكيل الحكومة.. هل يظهر (الشيطان) في التفاصيل؟

مع استمرار التوترات السياسية في البلاد إثر تعدد التيارات واختلاف وجهات نظرها حول تشكيل الحكومة منذ الاجراءات التي اتخذها رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق اول ركن عبد الفتاح البرهان في الخامس والعشرين من اكتوبر الماضي، تدور التساؤلات حول إمكانية تشكيل الحكومة المقبلة والمعايير التي سوف تخضع لها، خاصة مع عدم حسم الجدل حول شخصية رئيس مجلس الوزراء، فهناك انقسام واضح بشأن القضية، وراجت انباء عن شروع قوى الحرية والتغيير في وضع معايير للحكومة المدنية ورئيس مجلس الوزراء.

حوار جاد
ويعيد المشهد الحالي الى الاذهان ازمة تشكيل حكومة رئيس مجلس الوزراء المستقيل د. عبد الله حمدوك التي كانت تواجه بعقبات، وارجع حمدوك تأخرها في منشور له على فيسبوك آنذاك، إلى انخراط كل القوى السياسية الداعمة للثورة والانتقال المدني الديمقراطي في حوار جاد وعميق بغية التوافق على ميثاق وطني، وخلق جبهة عريضة لتحقيق الانتقال المدني الديمقراطي وتحصينه، وأضاف قائلاً: (سيشكل هذا التوافق الوطني إطاراً قومياً لتوحيد الصف وتأسيس آلية لتشكيل حكومة كفاءات وطنية بجانب إكمال هياكل السلطة الانتقالية ومراقبة عملها، بغية تحقيق أولويات ما تبقى من الفترة الانتقالية المتمثلة في تنفيذ اتفاقية جوبا للسلام واستكمال عملية السلام وتحقيق الاستقرار والانتعاش الاقتصادي وتعزيز الوضع الأمني وإكمال عملية الانتقال الديمقراطي عبر انتخابات حرة ونزيهة).

المحاصصات الحزبية
ويقول القيادي بالتوافق الوطني احمد موسى عمر: (الخلاف حول المعيار الرئيس لاختيار رئيس مجلس الوزراء والوزراء يتراوح بين اللاحزبية والاستقلالية والانتماء الحزبي والمحاصصات الحزبية، وهذا الخلاف موجود وهو جزء من الاعلان السياسي ومحل النقاش بين الاطراف السياسية، ولكل شكل من الشكلين مزايا وايجابيات وتعقيدات، ومن اهم التعقيدات المتعلقة باتفاقية جوبا الى مدى يمكن ان تلتزم الحركات الموقعة على الاتفاقية بترشيح وزراء غير المنتمين للحركات، والاتفاقية حددت نسبة ٢٥٪ من الحكومة لاطراف السلام ممن يمكن ان يكونوا مستقلين)، واوضح قائلاً: (ان التعقيد المتعلق باتفاقية جوبا يمكن ان نجد له حلاً داخل الاتفاقية نفسها، ولكن التقييد بوضع شرط الاستقلالية لعضوية مجلس الوزراء يمكن ان يقلل من التنافس بابعاد كل السياسيين والمنتمين الى الاحزاب من الحكومة، اما الشيء الآخر فهو وضع قيد على العمل السياسي لقوى سياسية او حركة مسلحة محددة، وهذا القيد قد يمنع المشاركة في الحكومة ويؤثر في فكرة المساواة بين المواطنين وقيام الحقوق والواجبات على المواطنة والتحدث عنها بشكلها العام).

تدقيق وتشديد
ويواصل عمر في حديثه لـ (الإنتباهة) قائلاً: (إن الشروط الرئيسة يجب ان تكون الموضوعية المطلوبة في المرشح وأن يكون من ذوي الكفاءة ولديه المام كافٍ بالتعقيدات السياسية والاقتصادية في البلاد، ولديه المام بالعلاقات الدولية والتقاطعات، ويكون مؤمناً بثورة ديسمبر والتحول الديمقراطي والانتقال المدني، ولديه القدرة على حماية الفترة الانتقالية وتنفيذ برنامج الحكومة الانتقالية التي تصادق عليه الحاضنة السياسية المشكلة للحكومة، وليس بالضرورة ان يكون الوزراء ورئيس الوزراء من داخل الحاضنة، وليس بالضرورة ان يمنع المنتمين الى هذه القوى السياسية من الالتحاق بالحكومة، وتصبح المعايير المذكورة هي المعايير المطلوبة، بغض النظر عما اذا كان المرشح منتمياً الى جهة سياسية او حركة او غيرها، وفي الآخر ان يكون سودانياً ولديه الخبرة والكفاءة والدراية والايمان، وهذه القضايا يجب التدقيق والتشديد فيها عند اختيار رئيس الوزراء، ويجب ان تتوفر فيه كافة المعايير والشروط المذكورة ويتم التدقيق فيها، ورئيس الوزراء والوزير ليس من المهم أن يحظيا بالاجماع ولكن القبول من قطاعات وقوى سياسية واجتماعية ومدنية والمكونات الجماهيرية ذات الصلة بالوزارة المعنية).

وفق الصلاحيات
ويشير عمر في معرض افادته الى ان التنبؤ بأن تكون الحكومة عسكرية او مدنية مسألة مرتبطة بالاعلان السياسي والوثيقة الدستورية، سواء كانت المعدلة او التي تتم كتابتها لاحقاً، ومدى الصلاحيات الممنوحة لرئيس الوزراء ومجلس السيادة والمجلس التشريعي وبقية المكونات، ومعالجة الاجهزة العدلية وتعديلات القوانين، للاجابة عن السؤال هل الحكومة القادمة ستكون واقعة تحت قبضة العساكر ام تحت قبضة مبادئ ثورة ديسمبر؟

عدم ممانعة
وكان الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في السودان فولكر بيرتس، قد اشار الى عدم ممانعته قيام حكومة حزبية، وقال فولكر: (لا أرى مشكلة إن كانت الحكومة الجديدة حزبية وتعمل باستقلالية وتضع مصلحة الوطن فوق المصلحة الحزبية)، وأضاف قائلاً: (المرحلة الانتقالية دائماً تكون مهمتها صعبة، ولكن المجتمع الدولي ملتزم بتقديم الدعم لها)، وأشار إلى أن ذلك يتوقف على اتفاق سياسي نهائي يترجم إلى نصوص دستورية وتشكّل على قاعدته حكومة مدنية مستقلة. وأردف قائلاً: (لا أفضّل مصطلح التكنوقراط)

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.