تفكيك حديث اماني الطويل يشرح كيف تفكر القاهرة

  • مصر رسمياً طرحت مبادرة بإعتبار ان التمثيل في الإتفاق الإطاري تنقصه اطراف اخرى.

اعتقد يا استاذة اماني الفرق كبير بين تنقصه، و تعارضه..

الاطراف الاخرى التي تقصدين هي تعارض الإتفاق الإطاري، بحكم موقفها من سلطة الإنقلاب، و ما ستفقده من إمتيازات ، الغريب في المشهد قادة الإنقلاب انفسهم جزء اصيل في الإتفاق الإطاري، إذن فما المانع من لحاق توابعهم، و اذيالهم.

عجباً القاهرة مهمومة بحق من ينقصه اللحاق بالإطاري!

  • مصر معنية بشكل اساسي بالحزب الإتحادي الذي إنقسم، ربما تقوم الحسابات المصرية علي وحدة هذا الحزب بشكل، او بآخر تحسباً للإنتخابات القادمة، و تمثيله السياسي مسألة مهمة، و مصر تمتلك علاقات كبيرة بهذا الحزب.

يا استاذة اماني اعتقد جازماً ان مصر تجاه السودان متحجرة في حِقبة الخمسينيات من القرن الماضي، و كأن الاشياء هي ذات الاشياء، و الجميع إستفاق من رحلته في الكهف لسنين عددا.

نعم الحزب الإتحادي هو صناعة مصرية مائة بالمائة، و كانت حملته في اول إنتخابات ديمقراطية يشهدها السودان بمال مصري، و تم الإعداد، و الخطة من الالف الي الياء في مصر، و هذا تاريخ لا يمكن لأحد ان ينكره.

فإنتظار مصر للإنتخابات القادمة بذات عقلية عبد الناصر، و تلك الحِقبة و تدوير التاريخ بذات الآليات سيجعل مصر تنتظر طويلاً، و عالم اليوم لا يعيد قطاره التوقف في محطات سبق ان تخطاها.

لذلك لا يمكن ان نجرب المجرب لندخل في تجربة إنتخابات قبل ضمان تمكين آليات الثورة، و فرض التغيير وفقاً لإرادة الشعب السوداني، لكي لا تنتج لنا ديمقراطية جديدة مدعاة تمثل شمولية اقبح، و اقذر.

ليعلم الجميع نوايا الاطراف التي تريد الوصول الي الإنتخابات في اقصر مدة هي نوايا غير بريئة، و الامر لا علاقة له بالديمقراطية، او التحول.

  • ايضاً إمتدت علاقات مصر بحزب الامة، تعتقد مصر الرسمية ان هذين الحزبين هما من يحسما الإنتخابات، او يكون لهما تمثيل مهم في الإنتخابات القادمة، مقابل اطراف اخرى قد لا تكون لها القدرة علي التمثيل، و ان يكون تمثيلها هو تمثيل لجماعات الإسلام السياسي، و مصر علي المستوى الرسمي، و الإستراتيجي مناهضة له.

هل تعلمي استاذة اماني ان مصر انشأت الحزب الإتحادي، فمشروعه الاساسي الوحدة مع مصر، و ذلك لبعد مصر من حزب الامة الذي قاد مشروع السودنة.

نعم احدثت مصر إختراقاً في حزب الامة، لصالحها بعيداً عن جيل التأسيس، جيل مريم المنصورة، و ما ادراك ما دعواتها لإستعمار مصر للأراضي في السودان، في خطاب لأخوها الاكبر وزير الخارجية المصري في خطاب غير دبلوماسي عكس سيطرة مصر الفوقية علي النخب.

اعتقد حزب الامة لم يعد ذلك الحزب الكبير بذات القوة، و النفوذ، فقوامه شباب علي المستوى القاعدي تختلف رؤاهم عن آباءهم، و اجدادهم، لا يبدو هذا واضحاً في ظل هيمنة اسرة المهدي علي مفاصل الحزب، و قيادته، و لكن خلف ستار الصناديق ستتغيّر إمور كثيرة غير ذي قبل، حيث لا يعرف الناخب إلا رسماً، اعتقد جازماً في حال قيام مؤتمر عام للحزب في جو ديمقراطي حقيقي سيتغيّر شكل حزب الامة الي الابد.

اما تعامل مصر مع الإسلام السياسي في مصر اثبت ان للقاهرة وجه آخر في تصنيف الجماعة التي تعتبرها إرهابية في اراضيها، و في ذات الوقت تستضيف كل عناصر الجماعة السودانية علي اراضيها، و ما ادراك ما صلاح قوش مدير مخابرات الجماعة في السودان.

يتمتع الاخوان اعضاء جماعة السودان بالرعاية، و الحماية من قبل مصر الرسمية، بل لديهم نشاط واضح لا تخطأه العين المجردة، لضرب الإستقرار في السودان.

بربكم افتونا في هذه المسألة التي تعارض فيها مصر قوانينها التي صممتها خصيصاً لذات الجماعة التي تشرد افرادها بين قتل، و حبيس.

اعتقد من حيث المبدأ لا تمانع مصر في ان يكون للجماعة نفوذ في السودان لطالما تضمن ولائها، و رعاية مصالحها.

ذات مصر فرضت بقاء عضو الجماعة المجرم كمال حسن علي ممثلاً للسودان في الجامعة العربية بعد سقوط النظام رغماً عن إرادتنا.

  • اما ان تأتي مصر متأخرة، اعتقد ان بعض الآليات لم تكن موفقة، بل مصر كانت موجودة من الوهلة الاولى بتقديرات مختلفة.

نعم الاستاذة اماني الطويل مصر موجودة من قبل الوهلة الاولى، لكنها برؤيا متكلسة، و آليات معطوبة اكل عليها الدهر، و شرب، و الدليل إبتعاث مدير المخابرات ليحمل مبادرة سياسية، فإن دل هذا يدل علي ان مصر لا تعرف التعامل مع السودان إلا وفقاً للملف الامني، الذي يعمل تحت لافتة الامن القومي المصري، الذي لا يأبه بمصالح الشعب السوداني، و إرادته، في نفس السياق اخرج مصر من السودان خالية الوفاض إلا من مصالح لماماً يحسبها ذوي الابصار القصيرة مكاسباً، لكنها آنية.

  • تم إستبعاد مصرل لأنه يوجد توجه غربي تاريخي منذ الخمسينيات، و انا علي المستوى الشخصي شفت وثائق تريد فصل مصر عن السودان.

اعتقد جازماً استاذة اماني لو ان مصر تنظر للسودان بأنه دولة مستقلة، ذات سيادة لتغيّرت اشياء كثيرة.

مصر الرسمية لم تعمل يوماً لكسب حب السودانيين بقناعة، و رضا، بل كانت تتماهي مع الانظمة الإستبدادية إعلاءً لمصالح لم تكن إستراتيجية، فالوقت كشف هذه الرؤيا الفقيرة، و الواقع يشرح نفسه.

  • التوجه الغربي يُملي علي الاطراف الخليجية ادواراً بعينها.

سبحان الله الآن فقط الغرب يملي علي الاطراف الخليجية ادواراً بعينها، و تناست الاستاذة اماني الطويل الدور الخليجي في دعم مصر بشكل كامل، و المليارات المهولة، و ما ادراك ما الرز، و مسافة السكة!

  • التوجه الغربي الامريكي، و البريطاني يُريد إضعاف الوجود العربي في السودان، و لن يكون ذلك إلا بإضعاف الوجود المصري في السودان.

اعتقد مفهوم الوصاية، هو الذي اضعف الدور العربي، و المصري، لما لا و كل العرب من المحيط الي الخليج لا تحكمهم مؤسسات محترمة تمثل إرادة شعوبهم، فلماذا الإفتراء علي السودان ليظل موالياً لمنظومات متخلفة، و رجعية.

اعتقد جازماً لو طُرحت مسألة بقاء السودان ضمن دول جامعة الدول العربية في إستفتاء، فسيصوت الشعب السوداني بالإجماع علي الخروج من هذه الجامعة الوهمية، و المتحجرة، و المتخلفة.

اعتقد انك تعملين في مؤسسة تُعنى بالدراسات، فعليكم بتحديث دراساتكم، و قراءة الواقع الماثل، و الذي يمثله لسان حال عقل جمعي ينطق بإسم كل الشعوب السودانية بلا إستثناء.

  • في يوم من الايام في زمن مبارك جالنا تحذير بعدم زراعة القمح في السودان.

اعتقد هذه الجملة فضحت اماني الطويل نفسها التي ذكرت في نفس اللقاء ان الغرب يملي علي دول الخليج ادواراً بعينها، تناست ان مصر تعمل بالكامل وفق دور مرسوم لها بعناية، و تعمل لأجله اقصد مصر الرسمية بعيداً عن مصالح شعبها.

اعتقد لا تأتي التحذيرات، و المنع لأنظمة محترمة، تقود دولاً محترمة، في وضع طبيعي تريد ان ترعى مصالح شعبها، و تحترم جيرانها، وفقاً للاعراف الدبلوماسية ، و المبادئ الإنسانية.

  • ساعد الاداء المصري التوجه الغربي لأنه لم ينتبه لهذه المسألة، و ادواته في التفاعل كانت غير مناسبة.

للأسف التوجه المصري لم يكن مساعداً، بل كان خادماً مطيعاً ضد مصلحة السودان، و شعبه.

  • طبيعة النظام المصري منذ العام 1952 ، المكون العسكري في صناعة القرار، و هو مكون كبير، فمن الطبيعي ان يكون هناك طعاطف، او موالاة للمكون العسكري في السودان.

نعم هذه الجملة لخصت التعامل المصري تجاه السودان، و واهم من يظن ان نظاماً عسكرياً في دولة ما يدعم تحولاً ديمقراطياً في دولة اخرى، و إلا قد يكون ضرباً من الخيال.

فطبيعة الانظمة العسكرية هي المؤامرات، و دعم الإنقلابات، و لا مكان لإرادة الشعوب في توجهاتها، و مناهجها.

  • خبرة لثلاثين عام في السودان دراسة، و بحث لا يستطيع طرف، و لا دولة، و لا قوى سياسية ان تنال إجماع في السودان.

خبرتك يا استاذة اماني الطويل فاشلة، و هي ربيبة انظمة شمولية، و ديكتاتوريات لا تقبل إلا بالتوافق، و التطابق بنسبة لا تقل عن ال 98%.

يا استاذة الاصل في الديمقراطية عدم الإجماع، فأعظم الديمقراطيات إن حدث فيها التوافق لدرجة الإجماع لشهدنا شروق الشمس من مغاربها.

خلينا من اطراف، او قوى سياسية لا تستطيع نيل الإجماع، و الرضى، خالق الكون لا يريدنا متطابقين لدرجة الإجماع، و إلا لجعلنا امتاً واحدة.

  • القوى السياسية في السودان منقسمة إنقسامات تاريخية، و ان تنال رضا الجميع دي مسألة غير متوفرة في السودان.

الاصل في السياسة يا استاذة اماني الإنقسامات، و التدافع، و عدم نيل رضا الجميع، بين مؤيد، و معارض.

من غير الطبيعي التدخل، و التطفل، و التنميط حسب ما تريد الديكتاتوريات، و الشموليات لتجعل من التباين إنقسامات تاريخية يصعب التعامل معها، و الاسوأ ان يجد هذا التنميط مساحة لدي النخب السودانية.

  • من المطلوب تغيير الآليات، و ايضاً مطلوب ان يكون المجهود المصري مرتكزاً في الخرطوم بشكل اساسي، و من المطلوب وجود آليات موازية للإليات الرسمية، و السيادية بما يُعرف بالدبلوماسية في المسار الثاني.

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.