تفويض الجيش.. حسم التفلتات أم مزيد من الصلاحيات؟
تفلتات أمنية كبيرة تشهدها العاصمة وعدد من المدن بشكل متزايد، وفيما ارجعها البعض للجريمة المنظمة، اتهم آخرون الاجهزة الامنية بالانشغال عن مهامها الاساسية الخاصة بالامن والدفاع والاهتمام بالاستيلاء على السلطة، ولكن امس الاول وعلى نحو مفاجئ فوض اجتماع أمني رفيع الأجهزة الأمنية والعسكرية في السودان بالتدخل لإنهاء حالة الانفلات الأمني الذي تشهده عدد من المدن السودانية.
إجراءات قانونية
وقال المتحدث الرسمي باسم القوات المسلحة نبيل عبد الله عقب الاجتماع إن اللجنة استعرضت الموقف الأمني والجنائي بالبلاد واتخذت عدداً من القرارات، أبرزها توجيه القوات المسلحة وكافة القوات النظامية بجميع أنحاء البلاد بالتحرك الفوري والحاسم لاتخاذ ما يلزم من إجراءات قانونية، لحسم التفلتات الأمنية والظواهر السالبة التي برزت أخيراً بما يحفظ هيبة الدولة، وطالب حاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي مراراً بتسليمه مسؤولية الإشراف على القطاع الأمني في الإقليم قبل أن يوجه انتقادات لاذعة للأجهزة الأمنية متهماً إياها بالتواطؤ والمشاركة في الاقتتال القبلي، وأضاف نبيل قائلاً: (كما كلف الاجتماع القوات المسلحة بكافة المناطق والفرق والقوات النظامية، بالتعامل الحاسم والقانوني مع كافة المظاهر العسكرية غير القانونية ضد أية مجموعات أو أفراد بكافة مدن وأنحاء البلاد).
تفعيل الطوارئ
وأكد الخبير الأمني اللواء عبد الهادي عبد الباسط أن القرارات تفعيل لحالة الطوارئ المفروضة منذ إجراءات (٢٥) اكتوبر من قبل رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق اول ركن عبد الفتاح البرهان، وأشار الى ان الحديث حول تعزيز سلطة الجيش غير صحيح، لجهة ان الجيش لم يجد السلطة وهو يعمل وفق قانون الطوارئ فقط، ويتعامل بموجب قوانين محددة لأن كثيراً من القوانين غير مفعلة، وقال عبد الباسط في حديثه لـ (الإنتباهة): (يجب على الناس ألا تأخذ القوانين بقوتها)، ولفت الى ان بعض الجهات استغلت الوضع واصبحت هناك فوضى وحجم كبير من العنف يوجهان نحو الشرطة، وقلل من حجم التظاهرات، وقال انهم يصفونها بالمليونية وعدد المتظاهرين لا يتعدى (200) شخص، فهم يكذبون على الشعب بمجموعات معزولة تغلق الشوارع، وهذه تصرفات غير سلمية، واضاف قائلاً: (لا توجد دولة في العالم تسمح بإغلاق الشوارع، لأن الحرية لا تعني الاعتداء على حرية الآخرين وتحديد مسارها، وتكسر وتتلف وتعتدي على العامة وتقوم بحرق (اللساتك) في شارع النيل في حالة تعكس الفوضى)، وأضاف قائلاً: (ان هذه القرارات واضح انها ستتعامل مع الأمور بحسم خاصة مع ما تسمى (تسعة طويلة) والظواهر السالبة والتفلتات الامنية التي اذا لم يحد منها ستؤدي الى مربعات خطرة، واي شخص حريص على امن الوطن والمواطن سيدعم هذه القرارات، واي شخص يعارضها فهو يريد زيادة الانفلات الامني وعدم الاستقرار)، مشيراً الى ان هناك جرأة في السرقات وعمليات السطو المسلح بالسواطير، فهذه قرارات ايجابية، واية جهة تعارضها لديها اجندة خفية.
وشهدت ولايات عدة آخرها جنوب وغرب دارفور تفلتات أمنية واقتتالاً قبلياً راحت ضحيته أعداد كبيرة من القتلى والجرحى وفرار آلاف السكان كما جرى في بلدة (كرينك) (80 كيلومتراً شرق مدينة الجنينة)، ولاحقت الجيش السوداني اتهامات بالانسحاب من (كرينك) بالتزامن مع بدء المليشيات المسلحة هجومها على السكان، مما أدى لقتل نحو (201) شخص وفقاً لإحصائية أعلن عنها والي الولاية خميس أبكر.
سلطات إضافية
ومن جانبه انتقد المحلل السياسي احمد آدم القرارات واعتبرها منح مزيد من السلطات للعسكر، وقال: (من المفترض ان يكون هناك حسم للتفلتات منذ اعلان حالة الطوارئ، ولكن بالعكس ساهمت الطوارئ في زيادة حالة الانفلات)، واكد آدم في حديثه ان هناك عوامل عدة ادت الى تدهور الاوضاع الامنية بالبلاد، منها عدم إنفاذ بروتكول الترتيبات الأمنية الموقع ضمن اتفاق جوبا للسلام، الأمر الذي ساعد في ظهور تشكيلات عسكرية عديدة تنشط في تجنيد آلاف الشباب، كما برزت جماعات مسلحة جديدة في مناطق إنتاج البترول بولاية غرب كردفان، واشار الى ان التوقيت غير موفق لاصدار تلك التوجيهات، باعتبار ان البلاد في حالة حوار للوصول الى حلول للازمة السياسية الراهنة، وهذه التوجيهات سوف تزيد الوضع تعقيداً، وأضاف قائلاً: (رغم أن مثل هذه القرارات الأمنية قد تهدف الى ضبط الاضطرابات واعادة الاستقرار، غير أن الغرض منها منح السلطات مزيداً من الصلاحيات التي بموجبها تتخذ اجراءات صارمة تجاه الثورة والتظاهرات السلمية).
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.