تقاعس الدولة عن شراء القمح وترحيله.. وضع العقدة في المنشار
أثار المنشور الذي أصدره البنك الزراعي بشأن شروط تسليم القمح للمزارعين ردود فعل قوية رافضة جعلت المزارع يتخذ خط رجعة قبل ان يقوم بتوزيع محصول القمح ويعيد حساباته، وتضمن المنشور عدة شروط فرضها البنك الزراعي متمثلة في ضرورة ان يكون محصول القمح من انتاج عام ٢٠١٢/ ٢٠٢٢م بجانب ان يكون خالصا من الأوراق والرسوم المحلية والولائية والزكاة اضافة الى أهمية تعبئة القمح في جوالات خيش جديدة ٢،٢٥ لبرة وجوالات بلاستيك زنة ١٠٠ كيلو (جوالات البنك) مع اهمية الخياطة المحكمة بعدد لا يقل عن ١٤ غرزة للجوال وان لا يقل وزنه عن ١٠٠ كيلو جرام وتضمن المنشور أهمية ان يتم استلام محصول القمح لمطاحن سين بكل من مطاحن غلال الباقير ومدينة جياد بسعر جوال ٤٣ الف جنيه بواقع ٤٣٠ جنيها للكيلو ويتم الاستلام تكلفة الشتوي من العملاء الذين تم تمويلهم للموسم الشتوي فقط.
ردود فعل
ولعل أزمة شراء القمح امتدت لشهور من بداية حصاد القمح في مارس الماضي واعلان الدولة سعر تركيزي بواقع 43 الف جنيه للجوال عجزت عن الإيفاء بها حتى صدور المنشور وبدورهم احتج مزارعو مشروع الجزيرة على المنشور الذي أصدره البنك الزراعي والقاضي بشراء البنك للقمح بالسعر المعلن من وزارة المالية (43000) لاستلام التكلفة فقط ولا يقبل اي زيادة من القمح ، وان يكون الاستلام بمطاحن غلال الباقير ومدينة جياد دون مراعاة لبعد هذه المناطق من بعض المناطق كأقصى غرب الجزيرة او شرقها .وأشار بعض المزارعين الى أن ترحيل القمح من تلك المناطق إضافة للزكاة قد تصل الى (15000) وعند خصم ذلك من سعر وزارة المالية يكون السعر 28000 ألف وهو أقل من سعر السوق . الأمر الذي جعل المزارعين يدعون للإحجام والعزوف عن توريد القمح الى مخازن جياد والباقير رفضا للشروط التعجيزية والاستهتار والاستصغار بفئة المزارعين وقالوا في بيان أصدروه عقب منشور البنك الزراعي قالوا ندعوا المزارعين بعدم توريد القمح الى الجهات التي حددها البنك الزراعي لبعد المسافة وزيادة التكلفة والإرهاق والمعاناة والتعب النفسي والبدني .. وأشاروا الى عدم ممانعتهم من رد المديونية ودفع حق البنك طوعا لكن يجب ان يورد المزارعون في نقاط تكون معقولة وقريبة من موقع الإنتاج لكل تفتيش وقسم تخفيفا وتقليل
ا لتكلفة الترحيل.. وقالوا ان القمح الآن موجود في بيوت ومخازن المزارعين تعالوا شيلوا تكلفتكم وهذه الدعوة احتجاجا على منشور التوريد لانه مجحف في حق المنتجين..هل يعقل ان تكون قيمة الترحيل أكثر من ٦ آلاف جنيه ومناطق أمثال التحاميد والماطوري والجاموسي والمنسي قد تصل قيمة الترحيل للجوال ١٢الف جنيه.
قرار مجحف
وأبدى عدد من المزارعين رفضهم التام لقرار البنك الزراعي الذي وصفوه بالمجحف في حق المزارعين وقال المزارع ابراهيم ان إحجام المزارعين جاء نتيجة الشروط التعجيزية التي وضعها البنك الزراعي والتي ضاعفت التكلفة مشيرا الى ان هذه الشروط غير منطقية ولا تقع في مصلحة المزارعين و قال ( الأفضل نضع جوالات القمح بمنازلنا ولا نعطيه بهذه الأسعار ) باعتبارها لا تسد التكلفة التي تضاعفت أسعارها عن العام السابق ولفت الى أن التمويل كان لـ ٨ أفدنة بقيمة ٤١٩ الف جنيه وسداد بالأقساط لكل ١٠ جوالات قمح وزن ١٠٠ كيلو وأضاف من الصعب ترحيل القمح الى مطاحن غلال الباقير وجياد نسبة لتكلفة الترحيل العالية فلا يمكن نحن في جنوب الجزيرة نسلم في الباقير الأمر الذي جعل المزارع محبطا ودمرت معنوياته خاصة وان محصول القمح كان ذا تكلفة عالية تصل إلى ١٥٠٪ من العام السابق واضاف بهذه القرارات دمر المزارع وأدخل في خسائر كبيرة وضياع مجهوده دون فائدة.
البحث عن حلول
أما محافظ مشروع الجزيرة عمر مرزوق قال انهم بصدد إيجاد حلول للمزارعين كما انهم على علم تام بان المزارعين تحفظوا بجوالات القمح داخل منازلهم الأمر الذي جعلهم ينسقون لاجتماع سريع يتم اليوم مع البنك الزراعي وعلى أمل ان يخرجوا بتوصيات ومعالجات مرضية تصب في مصلحة المزارعين .الخبير الزراعي د. محمد أحمد عمر قال ان استلام تكلفة تمويل الموسم الشتوي للقمح من المزارعين في مطاحن سين في جياد والباقيران الخطأ كبير من قبل الدولة والبنك الزراعي ووزارة المالية في ظل الأزمة والضائقة التي تعم العالم في الأمن الغذائي والإمدادات الغذائية والاسمدة والموارد الزراعية.
واعتبر ان الخطأ في القرار تقاعس الدولة من شراء الكميات بأسعار تشجيعية أسوة بجميع الدول في المحيط العربي والتي أعلنت حوافز تشجيعية مع الأسعار التي أعلنتها، لجهة انها تعي تماما انها لن تجد قمحا حتى “بقروشها”،ترك استلام جميع القمح واستلام فقط التكلفة التي وصفها بالقليلة لجهة ان تمويل الدولة كان عبارة عن البذور وسماد الداب في حدود 6 الى7 جوالات نسبة لدفع المزارع سماد اليوريا نقدا وأشار الى ان الخطأ الثاني إلزام الدولة المزارع ترحيل القمح لمسافات بعيدة مما يشكل تكلفة عالية جدا مقارنة بالأسعار العالية للترحيل جراء سياسات الدولة لتحرير أسعار الوقود،وتساءل لماذا يتم تحميل المزارع هذه التكلفة العالية في ظل ان الإجراء الذي كان يتم في السابق استلام القمح في مراكز مختلفة في الجزيرة للتسهيل على المزارعين، بجانب انه تاريخيا يتم استلام القمح في الاساس في “الحواشة” يوم حصاده، واصفا إلزام المزارع بترحيل القمح وتخليصه من جميع الرسوم والجبايات المحلية والولائية والزكاة بالقرار المجحف،لجهة ان المزارع تكبد ترحيله من” الحواشة” لبيته وهذه تكلفه تشمل العتالة والترحيل،واضاف ان تكليف الدولة المزارع بترحيله مرة اخرى لمنطقة جياد تعمل على زيادة سعر التكلفة الذي حددته الحكومة الذي في الأساس غير مجز للمزارعين بواقع 43 الف جنيه للجوال، توقع ان تزيد أسعار القمح لأضعاف الأسعار الموجودة لذلك افضل للمزارع عدم توريد القمح للبنك الزراعي عينا وانما نقدا لتجنب التكلفة العالية بترحيله تقاعس الدولة عن استلام جميع المحصول المنتج.
وأكد أنه من خلال تواجده مع المزارعين لمس منهم هذا الاتجاه ورفضهم تسليم القمح بهذه الطريقة، مناشدا المالية والبنك الزراعي بتحديد مراكز كثيرة في مناطق ولاية الجزيرة المختلفة بتسليم تكلفته داخل المشروع على الأقل ١٠ مراكز ، وقال هذا الإجراء من المفترض تقوم به الدولة لإصلاح ما يمكن إصلاحه في العلاقة بينها وبين المزارع والتي تعتبر مهمة جدا لمستقبل المواسم القادمة وعدول كثير من المزارعين عن قرارهم بمقاطعة زراعة القمح في الموسم القادم.واعتبر تحديد مركز بعيد لاستلام القمح اضافة الى الرسوم والترحيل قرارا جائرا وغير مسؤول ويجهل تاما تكلفة الزراعة والخسارة التي تعرض لها المزارع جراء بيعه بأسعار اقل من المعلنة حيث وصل سعره ما بين 28 الى 30 جنيها حتى يتمكن من دفع تكلفة الحصاد عقب رفع الدولة والبنك الزراعي يده تماما من تمويل عمليات الحصاد وبالتالي المزارع تعرض للخسارة على طول سلسلة زراعة المحصول.ونوه الى أن الخطر على مستقبل الأمن الغذائي عظيم لجهة عزوف المزارع عن الزراعة خلال السنوات القادمة،وتابع” ان الأزمة الحقيقية للأمن الغذائي في السودان في الموسم الزراعي القادم في شهري مارس وابريل والتي سوف تكون في قمتها باعتبار عزوف المزارعين عن زراعة القمح في الموسم القادم وتتزامن مع أزمة السماد العالمية ولا أتوقع ان يكون بمقدرة البنك الزراعي شراء السماد في حدود 600 مليون دولار او مدخلات الإنتاج للموسم الصيفي و الشتوي في ظل عجزه تمويل شراء القمح واستلامه من المزارعين .وتوقع فشل الموسم الصيفي وتفاقم ازمة الغذاء لأرقام غير مسبوقة، فضلا عن تضاعف أسعار القمح ودخول الدولة في نفس المأزق الذي تتخوف منه حاليا وهو طباعة عملة تفاديا لارتفاع معدلات التضخم ،جازما بان ارتفاع أسعار القمح تؤدي الى ارتفاع التضخم مسألة لا مفر في ظل حاجة الدولة لاستيراد قمح بما لا يقل عن مليار دولار ولا بد من طباعة عملة لشراء القمح من العالم خارجيا ان وجد. وأوضح ان الانتاج المحلي في حال تم شراؤه لا يكفي احتياج البلاد أكثر من شهرين باعتبار ان إنتاج السودان لا يتعدى 600 الف طن في ظل احتياجات تفوق 3 ملايين طن،وتوقع زيادة في أسعار الدولار تفوق الألف جنيه قريبا وأزمة في الخبز كبيرة في الخرطوم خلال الأسابيع القادمة تتفاقم كلما ذهبت البلاد نحو شهر سبتمبر وأكتوبر تصل قمتها في شهر مارس وابريل مع فشل الموسم الشتوي وقبله الصيفي،مشيرا الى الوضع على مستوى خطير للغاية، داعيا الدولة بالاتجاه لوضع خطة تواجه بها شعبها للأمن الغذائي باستغلال الأراضي بالزراعة والتحرك سريعا لتأمين احتياجات الموسم الصيفي والشتوي من الأسمدة والمواد البترولية وحتى معينات الحصاد والمبيدات.
وذكر قرار الدولة باستلام القمح الخاص فقط بتكلفة البنك الزراعي قرار خطأ مفروض استلام جميع الإنتاج بالسعر التركيزي،وأضاف ان المواطن السوداني يشاهد كل ما يحدث بين البنك الزراعي والمالية والمزارع ويدركه تماما ويعي ان الوضع الحالي سوف ينتج أزمة غذائية ويعمل على زيادة الخبز او المواد الزراعية،وتابع المواطن لن يسكت على هذا الوضع وسوف يعمل عل تصحيح الأوضاع بشكل قد لا يعجب النظام الحاكم.وأبان الوضع في الأمن الغذائي خطير وكارثي وجميع الدول تتحسب لما قد يحدث، وكشف ان السودان أخطر وضع غذائي في المحيط الإقليمي خاصة عقب تعقيدات سد النهضة في حال تم الملء الثالث مما يؤثر على المشروعات المروية.
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.