توطين صناعة المخدرات بالسودان

(1)

كان السودان في السابق مِعْبراً لتجارة المخدرات عبر الشبكات العالمية التي تنشط في تصدير المخدرات إلى كثير من الدول عبر الحدود السودانية “الهاملة”…لكن مالبثنا إلا قليلا حتى تحولت بلادنا إلى سوق رائجة ومستهلك كبير للمخدرات..والآن نجح تجارالمخدرات في توطين صناعة المخدرات في السودان فانشأوا لها مصانع في بلادنا،والمكتشف منها مصنع ينتج 7200 حبةفي الساعة كما جاءفي الاخبار، ولم يبق أمامهم إلا الإعلان : (بشرى سارة : السودان يمزق فاتورة استيراد المخدرات ..لا لإستيراد المخدرات بعد اليوم، مصانع المخدرات السودانية تنتج أجود أنواع الكبتاجون والآيس كرستال إلخ … فقد فشلنا في توطين العلاج بالداخل ،وفشلنا في صناعة الدواء بالداخل ، وفشلنا في توطين زراعة القمح بالدخل، ولكن لابأس فقد نجحنا في توطين صناعة المخدرات، فلنعلن تمزيق فاتورةالإستيراد.

(2)

في مطلع العام 2017 انعقدت ورشة “تعزيز قيم ومفاهيم مكافحة المخدرات ” وظاهرة إنتشارها في المدارس والجامعات ..وقتها أقرّ والي الخرطوم آنذاك عبد الرحيم محمد حسين بأن السودان كان في السابق ممرًا لعبور المخدرات لدول أخرى إلا أنه بات الآن سوقًا رائجاً لها ، ومستهلك لهذه السموم ..يومذاك كان إعتراف والي الخرطوم المثير للقلق والدهشة يتصدر عناوين كل الصحف الصادرة في الخرطوم.. الورشة أصدرت توصيات مطمئنة للغاية وتعهد الوالي باستئصال هذه الأورام السرطانية في المدارس والجامعات والأسواق،بالقوانين الرادعة ذات القدرة الفاعلة على تحجيمها لكن تفاقمت سيول المخدرات وتنوعت وتشكلت وتعددت طرق استيرادها، وذهب كل شيء أدراج الرياح .

(3)

لكن أنظروا ما الذي حدث بعد ذلك…كنا نخشى على أبناءنا من “البنقو” طلع لنا الهيروين، الكراك ،النيكوتين ،الميثادون ،الكريستال ميث ،الكحول،الكوكايين ،الأمفيتامينات البنزوديازيين ،الـ “جي.إتش .بي” والكبتاجون…. رفعنا حواجب الدهشة مع والي الخرطوم قبل خمسة سنوات وتحسرنا على حال بلادنا التي تحولت من ممر لتجارة المخدرات العابرة إلى دولة مستهلكة للسموم القاتلة واكتفينا بـ (الفرجة).

(4)

تطورالأمر وازدهرت تجارة المخدرات في السودان، وزاد عدد المتعاطيين والمدمنين حتى اُضيفت مدارس الأساس لسوق المخدرات في حين غفلة … لكن ليت الأمر توقف عند هذا الحد…للأسف حدثت تطورات خطيرة وهي ماكشفت عنها ضبطية يوم أمس الجمعة..

(5)

قوة مشتركة من الإدارة العامة مكافحة المخدرات وجهاز المخابرات العامة، ضبطت أمس مصنعا، لإنتاج حبوب الكبتاجون المخدرة، في إقليم النيل الأزرق، بعد دخوله من إحدى دول الجوار بوساطة أجانب، كما جرى توقيف ثلاثة متهمين بينهم نظامي، ضمن الشبكة التي تدير هذا النشاط الاجرامي ، وذُكر أن المصنع ينتج حوالي 7200 ألف حبة في الساعة الواحدة، وتبلغ قيمة الحبة الواحدة 4 آلاف جنيه..هذا لعمري تطور خطير جدا ، ومن المؤكد أن الأمر لن يتوقف عند هذا الحد طالما أننا في كل جريمة وفي كل نشاط إجرامي نجد نظاميين يحمونه أو متورطين فيه أو شركاء ، وطالما أن القوانين الرادعة في (إجازة)..اللهم هذا قسمي فيما أملك..

نبضة أخيرة :

ضع نفسك دائما في الموضع الذي تحب أن يراك فيه ، وثق أنه يراك في كللا حين

احمد يوسف التاي

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.