حزب (السنابل).. هل تغشاه رياح الانشقاقات؟

قرر حزب المؤتمر السوداني أمس الأول حل الأمانة العامة وإحالة (17) عضواً من القيادات البارزة للمحاسبة، واتهم بعضهم بتسريب معلومات حزبية وخلق تكتلات داخل التنظيم، إضافة لإقالة الأمين العام للحزب محمد يوسف وتكليف محمد علي شقدي.

الخطوة التي اتخذها الحزب بتجميد عضوية تلك القيادات وإحالتهم للتحقيق أثارت جدلاً واسعاً، ووفقاً لمراقبين فإن هذه الخلافات الاخيرة قد تؤدي الى إنشقاقات أعمق داخل المؤتمر السوداني، معتبرين أن هذه الخطوة تمهيدية للفصل النهائي.

أسباب الخلافات

القيادي نور الدين صلاح أحد الذين جمدت عضويتهم نفى لـ (الانتباهة) وجود أية انشقاقات داخل الحزب، معتبراً ما حدث أمراً طبيعياً، واستبعد صلاح فصلهم من الحزب.

ولكن الأمين العام محمد يوسف اتهم رئيس الحزب عمر الدقير بالوقوف خلف استبعاده من التنظيم.

وهناك مراقبون اعتبروا أن ما يحدث داخل الحزب أمر طبيعي ولا يستدعي وجود انقسامات، مطالبين الحزب بحل الخلافات الداخلية وعدم خروجها لوسائل الإعلام حتى لا تؤثر فيه. وثمة تساؤلات تتقافز الى ذهن المتابعين عن مغزى واسباب الخلافات التي أدت الى تجميد عدد كبير من القيادات البارزة بالحزب، وهل سيتم فصلهم نهائياً، وما السبب الرئيس وراء استبعاد الأمين العام من التنظيم؟

مصادر متطابقة كشفت لـ (الانتباهة) أن اسباب الخلاف تعود لصراع مجموعتين داخل الحزب، واحدة تدعم ترشيح رئيس المؤتمر السوداني رئيساً للوزراء والاخرى ترفض الزج بالحزب في الجهاز التنفيذي، واضافت المصادر ان تنامي نفوذ التيار الشبابي الطامح في التغيير في ظل انشغال قادة الحزب بالاتفاق الإطاري وترتيبات الحل السياسي برز ضمن نقاط الخلاف خاصة، واشارت المصادر كذلك الى ان سعي الدقير لترتيب اوضاع الحزب بتأجيل انعقاد المؤتمر العام السادس ليعقد في مارس القادم بدلاً عن يناير، خشية فقدانه رئاسة الحزب وفتح باب للانقسامات ايضاً ضمن بوادر الازمة.

وتأسس حزب المؤتمر السوداني في عام 1986م بقيادة رئيس القضاء الأسبق عبد المجيد إمام، وبعد وفاته تولى قيادة الحزب إبراهيم الشيخ وخلفه عمر الدقير، ونادى الحزب بالديمقراطية والاعتراف بالعلمانية، كما يطرح الحزب مفهوماً للتعاون الاقتصادي الشامل بجانب رفضه التدخل الخارجي، وهو من الأحزاب الرئيسة المكونة للحرية والتغيير الموقعة على الوثيقة الدستورية.

ويرى المحلل السياسي صلاح الدومة أن ما يحدث داخل حزب المؤتمر السوداني يمكن أن يحدث في أي حزب، وقال في حديثه لـ (الانتباهة): (القيام بإجراءات ضد المخالفين داخل الحزب أمر طبيعي، ولكل حزب دستور محدد يحل من خلاله المشكلات)، ولم يستبعد الدومة فصل هؤلاء القيادات، ليضيف قائلاً: (إذا انطبقت على المخالفين لوائح الدستور سيتم فصلهم، وما يحدث داخل الحزب خلاف وليس انشقاقاً، وحال كون حزب جديد يمكن أن نسميه انشقاقاً)، متهماً جهات بأنها وراء خلافات الحزب السوداني، وأضاف قائلاً: (تسليط الضوء الشديد على قضية محددة يدل على وجود جهات لديها مصالح وراء ذلك).

ويتفق القيادي بالحزب نور الدين صلاح الذي جمدت عضويته مع الدومة حول استبعاده فصلهم من الحزب نهائياً، وقال لـ (الانتباهة): (الفصل أحد العقوبات المنصوص عليها في لوائح الحزب، ولكن لا أعتقد وجود ما يستدعي ذلك، وأنا مطمئن لمناخ المؤسسية الذي يخيم على أجواء حزب المؤتمر السوداني).

خلاف داخلي وعدم مخالفة

وبحسب نور الدين فإن ما يحدث داخل الحزب قضية تنظيمية داخلية، ومازالت الإجراءات ومراحل اتخاذ القرار حولها جارية، وما يحدث ليست له علاقة بقضية سياسية أو الاتفاق الإطاري الجاري، بحسب تعبيره. وأضاف قائلاً: (الحزب موحد حول وجهته ورؤيته السياسية، والمسألة لا تعدو كونها خلافاً في وجهات النظر في قضايا داخلية، حيث يعتقد بعض الأفراد داخل الحزب وجود مخالفات تنظيمية قد ارتكبت، فيما يدفع الطرف الآخر بعدم حدوث ذلك، ونحن الآن في انتظار القرار النهائي الذي ستتخذه مؤسسات الحزب)، وتابع قائلاً: (وجود خلافات داخل أية مؤسسة وتعدد الآراء مسألة طبيعية).

وفي ما يتعلق بحل الأمانة العامة للحزب يقول صلاح: (إن قرار حل الأمانة العامة أختلف معه، لكن في النهاية هذا قرار تم اتخاذه بشكل ديمقراطي، وعلينا احترامه والانصياع له)، نافياً وجود أية انشقاقات داخل الحزب، ومضى قائلاً: (لا توجد أية بذور انشقاقية داخل الحزب ناهيك عن الحديث حول حدوث انشقاق فعلي، وهناك خلافات نستطيع أن نديرها والوصول الى وضع تنظيمي آمن ومستقر), وفي منحى آخر قال: (حزبنا فاعل ومؤثر في الساحة السياسية، لذلك تسليط الأضواء عليه طبيعي، وليس غريباً أن تكون قضايانا محل تركيز واهتمام).

تباين وجهات

وبحسب الأمين العام للحزب محمد يوسف الذي تمت إقالته، فإنه لم تتم أية إجراءات محاسبة في حق المجموعة التي جمدت عضويتها، حيث قال لـ (الانتباهة): (رفعت لجنة التقصي التي كلفت بهذا الأمر توصياتها، ولم يحاسب أي شخص حتى الآن، وما أشيع حول استبعادي من التنظيم غير صحيح، وانا موجود داخل التنظيم، وما يحدث داخل الحزب ليس انشقاقاً، بل تباين في وجهات النظر حول كيفية إدارة الحزب، مما قاد المجلس المركزي لقرار حل الأمانة العامة، ونحن ملتزمون بقرارات المجلس). ومضى قائلاً: (الحزب لديه مؤسسته الديمقراطية، ونحن في حالة نقاش داخلي بغرض قيام المؤتمر العام في مارس المقبل)، وبشأن مصير القيادات المجمدة عضويتهم ومصير استمرارهم أو فصلهم من الحزب، يقول: (هذه أمور طبيعية تحسمها المؤسسات، ولا نستطيع التصريح حول قرارات لجان المحاسبة، وقرار الفصل سابق لأوانه).

وعن اتهامه رئيس الحزب عمر الدقير بالوقوف وراء استبعاده من التنظيم قال: (ما حدث تباين في الآراء فقط).

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.