حكومة جديدة.. هل تلبي طموح ومطالب السودانيين؟
بينما كان رئيس مجلس الوزراء السوداني، عبدالله حمدوك، يعلن تشكيل حكومته الانتقالية الجديدة، كان مسلسل الاحتجاجات ضد تردي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية مستمرا، في إشارة إلى تحديات اقتصادية غير مسبوقة وأزمات تلاحق الحكومة قبل حتى أن تبدأ عملها بحسب مراقبين
ورغم أن السودان يعاني من أزمات اقتصادية واجتماعية وسياسية وصحية، فإنه تخلى عن حكومة”الكفاءات” ليترك الأعباء بعهدة “حكومة محاصصة “من 26 وزيرا، جاءت بعد مخاض عسير من المحادثات بين القوى السياسية.
“محاصصة سياسية
وتختلف الحكومة الجديدة عن سابقتها، بحسب المحلل السوداني، أيمن ثابر، في حديثه مع موقع “الحرة” في أنها “حكومة مكونة من سياسيين وليست تكنوقراط، وانسحاب بعض الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني، واشتمالها على ممثلين عن الحركات المسلحة”.
وفي حين يرى ثابر، أن الأزمات الاقتصادية الطاحنة والغلاء وتدهور قيمة العملة تحتاج إلى حكومة تكنوقراط، فضلا عن إتاحة الفرصة لها من قبل العسكر، فإن عضو حزب المؤتمر الشعبي، بارود صندل، في لقاء مع “قناة الحرة” يرى أن حكومة المحاصصات السياسية الجديدة هو أمر إيجابي “لأن حكومة التكنوقراط لا يمكن أن تنجح في قيادة حكومة انتقالية”.
وتولى حمدوك المسؤولية بعد اتفاق لتشارك السلطة بين المجلس العسكري وقوى إعلان الحرية والتغيير عقب الإطاحة بالرئيس عمر حسن البشير. وقاد حكومة تكنوقراط اتسمت علاقتها مع الجيش بالاضطراب.
ويدافع القيادي في قوى الحرية والتغيير، مأمون فاروق عن الحكومة الجديدة ضد ما يتم وصفها به من أنها حكومة محاصصة سياسية قائلا “هذه الحكومة مزيج ما بين الكفاءات الوطنية والكفاءات السياسية”.
وأضاف أن كل الاتهامات التي كانت تكال لهذه الحكومة نتيجة لما رشح عن أسماء غير حقيقية لكن بعد أن تم الإعلان عنها بشكلها الحالي، تأكد أنه ليس هناك محاصصة سياسية بالمعنى المعروف”.
وزراء من الحركات المسلحة
واعتبر فاروق أن وجود وزراء من الحركات التي كانت تحمل السلاح في الحكومة تنفيذا لاتفاق جوبا “يمثل إضافة وانصهار لمزيد من فصائل المجتمع السوداني للمشاركة في الحكم لبناء السلام وتأكيده من خلال كونها جزء من الحكومة”.
وتأتي الحكومة الموسعة بعد توقيع اتفاق سلام في أكتوبر الماضي مع بعض الجماعات المتمردة. وتهدف إلى إنهاء الصراعات في دارفور وجنوب السودان بمنح الجماعات مناصب في المؤسسات الانتقالية وتهيئة الأوضاع لانتخابات خلال 39 شهرا.
كما حصلت جماعات متمردة، بناء على الاتفاق، على وزارات المعادن والثروة الحيوانية والتنمية الاجتماعية والتعليم والتنمية العمرانية والحكم الاتحادي. وفي الأسبوع الماضي عُين ثلاثة من قادة المتمردين ضمن مجلس سيادة انتقالي موسع.
ويرى أستاذ العلاقات الدولية الرشيد إبراهيم لـ”موقع الحرة” أن دخول الحركات المسلحة في الحكومة قد يعيد بعض التوازن والأمن وخاصة في إقليم دارفور، كما أن ذلك قد يؤدي إلى حل النزاع الحدودي مع إثيوبيا، حيث ستكون هناك شبه وحدة عسكرية على جبهات القتال، وهو ما قد يمثل ردعا للميليشيات الإثيوبية التي سيطرت على أجزاء من السودان
وضع اقتصادي متدهور
وتزامن إعلان الحكومة مع إندلاع تظاهرات فى مدن مختلفة من البلاد، بسبب ندرة رغيف الخبز والمحروقات وغلاء أسعار السلع ونقص السيولة، في بلد يعيش 65 في المئة من سكانه تحت خطر الفقر، بحسب أرقام حكومية.
وشهدت ولاية شمال كردفان الاثنين مظاهرات طلابية حاشدة، احتجاجا على تردي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية بالولاية، تطورت لأعمال شغب وإحراق حافلتين تابعتين لحكومة الولاية، فيما أطلقت الشرطة السودانية الغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين
وتجاوزت معدلات التضخم 260 في المئة وتراجعت قيمة العملة المحلية فيما تقدر الديون الخارجية للخرطوم بنحو 60 مليار دولار أميركي.
وقال الحاج حمد لـ”الحرة”: “كل شيء تضاعف 20 مرة، كنت بشتري الزيت بـ400 جنيه، الآن بأربعة مليون”.
المعارضة، من جانبها، قللت من فرص نجاح الحكومة فى حل الأزمات وهددت بالنزول إلى الشارع إذا اتبعت الحكومة الجديدة ذات السياسيات السابقة.
وحذر القيادي في الحزب الشيوعي السوداني في حديثه لـ”الحرة” من انهيار الفترة الانتقالية بالكامل في حين فشلت الحكومة الجديدة في الوفاء بمتطلبات الشارع الاقتصادية.