دراسة: دول تتهرب من تحمل المسؤولية بتبني نظرية “مؤامرة اندلاع الحرائق”
خلصت دراسة إلى أن سبب تبني دولٍ “نظرية المؤامرة” في تفسير اندلاع الحرائق الأخيرة في ترابها “يمكن النظر إليه على أنه وسيلة للهروب من هذه الأزمة، وعدم الرغبة أو عدم القدرة على تحمل تبعاتها، سواء من حيث حدة الانتقادات الداخلية بسبب الإدارة السيئة للأزمة، أو من حيث توظيفها سياسياً من قِبل قوى المعارضة”.وأضافت ورقة مركز “المستقبل” للأبحاث والدراسات المتقدمة، التي أعدها الباحث أشرف عبد العزيز، أن هذا المبرر، في تركيا والجزائر وتونس ولبنان، “لا ينفي مسؤولية الحكومات في بعض دول المنطقة عن الإخفاق أو أوجه القصور التي شابت إدارتها لأزمة الحرائق”.وشهد العالم مؤخرا مجموعة من الحرائق في عدد من الدول، امتدت من سيبيريا إلى بوليفيا وولاية كاليفورنيا الأمريكية، مروراً بالجزائر وتونس والمغرب في شمال أفريقيا، ولبنان وتركيا واليونان وإيطاليا في منطقة شرق البحر المتوسط.وذكرت الورقة البحثية أن بعض دول المنطقة تبنت “نظرية المؤامرة” في تفسيرها لاندلاع هذه الحرائق، رغم إرجاع الأمم المتحدة الأسباب العلمية إلى “ارتفاع درجات الحرارة والجفاف على المستوى العالمي، على نحو ما جاء في التقرير الذي نشرته المنظمة الأممية عن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC)، يوم 9 غشت”، ورغم ذكر المنظمة العالمية للأرصاد الجوية (WMO)، في يونيو الماضي، أن “العالم قد يصل إلى هذه الزيادة في غضون 5 سنوات فقط، علماً أن زيادة درجة الحرارة العالمية بمقدار درجة مئوية واحدة فقط قد تؤدي إلى زيادة في المساحات المحترقة في الغابات إلى 6 أضعاف مما هي عليه الآن، وفق بعض التقديرات”.وتابعت الورقة: “لم تكن تقديرات المنظمات الدولية بشأن تأثيرات التغيرات المناخية والاحتباس الحراري سببا كافيا بالنسبة لدول المنطقة في تفسير اندلاع هذه الموجات الهائلة والمتتالية من الحرائق خلال الأسابيع الماضية، وإنما لجأ بعضها إلى تبني ما يُسمى ‘نظرية المؤامرة’، وإلقاء اللوم على جهات أخرى اتهمها بإشعال هذه الحرائق”.وقدم المصدر ذاته أربعة أمثلة، من بينها ربط تركيا الحرائق بـ”تنظيمات إرهابية” في ترابها، وتحميل تونس “أطرافا مجهولة” مسؤولية حرائقها، والإشارة إلى ضلوع “أياد إجرامية” في مسؤولية التسبب في اشتعال الحرائق بالجزائر، واتهام “جهات” بافتعال حرائق لبنان.وفسرت الورقة “لجوء بعض دول المنطقة إلى ‘نظرية المؤامرة’ وتحميلها أطرافاً أخرى مسؤولية اندلاع الحرائق أو على الأقل مسؤولية استمرارها وانتشارها على نطاق أوسع، بدوافع واعتبارات، من بينها: التغطية على الفشل في إدارة أزمة الحرائق، ومواجهة الانتقادات الداخلية من قوى المعارضة، والطابع المتزامن للحرائق، إلى جانب توظيف أزمة الحرائق في صراعات داخلية”.ورغم تعدد الروايات الرسمية التي تبنتها حكومات بعض دول المنطقة حول تحميل أطراف أخرى مسؤولية اندلاع الحرائق، تقول ورقة مركز المستقبل إنه “من الصعب أن تصمد هذه الروايات، كما أنها لم تلق صدى إيجابيا داخليا في هذه الدول، على الأقل لسببين رئيسيين، أولهما أن ما شهدته بعض دول المنطقة هو جزء من كل، ولم يكن مشهداً حصرياً خاصاً بها فقط (…) ما يصعب معه التغاضي عن الأسباب المرتبطة بالتغيرات المناخية، والتسليم بأن ما شهدته دول المنطقة كان ‘مفتعلاً’، وإن كان من غير المستبعد أن تثبت التحقيقات في ما بعد تورط جهات ما، ربما تعمدت استمرار الحرائق أو تجددها لأطول فترة ممكنة، لتحقيق أهداف مرتبطة بصراعات أو خصومات سياسية أو غيرها”.وثاني الأسباب أن “الروايات الرسمية بشأن افتعال الحرائق لم تُسهِم في خفض حدة الانتقادات الشديدة التي ضجت بها وسائل التواصل الاجتماعي في الدول التي شهدت هذه الحرائق، بل على العكس، حمّلت ردود الفعل الداخلية حكومات دول المنطقة المسؤولية الكاملة، سواء من حيث عدم الاستعداد المسبق للأزمة، أو من حيث الإدارة غير الرشيدة لها”.ونبهت الورقة، في متمّها، إلى أن التقديرات الدولية التي تُحذِر من تأثيرات أشد خطورة للتغيرات المناخية خلال السنوات القادمة قد يترتب عنها “تضاعف مساحات المناطق المعرضة لخطر اندلاع الحرائق”؛ وهو “ما يجب أن يكون بمنزلة جرس إنذار خطير لدول المنطقة، على نحو يفرض عليها الاستعداد المسبق والجيد لمواجهة أزمات مستقبلية مماثلة”.