دعا إلى تنحية البرهان حزب الأمة.. مواقف متذبذبة في زمن الأزمة …!

0

يعيش حزب الأمة القومي أوقات عصيبة إثر تباين غير مسبوق في أروقته تجاه التطورات السياسية الأخيرة بالبلاد، وشهد  الحزب خلافات حادة بين قياداته عقب الإجراءات التي قام بها قائد الجيش عبد الفتاح البرهان في 25 أكتوبر من العام الماضي وما تبعها من اتفاق سياسي مع رئيس الوزراء المستقيل عبدالله حمدوك. عدة تيارات داخل حزب الأمة كل منها ينادي ويدعم موقفاً مختلفاً تجاه ما يجري. وأمس الأول طالب حزب الأمة القومي رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان، بالتنحي فوراً وإزالة ما أسماه (كافة آثار انقلاب 25 أكتوبر)، وما ترتب عليه من قرارات. وقال الحزب، في بيان، إنه بصدد إعداد مذكرة إضافية تطالب بتنحي البرهان على أن تسلم في موكب للسلطة (الانقلابية)، -كما وصفها-.

ويبدو أن موقف معارضة الأمة القومي للبرهان ليس بالجديد، فالحزب أعلن رفضه للقرارات التي اتخذها البرهان في 25 أكتوبر، ولكن هناك قيادات عليا ذات خلفية عسكرية بالحزب تقف مع البرهان في خطواته التي اتخذها وتدعمها، و الشاهد أن حزب الأمة لم يتخذ أية اجراءات في مواجهة القيادات التي لم تلتزم بقرارات الحزب، ففي الوقت الذي خرج فيه الحزب ببيان يطالب فيه البرهان بالتنحي، يعكف رئيس الحزب (المكلف) فضل الله برمة في صياغة مبادرات وحوارات لإنهاء الأزمة السياسية بين العسكر والمدنيين، تناقض مواقف حزب الأمة ليس بالأمر الجديد، فالحزب عرف في الساحة السياسية بتذبذب مواقفه، حيث كان يشارك ابن زعيم الحزب عبد الرحمن الصادق المهدي مساعداً للرئيس المخلوع عمر البشير، في ذات الوقت كان والده الراحل المهدي يقود المعارضين لحكومة الإنقاذ.

ويشير محللون إلى أنه من الصعب حدوث توافق في حزب الأمة القومي ما لم تقده شخصية حكيمة، وأن ما يدور به حالياً يهدد مستقبله السياسي وربما يقود إلى انشقاقات جديدة، ويرهن القيادي بحزب الأمة القومي يوسف الصادق الشنبلي انتهاء الخلافات داخل حزب الأمة القومي واتفاق قيادات الحزب على موقف موحد بعقد الهيئة المركزية للحزب، التي سوف تضع حداً لهذه الخلافات وتتخذ جملة من القرارات والتي سوف تكون ملزمة للجميع وتقفل باب التناقض والتذبذب والتشاكس وتزيل الضبابية والربكة التي ظلت تشهدها أروقة الحزب منذ وفاة رئيسه الراحل الإمام الصادق المهدي وإلى يومنا هذا، ويرى الشنبلي في حديثه لـ(الانتباهة) أن دعوة المكتب السياسي لحزب الأمة القومي بتنحي البرهان دعوة غير موضوعية ويستحيل تطبقها ولا تشبه قيم ومبادئ الحزب التاريخية ولن تجد القبول من قطاعات الشعب وهي دعوة أطلقها تيار محدد في الحزب عرف بتيار اللاءات الثلاث ( لا حوار، لا تفاوض، لا شرعية ) وهي دعوة لا تمثل الحزب بل تمثل تياراً محدداً في الحزب ، لجهة أن رئيس الأمة المكلف فضل الله برمة قاد التفاوض مع البرهان بتفويض كامل من مؤسسات الحزب ومشاركة الأمانة العامة ونواب الرئيس ومساعدي الرئيس عبر مؤسسة مجلس التنسيق الأعلى بالحزب وصولاً للاتفاق السياسي الذي تم توقيعه .

ويؤكد الشنبلي أن مبادرة الحزب لحل الأزمة السودانية لم يأت فيها أي بند يطالب بتنحي البرهان، أو إبعاد الجيش عن السلطة، واعتبر المطالبة بتنحي البرهان تغييراً كاملاً في مواقف الحزب السابقة وتخلياً عن المبادئ التي كان يسير عليها، والذي كان ينادي بالحوار مع المكون العسكري والشراكة معه في السلطة ، وأوضح أن الحزب إقترح كتابة ميثاق ينظم العلاقة مع المكون العسكري ، وأضاف لكن بيان المكتب السياسي الأخير يكشف التناقض والتخبط في المواقف بصورة مدهشة وغريبة في محاولة بائسة لتبني شعار اللاءات الثلاث ( لا تفاوض، لا شراكة، لا شرعية )، وأرجع  الشنبلي هذا الأمر إلى الاختلاف داخل الحزب وأن هنالك تياراً في الحزب مسنود من قيادات في الحزب تتبنى خط وشعار اللاءات الثلاث ( لا حوار، لا شراكة، لا شرعية ) بجانب إبعاد المكون العسكري عن السلطة وتسليمها لحكومة مدنية، ويضيف قائلاً :(لكن أيضاً يوجد تيار في الحزب لا يرفض الحوار والشراكة مع المكون العسكري ويقر بشرعية المكون العسكري والذي منحت له عبر الوثيقة الدستورية) .

ومع ضبابية الرؤية في حزب الأمة القومي، فإن ثمة مشاهد تشير إلى إنقسام وشيك في الحزب ووسط قياداته، بعضهم يؤيد خطوات رئيس الحزب المكلف فضل الله برمة المساند لقرارات البرهان ، وآخرون يقفون ضدها ويدعمون التصعيد الثوري الذي تتبناه قوى الحرية والتغيير. ويؤكد المحلل السياسي محيي الدين محمد محيي الدين أن حزب الأمة يعاني من فقد زعيمه الراحل الإمام الصادق المهدي فهو يفتقد الإجماع حول القيادة وتظهر عليه علامات تنافس وتسابق مراكز القوى ، ويضيف في حديثه لـ(الانتباهة) الأمة القومي من جهة يريد أن يقود قوى المعارضة لتشكيل واقع جديد يتسيد فيه القيادة ، وهناك تيار واقعي يدرك أن (قحت) في فترة حكمها أخذت من الحزب البريق وسلبته حق الزعامة ، ويشير إلى أن التيار الأول يمثله الأمين العام الواثق البرير وأبناء المهدي (مريم والصديق) ، بينما يحظى التيار الثاني بدعم اللواء برمة ناصر والفريق صديق ويقف خلفهم من وراء ستار اللواء عبدالرحمن الصادق المهدي – حد قوله- ، وهو تيار يرى أن إجراءات قائد الجيش التصحيحية خطوة في اتجاه إعادة قاطرة الانتقال إلى جادة الطريق.

ويؤكد محيي الدين أن المواقف التي تصدر من كلا الفريقين تعكس حجم التباين في التقديرات السياسية ما يؤثر على وضع الحزب على خارطة المشهد السياسي كما أنه يزيد من ارتباك المشهد ككل ، ويشير إلى أن استمرار هذه الحال من الخلاف بين التيارين من شأنه إضعاف حزب الأمة وضعضعة ثقة العضوية فيه وربما يفتح الباب أمام انتقال قيادات شبابية إلى حزب الأمة بقيادة مبارك الفاضل فالرجل يوطد وجوده في الواقع السياسي ببعد نظره وقوة حجته وكذلك (الكاريزما) التي يفتقدها كل قادة الصف الأول في كلا التيارين . وفي خضم ذلك يبدو أن حزب الأمة القومي يعيش صراعاً مركباً حول السلطة بعد رحيل الإمام ، إذ نجد أن الحزب حريص على المشاركة في أية حكومة تأتي في البلاد ، ويبدو أن هذا نهج اتخذه الحزب في الممارسة السياسية في البلاد .فيما يرى مراقبون أن الحزب اضطر إلى اتخاذ موقفه الأخير بالنظر إلى تداعيات الأحداث الدامية التي سقط فيها عدد من الشهداء والمصابين وموجة من الاعتقالات في صفوف الناشطين خشية أن يصنف الحزب من قبل قوى الثورة بانه يتخذ موقفاً ضبابياً تجاه الحراك الثوري في ظل مبادرات التسوية مع العسكر التي يقوم بها رئيس الحزب وحفاظاً على وحدة الحزب من الانقسام سيما في ظل مواقف شباب الحزب الرافضة لنهج التسويات .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.