دعوات التظاهر لنداء أهل السودان اليوم .. (التسوية) في (الميزان)..!

لم يعد من السهل التنبؤ بمصير مجريات الراهن وسبل حل الازمة التي تقود البلاد نحو وضع مجهول، في ظل حالة العبث السائد بالساحة السياسية، وتواترت أنباء عن تسوية مرتقبة لوضع حد لحالة السيولة واستئناف الانتقال المتعثر منذ اجراءات اكتوبر فيما عرفت بقرارات البرهان، والتسوية في حد ذاتها أثارت جدلاً واسعاً في توصيفهاً حيث إن قوى سياسية وتحالفات ذهبت الى انها ثنائية ودعت للتصعيد لوقفها، فيما تؤكد التسريبات عن حوار غير معلن بين مجموعة المركزي والمكون العسكري ومكونات حزبية على غرار الشعبي وأنصار السنة والاتحادي الأصل قد تفضي الى اتفاق وشيك يعلن عنه خلال ايام.

ودعت نداء أهل السودان للخروج في تظاهرات حاشدة ظهر اليوم (السبت) رفضاً للتسوية وتـأتي دعوات مبادرة القطب الديني الطيب الجد بعد ايام قليلة من تظاهرات قوى الحرية ولجان المقاومة بمناسبة الذكرى الاولى لقرارات البرهان والتي كانت يوم الثلاثاء الماضي، الخروج لدعوات الخامس والعشرين الماضي والتاسع والعشرين الذي يوافق اليوم عكس بشكل واضح حالة التنافر والتجاذب بين معسكرين يرى مراقبون ان تقييم تشكيل المشهد الجديد سيمر عبر بوابة تظاهرات اليوم بعد انتهاء تداعيات ٢٥ اكتوبر الماضي وتباينت ردود الافعال حيالها.

ونفى المكون العسكري في اكثر من سانحة الاتجاه لتسوية ثنائية وأكدوا ضرورة الحال التوافقي وورد ذلك في اخر تنوير للقائد العام للقوات المسلحة الفريق اول ركن عبد الفتاح البرهان مع ضباط الجيش عوضاً عن تأكيد ذلك لمبادرة نداء اهل السودان قبيل١٠ ايام وهو ما اكده عضو اللجنا العليا للنداء ورئيس حزب دولة الشريعة والقانون الجزولي في حوار مع الانتباهة الاسبوع الماضي.

وعلى عكس المكون العسكري فان قيادات المجلس المركزي ظلت تؤكد وجود حوار مع المكون العسكري رغم رفضهم ان الامر لا يعدو كونه تفاهمات، دلالات اقتراب التسوية بحسب متابعين بالامكان الاستدلال به من تحول لهجة المركزي المتحول من خانة الرفض المطلق واسقاط العسكري الى تبشير قياداته بضرورة ايجاد حل سياسي.

ولا يبدو بأن مكونات مبادرة نداء اهل السودان لها مكان حال انجزت التسوية لجهة انهم لم يلتقوا اطرافها خاصة الحرية والتغيير التي ترفض التحاور معهم لجهة ان اغلب القوى داخل مبادرة الطيب الجد شاركوا نظام الانقاذ.

ويترقب المراقبون ما ستسفر عنه تظاهرات اليوم التي ستمضي صوب مقر الامم المتحدة بتقاطع الستين مع اوماك في اشارات واضحة لرفض الذين سيخرجون اليوم للتدخل الاجنبي.

(2)

ويرى المحلل السياسي بابكر يحيى عبدالرحمن أن الدعوة لمواكب ٢٩ أكتوبر تأتي على خلفية ما راج عن اتفاق ثنائي يجمع المجلس المركزي للحرية والتغيير والمجلس العسكري مرة أخرى حول مائدة حكم الفترة الانتقالية على حد قوله، وأضاف أن هناك قوة وطنية تمثل قطاعاً عريضاً من الشعب السوداني غير داعمة لهذا الاتفاق بل أن جماهير الحرية والتغيير رافضة لهذا الاتفاق ولا يتماشى مع إرادتهم ومع قناعاتهم ووصف الاتفاق بأنه محاولة يائسة لإعادة إنتاج الفشل مبيناً أنه سيولد ميتاً إن تم باعتبار أنه يجمع طرفين معزولين جماهيرياً فقاعدة الجيش لا تقبل باتفاق ثنائي، وقاعدة المجلس المركزي لا تقبل أيضاً بوجود العسكر على سدة الحكم، وتساءل بابكر يحيى بقوله (لماذا تأخروا كل هذا الوقت وبعد كل هذه الخسائر في الأرواح والممتلكات ليوقعوا اتفاقاً ثنائياً في هذا الوقت)، وكشف عن أن التظاهرات تنظمها مبادرة نداء أهل السودان وأن الإسلاميين مجرد داعمين لهذه المبادرة باعتبار أنها تمثل قناعاتهم وقضاياهم الكلية وتمثل ضمير أهل السودان الحي.

غير ان لعضو المجلس المركزي للحرية والتغيير عبلة كرار راي مختلف عن الراي السابق حيث قالت بعد تخلي المكون العسكري عن الحاضنة العسكرية المكونة من النظام المباد يصر هؤلاء في اشارة للتيار الاسلامي على الاستماتة في مقاومة استئناف مسار التحول المدني الديمقراطي ويحاول جاهدين قطع الطريق امام اي مجهودات مبذولة لحل الازمة الراهنة التي هم عناصر فاعلة في تأجيجها.

ولا ترى عبلة بأن تظاهرات اليوم (السبت) ستحظى بتأثير يذكر بقولها : ستكون مثلها مثل تلك المواكب الهزيلة التي كان ينظمها الفلول ويسمونها بالزحف الاخضر فهي مواكب توضح بشكل قاطع عزلة هذه القوى من الشارع رغم اجتهادهم في توفير المال والوجبات واعطاء الحوافز واستغلال طلاب الخلاوي والبسطاء ليظهروا بحشود كبيرة ولكن رغم ذلك تخرج مواكب هزيلة وقليلة العدد.

وقطعت عبلة بعدم وجود تسوية وانما مباحثات عبر الوسطاء الدوليين لايجاد حل سياسي لاستئناف مسار الانتقال من خلاله ونحن كقوى حرية وتغيير لن نقبل باي حل لا يحقق مدنية الدولة الكاملة واصلاح المنظومة الامنية بالوصول لجيش وطني واحد وتحقيق العدالة.

(3)

وتباينت ردود افعال القوى السياسية حيال تعليقها على دعوات الخروج اليوم حيث خرجت الأمانة العامة للمؤتمر الشعبي ببيان ذكرت فيه ان الشعبي ظل يسعى للتوافق والجلوس من أجل حل المشكل السوداني، والتواصل مع كافة القوى السياسية من أجل ذلك وانهم طالعوا دعوات مجموعة نداء السودان للخروج في مسيرة وانهم مع حق التظاهر غير ان لا صلة لهم بدعوات التظاهر.

فيما خرجت شورى الشعبي ببيان مناهض للامانة العامة ودعت عضوية الحزب للخروج لزاماً لحماية الدين واستقلالية الوطن.

الكاتب الصحفي والمحلل السياسي ياسر محجوب بدوره علق على معرض الطرح وقال

بان الجموع التي ستخرج اليوم السبت ستدعو القوات المسلحة لعدم تسليم البلاد لوكلاء الخارج المستهدفين لقيم المجتمع وهويته وأنها ترسل رسالة قد تعيد التوازن للمسرح السياسي وترسم الصورة الحقيقية لتوجهات الرأي العام الرافض للتدخل الأجنبي والعازم على على إسقاط أي تسوية ثنائية لا تعير الاجندة الوطنية الاهتمام اللازم.

مضيفاً بان دعوات الخروج اليوم تأتي ضد تسوية سياسية تحاك في الغرف المظلمة وعرابها فولكر نفسه على طريق ذات نهجه المنحاز والمرتبط بالاجندة الخارجية التي تريد اعادة صياغة الواقع السياسي وتجاهل القوى الحية ذات الوزن الشعبي والمعبرة عن الطيف السوداني الواسع مشيراً الى ان هذه القوى هي ذاتها التي أيدت قرارات 25 أكتوبر التي هدفت لتصحيح مسار سياسي كاد أن يعصف بالبلاد بعد أن وصلت الحالة السياسية لطريق مسدود بسبب تسليم السلطة لقوى سياسية بلا تفويض شعبي ممثلة في قحت والتي تجاهلت تشكيل حكومة كفاءات وطنية مستقلة وتعيين المحكمة الدستورية واعتمدت اقصاء الآخر وارتكز تصحيح المسار يومها إلى قاعدة وقوف القوات المسلحة على مسافة واحدة من الجميع وضرورة اشراك جميع القوى السياسية في اتفاق حول الفترة الانتقالية، وزاد محجوب قائلاً : لكن تواتر انباء عن تسوية سياسية ثنائية بين المكون العسكري وقحت1 اثار غضب الاغلبية من الشعب لأنها تسوية ستعيد انتاج الازمة وتقصي الاطراف الاخرى فقط لأنها تسوية تقف من خلفها القوى الاجنبية.

(4)

وتشكلت مبادرة نداء السودان في اطار الاطروحات الوطنية التي قدمت لحل الازمة بالبلاد حيث التحقت بها قوى سياسية بلغت ١٢٠ حزباً وحركات مسلحة وزعماء ادارات اهلية وطرق صوفية

وصاحب المبادرة جدل واسع وطالتها اتهامات من مجموعة المجلس المركزي بانها تضم عضوية النظام السابق والاسلاميين، غير ان قيادات النداء ظلوا يؤكدون بانها تضم اطيافاً عديدة وليست حكراً على طرح محدد وانهم حرصوا على التواصل مع جميع الاطراف غير انهم لم يجدوا استجابة من قوى الائتلاف.

وتوقع موسى بان تكون دعوات اليوم مختلفة للتيار الاسلامي ولن تكون كسابقاتها وستسهم في زيادة حالة الاحتقان السياسي بين المكونات السياسية وتوسع من رقعة الرفض السياسي لكثير من القرارات التي تحاول الالية السياسية و اللجنة الثلاثية تسويقها كمشروع رئيس للتسوية وهو مشروع مرفوض حتى الان من عدد من القوى السياسية والاهلية.

من جهته اعتبر الخبير السياسي د. صلاح الدومة بان تظاهرات اليوم السبت هي محاولة لاعادة النظام القديم بتعطيل التسوية والعمل على فرض عودته ولو بنسبة.

واضاف الدومة بان منسوبي النظام السابق لا زالوا حريصين على العودة والمشاركة في كيكة السلطة عبر القوى الرجعية الارتدادية التي تساند هذا التوجه.

(5)

وتأتي احتجاجات نداء أهل السودان بعد ايام قليلة من تظاهرات قوى الحرية والتغيير والتي خرجت يوم الثلاثاء الماضي وأثارت تساؤلات عن تقزم علاقة قوى المركزي بالشارع والقوى الشبابية وهو تراجع بدا واضحاً اذا ما تمت مقارنته بالتظاهرات التي كانت تخرج ضد اجراءات اكتوبر خلال الاشهر الماضية.

وستكون الانظار متوجهة صوب تقييم خروج مسيرات اليوم والتي حال خرجت باعداد كبيرة لربما تفضي الى اعادة صياغة جديدة للمشهد السياسي بابطال التسوية مثار الجدل.

ومع صمت المكون العسكري عن الادلاء باي تأكيدات قاطعة عن عدم وجود تفاهمات بجانب عدم تشكيل حكومة بعد فراغ دام عاماً كاملاً يذهب مراقبون الى ان تسريبات التسوية لربما تكون حقيقية ولكن ليس بتوصيفها الشائع حالياً بالثنائية وانما تفاهمات تعيد بعض مكونات المركزي وقوى اخرى

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.