د. صلاح بندر يكتب من لندن عمالة الحزب الشيوعي للمخابرات المصرية


✳️ منذ محاولة اغتيال حسني مبارك في اواخر يونيو 1995 كان اخطر قرار اتخذته المخابرات العامة المصرية بقيادة اللواء عمر محمود سليمان هو اجراء تغيير جذري في قيادة ومنهج وسياسات واستراتيجية القرن الإفريقي. واستبدال الثلاثي المسؤول عن الملف اللواء أحمد الشربيني واللواء محمود خلف واللواء محمد مجاهد الزيات، وتحنيطهم في المركز القومي لدراسات الشرق الأوسط.
✳️ ولكن أخطر قرار كان هو التحالف مع الحزب الشيوعي السوداني والاعتماد عليه تماماً بديلاً لكل قنواتها التاريخية في المعلومات والاختراقات والدعم الميداني لمصادرها، وتنفيذ العمليات …الخ ومن خلال هذه العلاقة المتينة استطاعوا تأسيس قنوات مباشرة وركائز قوية مع كل المجموعات السياسية اليسارية في القرن الافريقي وجنوب السودان وعلى رأسها حركة التغراي.
✳️ وتم دعم كوادر الحزب الشيوعي (ومنها دعم الصعود المتدرج للدكتور عبدالله حمدوك) وبتنسيق كامل مع قيادته، بل كلفوا لجنة برئاسة فاروق ابوعيسى بالتعاون مع التجاني الطيب بابكر والصحفي محجوب عثمان خير بمساعدتهم في اختيار كوادر تم تدريبها في مصر ولاحقاً في لبنان؛ ولاول مرة في تاريخ المخابرات العامة المصرية تجاوزوا شرط الجنسية المصرية بالميلاد حتى للأب والأم وتم توظيف سودانيين في الجهاز واعتماد مخصصات ورواتب مالية ثابتة لهم، بالاضافة الى نظام المكافآت.
✳️ والآن نحن في بريطانيا عندنا ثلاثة شيوعيين صلتهم مباشرة بالوزير المفوض المصري في سفارتهم بلندن.
✳️ اشرف على هذا الملف بصورة مباشرة منذ منتصف 2015 اللواء ناصر محمد فهمي (نائب رئيس الجهاز اللواء عباس كامل, والذي تولى الملف الفلسطيني خلال الفترة من 2005 وإلى 2017)؛ ويدار هذا التعاون والتنسيق ميدانياً من داخل السفارة المصرية في الخرطوم بواسطة العميد في جهاز المخابرات المصرية أحمد عدلي إمام.
✳️ الطريف في هذا الأمر هو المحاولات المستميتة لاخونا مبارك الفاشل (ود منيرة) منذ منتصف التسعينيات ان يعرض كذلك خدماته، بل وكان يلح على فاروق ابوعيسى ومحجوب عثمان بشكل مزعج لدعمه في ذلك الاتجاه؛ ولكنهم لا يثقون فيه وتفادوا كل محاولاته (الاجهزة المصرية+قيادة الحزب الشيوعي).
✳️ الآن المخابرات العامة المصرية تعتمد على الحزب الشيوعي السوداني بشكل كامل داخل السودان وفي اوساط الجاليات السودانية في المهجر.
✳️ لذلك تجد ان كوادر اليسار تحت رعاية وحماية الاجهزة المصرية بالكامل (حيدر ابراهيم علي، الحاج وراق سيد احمد، فيصل محمد صالح، صلاح جلال، الشفيع خضر سعيد، فريد عبدالله، محمد فتحي ابراهيم …الخ). واصبحت مواقف الحزب الشيوعي تتماهى وتتوافق مع الموقف الرسمي للنظام في القاهرة: الموقف من محاولة اغتيال حسني مبارك والتحريض لغزو السودان، التجسس على الجاليات المصرية والسورية والليبية والتونسية في السودان بإعتبارهم كيزان؛ الصمت المخجل عن مذبحة ميدان مصطفى محمود في المهندسين (ديسمبر 2005); الموقف المخزي والتحريضي ضد انتخاب الرئيس مرسي (مايو 2012) والتأييد الاعمي لانقلاب الجنرال السيسي (يوليو 2013)؛ الترويج للموقف الرسمي المصري في الاوساط السودانية والتواصل المستمر مع السفارة المصرية في الخرطوم …الخ.
✳️ ولعل في الوقت المناسب سينكشف المستور عن دور الانتهازي المحترف ياسر العريبي مع كادري الحزب الشيوعي في بريطانيا (علي الوسخان، نونو بت خادم الله) في الإشراف على مونتاج الفيديو الاباحي لتلطيخ سمعة القائد أركو مني مناوي في اعقاب اتفاق جوبا للسلام (اكتوبر 2020). فقد بادرت منذ شهور طويلة باخطار حسين مناوي، ثم نورالدائم طه، ثم اخيراً الصحفي عطاف عبدالوهاب التوم بعد تعيين مني اركو مناوي حاكماً لدارفور في مايو 2021. ولكن قدرت قيادة حركة مناوي ان تصمت وتجاوز الموضوع الى ان طفح مرة أخرى في نسخة محورة وراثياً من خلال قنوات جديدة. وهنا سبق السيف الغذل وبدأت في التعبير عن استهجانها واستنكارها بعد 20 شهراً من انذاري المبكر لهم !!

✳️✳️ ملحوظة: *هذا التحالف الاستراتيجي (العمالة ان شئت) بين الحزب الشيوعي والاجهزة المصرية بالاضافة الى تمويل المخابرات الامريكية والمصرية والصمت المخزي عن اوضاع الجالية السودانية في المحروسة هو سبب استقالتي من الحزب الشيوعي في بداية 1997. وعملت منذ ذلك الوقت وبإصرار في كشف المستور والمسكوت عنه في كل هذه المحاور براً وبحراً وجواً.

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.