زيارة مبعوثين غربيين للسودان… ما الذي سيتغير؟


يبدو ان ملامح المشهد السياسي في السودان مازالت تشهد تعقيدات مختلفة، خاصة في ظل تباعد المواقف حول الاتفاق الاطاري والمبادرة المصرية، وهذه التعقيدات من الواضح انها زادت التحركات الخارجية تجاه السودان لحسم مسألة الأزمة السياسية، خاصة ان الصراع على المصالح احتدم واصبح يدار على المكشوف.
دفع المسار
وانتقلت التحركات الخارجية لمربع الزيارات الرسمية، حيث يصل البلاد بعد غدٍ الأربعاء ستة من المبعوثين الدوليين في زيارة رسمية تستغرق يومين، ويضم وفد المبعوثين فرنسا، النرويج، أمريكا، بريطانيا، المانيا ومبعوثة الاتحاد الأوروبي للقرن الإفريقي، وبحسب وكالة السودان للأنباء فإن وفد المبعوثين سيلتقي المكونات المدنية والسياسية لتقريب وجهات النظر ودفع عملية المسار السياسي لتحقيق الانتقال الديمقراطي، كما سيلتقي بعثة الأمم المتحدة للسلام بقيادة فولكر بيرتس ومنظمات الأمم المتحدة العاملة في السودان، والوقوف على برامج العون الإنساني التي تدعمها بلدانهم عبر الوكالات وبرامج الأمم المتحدة والمنظمات الدولية، كما سيلتقي الوفد المسؤولين في المجلس السيادي، وتتزامن زيارة المبعوثين الستة مع زيارة وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف الذي سوف يصل الخرطوم أيضاً بعد غدٍ الأربعاء.
تداخل وتشابك
ومن جانبه يؤكد المحلل السياسي محمد محيي الدين ان الزيارة دلالة على ان الاوضاع في السودان تمثل اهمية لعدد كبير من الدول لان المنطقة فيها صراعات نفوذ دولية، وبالتالي كل طرف يريد ان يستفيد من هذه الوضعية لتحقيق مصالحه، فالاوروبيون لديهم هواجس حول استقرار السودان وتأثيره في الهجرة غير الشرعية والارهاب وغيره. ويضيف محيي الدين في حديثه لـ (الانتباهة) ان هناك تنافساً بين الدول الاوروبية والولايات المتحدة الأمريكية مع روسيا من جهة والصين في افريقيا، بالتالي قضية الموقع الجيوسياسي للسودان تمثل نقطة اهتمام للمبعوثين الدوليين، ويقول: (قد لا يكون الامر بترتيب او محض الصدفة ان تكون الزيارات متزامنة، وربما تم تنسيقها في وقت من الاوقات حسب البروتكول والاجراءات، وهذا لا ينفي ان يكون بعضها متداخلاً لأن الاوضاع في المنطقة كلها السودان مؤثر فيها اذا كانت الاحداث في ليبيا او غرب افريقيا وتشاد وافريقيا الوسطى وامن البحر الاحمر، فهذه كلها قضايا متداخلة ومتشابكة تجعل الزيارة في هذه التوقيت ذات اهمية بالنسبة للسودان والمبعوثين الغربيين)، ويشير محيي الدين الى ان تأكيدات رئيس مجلس السيادة البرهان على الالتزام بالاتفاق الاطاري بغية نفي ما يشاع عن ان الجيش يريد قطع الطريق امام التسوية السياسية، وهناك قاسم مشترك في تحليل خطابات البرهان منذ التوقيع على الاتفاق الاطاري وحتى الآن، وهو التأكيد على انهم يريدون تسوية سياسية شاملة لاتستثني سوى المؤتمر الوطني، والجيش لن يسلم البلاد لفئة سياسية معينة، مما يشير الى ان التسوية يجب ان تشمل قوى اوسع من الحرية والتغيير، وهي لم تنظر اليه بجدية، ويجب النظر الى هذا الامر في سياق ارتدادات التسوية ومشاركة القوى السياسية وما يمكن ان يؤثر في استقرار السودان.
عدم التنصل
وفي ذات الوقت نفى رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق اول ركن عبد الفتاح البرهان التراجع عن الاتفاق الاطاري، وقال: (هناك من اعتقدوا أننا بصدد التنصل عن الاتفاق الإطاري، لكن سنمضي فيه وفق رؤيتنا لتوحيد السودانيين، والقوات المسلحة لا تخطط للانقلاب على ما اتفقت عليه)، وأكد رئيس مجلس السيادة أن الجيش ليس ضد أحد، وأن توقيعه على الاتفاق الإطاري لكي لا يتم إقصاء الآخرين، مشيراً إلى ضرورة أن يشمل النقاش القضايا المتفق حولها من كل القوى السياسية عدا المؤتمر الوطني.
ضغوط جديدة
استاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية ابو بكر سالم يرى ان التعقيدات المتعددة في المشهد السوداني جعلت الضغوط الخارجية لإنهاء الازمة السياسية تتحول من مبادرات الى زيارات رسمية لأن التعقيدات في حالة زيادة يومية، وقال لـ (الإنتباهة): (تلك التحركات الخارجية سبقتها تحركات لممارسة بعض الضغوط لإنهاء الوضع القائم في البلاد، ولكنها لم تفلح لتمترس الفرقاء عند نقاط الخلاف، وليست خفية على السودان الاهداف التي تسعى وراءها امريكا وروسيا والتسارع لكسبه من اجل مصالحها، ولكن يبدو ان هناك املاً في ان تنفرج الازمة السياسية في القريب عقب هذه الزيارة الجماعية للمبعوثين الغربيين).

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.