سحب طاقم السفارة السودانية من واشنطون.. تفاصيل الحكاية

يبدو أن ترتيبات دبلوماسية تمضي فيها وزارة الخارجية، وذلك بأن اعادت سفارة السودان بواشنطون جميع طاقمها الدبلوماسي إلى الخرطوم في خطوة وصفت بالمفاجئة، الأمر الذي اثار تساؤلات عدة. وفيما تداخلت الآراء وتفرعت الاسباب في ما يخص توجه الخارجية لهذه الخطوة، يطرح السؤال نفسه حول الاجراء وتداعياته وتوقيتاته، وهل يأتي في إلاطار الروتيني للترتيبات الإدارية وما أبعاد الخطوة سياسياً؟
(1)
عد دبلوماسيون توجه وزارة الخارجية بسحب طاقم السفارة السودانية من واشنطون أمراً عادياً يأتي في اطار الترتيبات الادراية خاصة في ظل ابتعاث سفير جديد وهو السفير محمد عبد الله ادريس الذي ينتظر موافقة واشنطون عليه، وان الخطوة ليست لها اية ابعاد سياسية، غير أن مصادر كشفت عن حالة عدم رضاء.
وكشف مصدر مطلع بوزارة الخارجية ان الاجراء الذي تم بسفارة السودان بواشنطون اداري عادي جداً وتم تضخيمه، وان اعادتهم لم تكن مفاجئة وانما لترتيبات اجرائية، مشيراً إلى ان من تمت اعادتهم كانت لاسباب طبيعية، حيث ان القائم بالاعمال عصمت قباني وصل إلى سن التقاعد، فيما تمت اعادة نائبته اميرة عقارب وذلك لترشيحها لدولة كوريا، رغم ان الاخيرة كانت قد ارتكبت خطأً فادحاً احرج الخارجية، وذلك من خلال الخبر الذي نقلته باستئناف البنك الدولي برامجه، فيما تمت اعادة الوزير المفوض ايهاب لانتهاء مدة خدمته.

واضاف المصدر ان الخارجية السودانية تنتظر الموافقة من نظيرتها الامريكية على ترشيحها السفير محمد عبد الله ادريس لسفارة البلاد بواشنطون خلال الايام القليلة المقبلة. وكان الاخير قد عمل وزير دولة بالخارجية وكذلك سفيراً في لندن، فيما تم الإبقاء على المستشار سيف الاسلام محمد عبد الرحمن في موقعه بواشنطون، واشار كذلك إلى ان العلاقات بين البلدين جيدة جداً، وان واشنطون تحرص على استقرار البلاد، وذلك من خلال حرصها على ايجاد صيغة لحل سياسي بين الاطراف المتنازعة.
(2)
وعلى معرض الطرح المذكور اعتبر السفير علي الصادق ان الاجراء الذي تم طبيعي ومسألة ادراية في المقام الاول وليست لديها اية ابعاد سياسية على مستوى البلدين، وتأتي في إطار ترتيب البعثة هنالك، خاصة ان هنالك سفيراً جديداً سيزاول مهامه خلال الفترة المقبلة، كما ان هنالك من انتهت مدة انتدابهم ومن احيلوا للتقاعد.
وعن موقف السفير نور الدين ساتي الذي كان قد اثار جدلاً واسعاً برفضه قرارات رئيس مجلس السيادة الفريق اول ركن عبد الفتاح البرهان ومحاولة إعادته، أكد السفير علي يوسف أن تعيين ساتي كان خلال الفترة الانتقالية بصورة استثنائية ولم يكن سفيراً نقل بصورة طبيعية ومتدرجة، قبل أن يأخذ موقفاً من قرارات الخامس والعشرين من اكتوبر.
(3)

ويشير يوسف إلى ان امريكا تحرص على الا تصل البلاد إلى مرحلة الانفلات الامني وتوصيف السودان بالدولة الفاشلة، لأن ذلك سيهدد المنطقة ويخلق مناخاً ملائماً لاوضاع كارثية، وبالتالي تجتهد بصورة عملية في ايجاد مخرج لحالة الانسداد الموجودة سياسياً والتدهور الاقتصادي، وليس ذلك ببعيد عن اللقاء الذي تم بمنزل السفير السعودي وحضرته مساعد وزير الخارجية الامريكية وطرفا الازمة بالبلاد.
وفي غضون ذلك كشف مصدر آخر ان السفارة السودانية بامريكا لم تقدم المرجو منها، وانشغلت في فترة من الفترات بصراع داخلي مكتوم بين السفير السابق نور الدين ساتي ونائبته اميرة عقارب، قبل ان يتم ترفيع قباني على اميرة بمهام القائم بالاعمال، غير ان ذات المصدر وصف الاجراء الذي تم بالطبيعي، وان السفارة بها الآن من يزاولون اعمالهم مثل الملحق العسكري والمستشار ومندوب الامن وملحقيين اداريين، وليس كما ورد باعادة جميع طاقم السفارة. ولم يخف المصدر ان ثمة عدم رضاء من قبل الحكومة عن اداء بعض منسوبي السفارة، خاصة خلال الاشهر القليلة الماضية.
(4)

ومن جانبه يرى الخبير الامني والاستراتيجي الفريق حنفي عبد الله ان ادارة الخرطوم وواشنطون العلاقة الثنائية بينهما تتم بطريقة الدبلوماسية الرئاسية، مؤكداً خلال حديثه ان السفارة السودانية بامريكا ليس لها اي دور وكذلك سفارة واشنطون بالخرطوم، مستدلاً بأن حسم المواقف وطبيعة القضايا التي يتم تناولها بين الجانبين يتم عبر مبعوثين، وآخرها تفاصيل لقاء المكون العسكري والحرية والتغيير غير الرسمي الذي عُقد بمنزل السفير السعودي وحضرته المبعوثة الأمريكية مولي في، منوهاً بأن هذا التوجه قد يستمر حتى يتم ترتيب الامور بصورة اكبر خلال الفترة المقبلة.
ويشير حنفي إلى ان السودان يمثل اهمية قصوى لأمريكا، وذلك لموقعه الاستراتيجي ودوره المهم في استقرار المنطقة، ولن تترك مساحتها لدول مثل الصين وروسيا، خاصة ان الصراع خلال الفترة المقبلة سيكون على المصالح والموارد، وبالإمكان أن تستفيد الخرطوم من هذه المزايا لتكون بديلةً في ظل الازمات الغذائية المتوقعة بفعل حرب الروس والاوكران، الأمر الذي يجعل أمريكا تحرص على استقرار البلاد وعدم انجرارها للفوضى.

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.