شركات القوات النظامية واطماع حزب قحت الكذب ورغبات الغرب

حين تنبري فتاة غرة يتحلق حولها أقرانها ويكيلون السباب للجيش وتصف الجيش والأمن بمغتصبي النساء ” اولاد الحرام ” ، ثم لا تصدر المنظومة المدنية الحاكمة حتى بيان إدانة ، فذلك أمر على أقل تقدير يسترعي الإنتباه.
وحين يتكأكأً شراذم من الشباب فيقذعون السباب لفريق في الجيش وعضو مجلس السيادة ولا تقوم عليهم قيامة المنظومة المدنية الحاكمة ، فذلك أمر يثير المخاوف.
وحين تعلن لجنة المنظومة الحاكمة انها استعادت أملاكاً بمليارات الدولارات ، وتعلن وزارة مالية نفس المنظومة الحاكمة أنها لم تتسلم مليماً واحدة فهذا لا يثير الرعب ، بل هذا هو الرعب بعينه
أما حين توثق الصحفية سارة طه أن ما صادرته لجنة التمكين سُرق ونُهب وأُهمل ، ثم تأتي نفس المنظومة لتطالب بالسيطرة على شركات المنظومة الدفاعية من جيش وأمن وشرطة ، فذلك لعمري ما يدع الحليم حيران ، بل ما يغريه أن يخرج شاهراً عليهم سيفه لحز الرقاب حتى تضع تلك الفئة مطالبها الجائرة وترحل لينعم الوطن بالأمان الذي افتقده في ظلها.
سأدع كل هذا جانباً لأدلف لما ظل بعضهم يسعر نيرانه ، ألا وهو المناداة لسيطرة المنظومة اليسارية الحاكمة في السودان على شركات يملكها الجيش أو يملكها الأمن ، وتلك حملات مسعورة يتولى كبرها جهابذة القوم مما يثير العجب.
ومصدر العجب أن معظمهم جاؤونا من وراء البحار وهناك رأوا الجيوش وأجهزة الأمن تتملك الشركات ، وقبلوا ذلك في بلاد جنستهم وآوتهم ثم إستخدمتهم لكنهم استنكروه في بلدهم الأصلي وذلك مصدر ريبةٍ أيضاً.
في أمريكا ( حيث الأنيسُ وحيث العيشةُ الرّغَدُ ) عاشوا وتعايشوا مع المجمع الصناعي العسكريMilitary Industrial Complex . والمجمع الصناعي العسكري يا سادتي هو شبكة قوية ثلاثية مكونة من مسؤولين حكوميين ومُشرّعين ومؤسسات صناعية . ولقوتها ونفوذها سميت بالثلاثي الحديدي Iron Triangle تتبادل المنافع.
وهذا الحلف الثلاثي الرهيب هو الذي حذر منه الرئيس أيزنهاور في ١٩٦١.
لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية CIA شركات عدد الرمل والحصى ، تسميها المنظمات الأمامية Front Organisations تتخذها غطاء لأعمالها السرية ، وتتخذها مصدراً للدخل يوفر لها ما تقصر الميزانية الرسمية عن تقديمه. وتشمل شركات وكالة المخابرات المركزية شركات طيران مثل شركة أير أميركا Air America وشركة أير آسيا Air Asia وشركات نقل وشركات في وادي السيلكون بكليفورنيا وشركات إعلام ( كتلك التي تصدر مجلة حوار ) . وتملك CIA شركة تمويل رأسمالي هي In-Q-Tel التي توفر رأسمال للشركات التي تعمل في التقنية العالية ، وغير ذلك كثير.
فقط أذكر بالفضيحة الكبرى التي تعرضت لها وكالة المخابرات الأمريكية وذلك حين عُلِم في فبراير 2020 أن شركة Crypto السويسرية هي في الحقيقة شركة تتبع للمخابرات الأمريكية مشاركة مع المخابرات الألمانية. وجه الفضيحة أن Crypto كانت تتظاهر أنها شركة بريئة فوثقت فيها عشرات حكومات العالم وأمّنتها على تشفير اتصالاتها وجنت الشركة التى تدعي براءة الإطفال مئات الملايين من الدولارات ، كانت في الحقيقة تذهب لخزينة المخابرات في بلدين لتمول بها أنشطتها السرية حول العالم.
وللمخابرات الأمريكية منظمات إغاثة وعون إنساني تذرف دموع التماسيح على حال البؤساء في الوقت الذي تجمع فيه المعلومات عن البلاد التي تعمل فيها وللسودان من ذلك كفله.
وللوكالة منظمات تعمل في مجال الحريات الثقافية مثل منظمة American Committee for Cultural Freedom. مثلما لها صناديق تقول إنها تهدف لنشر الديمقراطية مثل الصندوق الوطني للديمقراطية National Endowment for Democracy، وعبره مولت منظمات واشترت مراكز بل وأفراداً بعضهم يروج للعلمانية ومحاربة الاسلام ويكتبون زوراً عن الديمقراطية والحريات ويدعون للاحتزاء بالقيم الغربية ، حتى إذا ما تمكنوا ( أحدهم وزير الآن ) قلبوا للحرية والديمقراطية ظهر المجن ، وطفقوا يمارسون الحرية الإنتقائية وضربوا صفحاً عن زج خصومهم السياسيين في غياهب السجون. ونسوا ذلك الشيئ القبيح المسمى في الغرب الجميل بالانتخابات ، وكل هذا بإذن من السادة هناك.
أما الجيش الأميركي فله تعاقدات مليارية مع شركات عملاقة مثل شركة لوكهيد مارتن التي تصنع طائرات فانتوم ، وشركة بوينج وشركة رايثون تكنولوجي وشركة BAE البريطانية وشركات غاز وبترول وغيرها كثير.
يدير الجيش الأمريكي مشروعات تعليمية يفوق عدد طلابها مجموع طلاب أكبر خمس جامعات أمريكية ،ويدير مجمعات سكنية تؤوي 108 ألف أسرة أمريكية ، وأراضي زراعية تبلع مساحتها 13.5 مليون أيكر ( الأيكر acre يساوي 4046 متر مربع ) ، وله سيطرة على 2252 ميل من طرق المرور السريع يديرها ويجني من كل ذلك أرباحاً .
هذا غيض من فيض ، فقط أذكر أن هذا المقال سيرسل عبر الشبكة العنكبوتية التي هي إختراع من إختراعات بحوث الجيش الأمريكي ووكالة المخابرات المركزية ، وكانت تستخدم كشبكة إتصالات سرية بين قواعد الجيش ومحطات الوكالة ، فلما طوروا ما هو أشد تطوراً أتاحوها للاستخدام التجاري العام ، وإن لم تخني الذاكرة فقد كان إسمها أول أمرها Information Super highway.
وقد تطرفت بلاد في سيطرة جيوشها على إقتصادها كما هوالحال في مصر ، التي قدر كبير أغنيائها نجيب ساويرس سيطرة الجيش على 40% من جملة اقتصادها ، في حين أن منظمة الشفافية الدولية تقول إن الجيش المصري يسيطر على 60% من إجمالي إقتصاد مصر ( المصدر : The Defence Post . Joseph Hammond . 23 أبريل 2018 ).
وفي دراسة نشرها مركز كارنيجي الأميركي واعدها الخبير يزيد صائغ بعنوان : Above the State : the Officers Republic in Egypt ثم طورها لكتاب أثبت أن الجيش المصري لم يكد يبقي للمواطن المصري مجالاً تجارياً أو استثمارياً لم ينافسه فيه أو يحتكره دونه.

 يمكنني ان أذكر أمثلة عديدة لدول عديدة تتملك فيها الجيوش وأجهزة الشرطة والأجهزة الأمنية شركات وصناعات تسد بها عجز ميزانياتها  أو تتخذها غطاء لأنشطة سرية تحمي بها أمنها القومي وتزود بها عن حياضه. وتشمل قائمة هذا الدول روسيا والصين وجنوب افريقيا وماليزيا وبريطانيا  وتركيا وألمانيا وهذه أمثلة فقط. 
 إما إذا عدنا للسودان فلنتذكر أنه محاط بمطامع وتهتوشه مؤامرات إقتطعت عنوة أجزاء من أراضيه ، ويقع بين كتلتين سكانيتين ضخمتين من شماله وشرقه ، ويعتمل جواره بحروب وفتن ، وتزخر أرضه بموارد شتى تسيل من أجلها شهوات دول بعيدة ودول قريبة ، وأخذ يعاني بعد قحت انعدام أمن في مدنه وتأكل الحروب القبلية أطرافه ، ويأتمر أبناء جلدته تآمراً بلغ حد استدعاء القوات الأجنبية إحتقاراُ لجيشنا . 

ويجب أن نتذكر أنه بعد ويلات قحت على إقتصاده غدا جيشه وأمنه أشد حاجة لما يدعم ميزانيته.
فأي عقل هذا الذي يفكر به من يدعون للاستحواز على شركاته وممتلكاته. هذا علماً أنهم لم يحسنوا إدارة ما استولوا عليه ، بل نهبوه وسرقوه وبددوه وأهملوه. أيؤتمن من يسطو على مال دعم الكرونا ويسرق المكيف والملاءة ؟؟؟!!!
لماذا تستكثرون على الجيش شركات بناها بجهد رجاله ويستخدم ريعها ليسد به قصور ميزانيتكم المخجلة والتي اوردت البلد المهالك !!؟؟
سيدي القائد العام :
أرى تحت الرماد
..وميض نارٍ
وإن الحرب أولها
كلام
وإن النار بالعودين
تزكى

وأخشى أن يكون
لها ضرام

دكتور ياسر ابشر

 حفظ الله السودان

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.