(شلليات) المرحلة الانتقالية.. العصف بالانتقال

التكتلات والشلليات ظلت ومازالت موجودة داخل الأحزاب السياسية، وشهدت بعضها صراعات حادة أحياناً خاصة حول المناصب، وانتقلت هذه الخلافات إلى حكومة المهام الحالية، وتوقع مراقبون أن تؤدي هذه الخلافات الى مزيد من الصراعات السياسية وتأخذ أبعاداً مختلفة، مما يبعد تلك الكيانات والقوى عن الديمقراطية المنشودة بسبب البحث عن المصالح الشخصية دون مصالح الوطن والمواطن.
خلافات
وانعكس الأمر جلياً في حكومة المهام التي شكّلها قائد الجيش بعد إجراءات (25) أكتوبر الماضي التي عاشت أجواء خلافية عميقة بين وزراء داخلها.
وكشفت مصادر للصحيفة عن وقوع خلافات حادة للغاية أخيراً بين وزير الحكم الاتحادي المستقيلة بثنية دينار ووزير المالية جبريل إبراهيم بشأن مال تسيير الوزارة، وأشارت إلى أن عدداً من الوزراء غير راضين عن طريقة تعامل جبريل، ونوهت بانتقادات علنية لأداء جبريل من قبل الوزراء خلال اجتماعات مع قيادات مجلس السيادة.
شلليات
وفي ذات الأثناء قال القيادي بائتلاف الحرية والتغيير نائب رئيس حزب الأمة القومي إبراهيم الأمين إن هناك شلليات وأفكاراً بعيدة عن الثورة والسودان أدارت الفترة الانتقالية إبان حكم الائتلاف.
وأقر الأمين لدى حديثه لقناة (النيل الأزرق) أمس بأن كل ما تم أثناء تلك الفترة مساومات وصفقات، وأضاف قائلاً: (ما كان في تفاوض).

ومن جهته اتهم عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي صدقي كبلو مكونات بالمجلس المركزي للحرية والتغيير بالتآمر مع المكون العسكري ورئيس الوزراء لتنفيذ برامجهم. إلى ذلك بين القيادي بالمؤتمر الشعبي عبد الوهاب أحمد سعد أن هناك انقساماً في الحزب.
عدم الرؤية
ويقول المحلل السياسي محمد محيي الدين إن المشكلة التي واجهت الفترة الانتقالية بشكل أساسي هي عدم وضوح الرؤية والمهام، لأن الوثيقة الدستورية نفسها ما تم تحديده من مهام لها تم الحياد عنه بشكل كبير لأنها افتقدت للرؤية السياسية، وكانت هناك أكثر من رؤية لأكثر من طرف في إطار التنازع بين القوى السياسية المختلفة الحرية والتغيير، ثم خلافات مع المكونات الأخرى مثل الحركات الموقعة على اتفاقية السلام. والخلافات الأكبر والصراعات التي دارت بينهم وبين المكون العسكري تدلل على هذا الأمر وتشير بشكل واضح الى أن هناك مشكلة في طريقة التعاطي مع قضايا الفترة الانتقالية، وقال محيي الدين لـ (الإنتباهة): (إن الأمر الآخر في مسألة هذه الخلافات أن الوثيقة الدستورية نفسها كانت معيبة بشكل اساسي لأن الولايات لم تمثل بشكل واضح في الحكومة، ولم تكن هناك توجهات في التعامل مع الأوضاع بشكل أساسي، وطبعاً الشلليات كانت موجودة، ورأينا ما حدث من هجوم من مكونات الحرية والتغيير على أكرم وزير الصحة مما أدى إلى استبعاده من الموقع، وكان ذلك شكلاً من أشكال الشلليات ومجموعات هنا وهناك، ونجد بشكل واضح أن لجنة التمكين كان يسيطر عليها حزب البعث بشكل أساسي، مما يجعل فرصة المعالجة للأوضاع قليلة، لأن كل مجموعة فرحة بما لديها وتحاول أن تدير الأمر بطريقة تحقق لها أهدافها، وبالتالي أعتقد أن الأمر دليل على وجود هذه الشلليات، والسيد إبراهيم الأمين تحدث أكثر من

مرة عن مشكلات هيكيلة داخل الحرية والتغيير وداخل الحكومة الموجودة، وأرى أن مثل هذا النقد مفيد جداً لمعالجة الأوضاع داخل هذا الائتلاف، ومهم جداً أن تعترف الحرية والتغيير بأن الحكومة التي شكلتها والحكومتين اللتين قد شكلتهما فشلت بشكل كبير، وأن الخلافات جذرية داخل الحرية لأنها تتعاطى مع الأمور بمطامع شخصية وحزبية، لذلك صعب عليها أن تدير العملية السياسية).
تضامن
وكانت وزير الحكومة الاتحادية بثينة دينار قد استقالت رسمياً يوم الاثنين الماضي احتجاجاً على ما وصفته بـ (استمرار الانقلاب العسكري) والاتفاق (تضامناً مع قضية الثورة والسلام)، وقالت دينار في بيان استقالتها: (أنا بثينة إبراهيم دينار، استقيل من منصبي وزيراً لوزارة الحكم الاتحادي، من أجل أن استطيع قول لا متى ما رأيت خطأً، وأرفض الإملاء حيثما وجد، وأن أصون كرامتي وأحمي وأدافع وأنال حقي قبل أن أتحدث عن حق الآخرين، ففاقد الشيء لا يعطيه)، وأضافت أن أسباب استقالتها تعود إلى (المسؤولية تجاه قضايا الثورة)، مشيرةً إلى أن الشباب الغض مازال يقدم الشهيد تلو الشهيد، وقالت: (مازال شبح الموت يحوم حول أبناء وبنات شعبنا، وقضايا معاش الناس ظلت بلا حلول).
كسب التأييد

ومن جانبه يرى المحلل السياسى د. عصام حامد دكين أنه بعد سقوط نظام الإنقاذ تصاعدت ثورة التوقعات ونشأت الآمال العريضة التى وعدت بها قوى إعلان الحرية والتغيير فى تحقيق العدالة الاجتماعية وتحسين الأوضاع المعيشية للشعب السوداني، وتصور إمكانية تحقيق ذلك بسرعة كما ذكر وجدي صالح وقال ان لدينا ذهباً وصمغاً عربياً وثروة حيوانية سوف تدخل لخزانة الدولة (17) مليار دولار، وكل حاجتنا للاستيراد (6) مليارات دولار وباقي المبلغ الذى كان يسرقه الكيزان نشتته في الصرافات، وقال لـ (الإنتباهة): (عملت قوى الحرية والتغيير على تنمية هذه الآمال والتوقعات لكسب التأييد وتأكيد شرعية الثورة دون التنبه إلى أن عدم تحقيق هذه التوقعات في وقت مناسب أو وجيز يؤدي إلى نمو مشاعر سلبية لدى أغلبية الشعب السوداني تجاه قواعد قوى الحرية والتغيير وحكومتها الانتقالية)، وأضاف قائلاً: (حدث كل ذلك في سياق من السرعة والاضطراب والارتباك لحكومة قوى الحرية والتغيير المركزية وشركائها، فزاد سرعة الزمن الاجتماعي، حيث أصبح الوقت من الموارد الشحيحة، ولم تحقق قوى إعلان الحرية والتغيير الوعود وأصبح الشعب السوداني يسمع جعجعة ولا يرى طحيناً، وتحت وطأة ضغوط الرغبة في التغيير السريع ومسح آثار المؤتمر الوطني صدرت قرارات متسرعة وخاطئة من الحكومة الانتقالية ولجنة إزالة التمكين ترتبت عليها نتائج غير مقصودة لم يسبقها تخطيط أو استعداد أو بدائل لقرارات لجنة إزالة التمكين، فتراجع دور بعض القوى التي برزت في مرحلة اسقاط نظام الإنقاذ أمثال الشيخ ماهر مهران ودكتور محمد علي الجزولي، وأحزاب سياسية أعلنت خروجها من تحالف قوى الحرية والتغيير

فكانت لمصلحة القوى الاجتماعية الأخرى، فظهر مولانا الشيخ الطيب الشيخ العباس الشيخ الجد ود بدر فملأ الفراغ.

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.