شمال دارفور.. صيف ساخن وأزمة مياه حادة
أزمة مياه جديدة يشهدها عدد من المناطق بولاية شمال دارفور في هذه الأيام، في ظل جفاف تشهده البلاد لأكثر من سنوات، وتساؤلات إن كان الأمر بسبب التغيرات المناخية التي يشهدها العالم ام عدم القدرة على ادارة هذه الازمة.
وزارة البنى التحتية والتنمية العمرانية وقطاع المياه بالولاية اعترفت بوجود أزمة في التزود بالمياه الصالحة للشرب في عدد من المحليات ومعسكرات وتجمعات النازحين حول مدن الولاية زمزم ابو شوك وعدد من المعسكرات، ووضعت الوزارة عبر قطاع المياه خطة استراتيجية لمواجهة الأزمة، عبر بناء محطات جديدة وتأهيل أخرى معطّلة وحفر آبار ارتوازية والسدود والحفائر.
مخيم زمزم للنازحين التي تبعد ١٤ كيلومتراً جنوب غرب حاضرة ولاية شمال دارفور الفاشر يعيش هذه الأيام أزمة مياه حادة، وذلك بسبب الاعطال التي صاحبت الآبار والمضخات ومصادر المياه الاخرى بالمخيم. وأكد حسن صابر منسق مخيم زمزم للنازحين في تصريح لـ (الإنتباهة) وجود نقص حاد في إمدادات مياه الشرب بالمخيم منذ بداية فصل الصيف، وعزا صابر أسباب شح المياه بالمخيم المتمثلة في ضعف مياه الخزان في المعسكر لشح مياه الأمطار في هذا العام، إلى جانب زيادة الكثافة السكانية العالية بالمعسكر بسبب عمليات النزوح الجديدة التي خلفتها أحداث كولقي وقلاب ومناطق شرق الجبل وتمركزهم داخل المعسكر، وفاق عدد سكان المعسكر 4830 نسمة خلال العام، فضلاً عن قلة الآبار وعدم تغطيتها حاجة المعسكر من المياه، وأوضح صابر أن عدد الآبار العامة العاملة بالمخيم يبلغ ست وعشرين بئراً من بينها ست عشرة بئراً متوقفة عن العمل بسبب الأعطال الفنية، وأضاف أنهم تقدموا بعدد من الطلبات الى السلطات خاصة مشروع إصحاح المياه بقطاع المياه وشركاء بالولاية بصدد صيانة الخزان الذي يعتبر المصدر الرئيس لتغذية الآبار، إلى جانب حفر آبار جوفية إضافية وتوصيل خطوط مياه من خزان قولو كمصدر اضافي للمياه بالمخيم، وناشد المنظمات والجهات المعنية التدخل العاجل لحل الاشكالات التي صاحبت مصادر المياه بالمخيم في اقرب وقت.
إلى ذلك أعرب عدد من النازحين بالمخيم في حديثهم لـ (الإنتباهة) عن اسفهم الشديد لما يعيشونه من معاناة في الحصول على مياه الشرب. ووصفت الحاجة طيبة عبد الجبار معاناتهم في الحصول على مياه الشرب بالمأساوية، حيث يستغرق ذلك يومين او اكثر للحصول على المياه.
ويذكر ان حكومة الاقليم ممثلة في وزارة مالية الإقليم سيرت ضمن سلسلة المشروعات الإنسانية مشروع توزيع المياه بمعسكر زمزم وذلك بتوفير 20 تنكر مياه سعة (60 ــ 100) برميل خلال الأسبوع، بمعدل خمسة تناكر يومياً من أجل المساهمة في تخفيف الكثافة لمدينة الفاشر ومخيمات النازحين معاً، لم تقابلها توسعة ملائمة في مرافق المياه ومصادر المياه بذات الوتيرة المتسارعة للسكان، فكانت نتيجتها هذه الفجوة الكبيرة في الحصول على مياه الشرب بصورة دائمة.
وبالرغم من الجهود الماضية لقطاع المياه وشركاء المياه وهيئة مياه المدن، إلا أن مشكلة شح المياه بمدينة الفاشر بشمال دارفور مشكلة قديمة متجددة في كل عام مع دخول أشهر الصيف، وتستهلك مدينة الفاشر لوحدها اكثر من اربعين الف متر مكعب في اليوم، ومصادر المياه في شقرة القوز والوادي لا تكفي لاحتياجات المخططات السكنية الجديدة والكثافة السكانية الضخمة لمدينة الفاشر، والأمر يتطلب المزيد من الجهود لشركاء المياه لحفر المزيد من الآبار الجوفية عبر خدمات المشروعات.
وذهب الكثيرون من الخبراء والمراقبين الى أن الحل الجذري لمشكلة مياه الفاشر قائم بمنطقة ساق النعام جنوبي الفاشر حيث الحوض الجوفي الكبير، ويتطلع المواطنون من الحكومات البدء الفوري في هذا المشروع لتحويل حلم السنين إلى واقع يقي العباد من شر هذا العطش وتجاوز هذا الملف نهائياً.
أزمة مياه الشرب بالمحليات والمناطق الريفية والتكلفة العالية لإنتاج المياه ساهمت في ارتفاع سعر برميل المياه بصورة جنونية، حيث يتراوح سعر برميل المياه داخل مدينة الفاشر ما بين 600 و 700 جنيه. وفي مدينة أم كدادة يتراوح سعر برميل المياه ما بين 800 وألف جنيه، وفي السطيحة والرترت تجاوز 1500 جنيه، أما جنوب الفاشر فحدث ولا حرج
هذه هي الأسباب
ومن جهته كشف المهندس عبد الشافع عبد الله آدم مدير قطاع المياه بولاية شمال دارفور والمدير العام لوزارة البنى التحتية في تصريح صحفي خص به (الانتباهة)، كشف عن الاسباب الحقيقية وراء ازمة المياه في الولاية، وقال انها بسبب التغيرات المناخية التي حدثت وأثرت في مناسيب المياه في المصادر وتوقف العديد من محطات المياه بسبب الأعطال الفنية وارتفاع تكلفة إنتاج المياه وقطع الغيار، فكل هذه العوامل ساهمت بصورة غير مباشرة في هذه الازمة التي تحدث في أشهر الصيف غالباً. وأشار عبد الشافع إلى الجهود الكبيرة التي يقوم بها قطاع المياه والوزارة وشركاء المياه في تحسين إمدادات المياه في المصادر وفي معسكرات النازحين والريف. ورغم التحديات والصعوبات الماثلة الا ان قطاع المياه يبذل جهوداً مقدرة عبر كوادره الفنية والعاملين، والعمل بكل جد واخلاص لتوفير المياه للمواطنين.
وكشف المهندس عبد الشافع عبد الله آدم عن التنسيق المشترك بين قطاع المياه والوحدة الهندسية بحكومة الاقليم ووزارة البنى التحتية والتنمية العمرانية في حفر عدد من الآبار الاضافية والخزانات والسدود بكل من ام برو وكرنوي، مشيراً الى الخطة الاستراتيجية التي تعتزم الوزارة تنفيذها في المرحلة المقبلة لحفر مزيد من الآبار والحفائر عبر المنحة المقدمة من المملكة العربية السعودية.