صفقة ميناء (أبوعمامة) …هل تقتل ميناء بورتسودان ؟

تحتاج البلاد في هذه المرحلة الحالية إلى مد يد العون بيد أنها تمر بظروف سياسية واقتصادية صعبة ، وتقديم الدول الخارجية لعروض استثمارية يحي الامل في انعاش الاقتصاد وتعافيه، لكن هناك هاجسا أصبح يسيطر على المواطنين بأن الغرض من تلك الاستثمارات السيطرة على موارد البلاد ، ونجد ان العرض الإماراتي ببناء ميناء بمنطقة أبو عمامة على ساحل البحر الأحمر شرقي البلاد والتي (تبعد 230 كيلومتراً عن ميناء بورتسودان)، اثار موجة من الجدل والمخاوف من تهديده للموانئ المحلية، ما يؤثر سلبا على إيراداتها بمنافسته للموانئ المحلية

خاصة وانه تم الاتفاق حوله في ظل غياب حكومة منتخبة ومن دون إشراك وزارة النقل وهيئة الموانئ البحرية كونها من الجهات المعنية بالأمر، بينما يرى البعض أنه مشروع مهم في النهوض الاقتصادي والاجتماعي لجهة انه يخلق منافسة داخلية بين الموانئ المحلية ويحفزها على الارتقاء بخدماتها ويحقق عائدا وقيمة مضافة للاقتصاد بجانب اسهامه في النهوض التنموي من خلال ربط الميناء بالطرق البرية والجوية وإيجاد فرص عمل للمجتمعات المحلية.

وعلى خلفية هذا الامر وقعت الحكومة السودانية امس اتفاقا مبدئيا مع تحالف يضم شركة موانئ أبوظبي وشركة إنفيكتوس للاستثمار، لتطوير وإدارة وتشغيل ميناء أبو عمامة والمنطقة الاقتصادية على البحر الأحمر باستثمارات قيمتها ستة مليارات دولار.
وقال وزير المالية جبريل إبراهيم، خلال مراسم توقيع الاتفاق، إن المشروع يضم منطقة اقتصادية ومطاراً ومنطقة تجارية وأخرى زراعية.

أصل الحكاية

وترجع قصة رغبة موانئ ابو ظبي في ايجار ميناء او بناء ميناء في ساحل البحر الاحمر في السودان الى حيثيات وخلفيات قديمة تحاول فيها مرارا وتكرارا الحصول على الموافقه وابرام اتفاقية والشروع في التنفيذ ويقول المدير التجاري الأسبق للموانئ البحرية و استاذ بجامعة البحر الأحمر د. امين موسى الحاج لـ( الإنتباهة ) ان موانئ دبي العالمية ظلت طيلة العقدين الماضيين و أكثر تحاول باستماته ضم ميناء بورتسودان إلى مجموعتها والتي تضم أكثر من خمسين ميناء حول العالم ولكنها لم تفلح وذلك لاتضاح المرامي والتي تريد بها ذلك الاستحواذ ولها على جانبي ساحل البحر الأحمر أكثر من ست موانئ ومحطة حاويات تحت إدارتها.. وهو تجيير ميناء بورتسودان ومحطة الحاويات فيه لصالح ميناء دبي وذلك برأي ورؤى العديد من أصحاب الاختصاص.. و قال كان للوقفة القويه للعاملين بالموانئ ومنهم العديد من أهل الخبرة والتمرس والعلم.. الأثر الكبير في ذلك المشروع. واشار انه في الآونة الاخيرة ارتفعت و تيرة الحديث عن إنشاء ميناء جديد في منطقة ابوعمامة جنوبي مدينة بورتسودان.. وصاحب انشاء ذلك الميناء طريق مسفلت حديث يربط الميناء بمنطقة ابوحمد في ولاية نهر النيل حيث مشروعات زراعية ضخمة يكون الميناء المزمع طريقا للتصدير للخارج لمنتجات تلك المشاريع واشار الى ان الموانئ الجديدة أو اي مشروعات اقتصادية تنشأ دون دراسات جدوى اقتصادية ولا بيئية و لادراسات اجتماعية لافتا الى ان مشروعات قومية وسيادية بالدرجة الأولى يقودها سياسيون.. ومديرو مكاتبهم وقال ان اتفاقيات كهذه فيها الكثير من المحاذير والمطبات حتى لذوي الخبرة والاختصاص.. لو لم يكن الواحد منهم صاحيا.. وفي حضور ذهني عال فإن كلمة واحدة.. أو حتى شولة اونقطة فقط في غير مكانها.. ربما تؤدي إلى انزلاق وترد سحيق لايعلم احد مداه وتساءل ما مدى حاجة إلى ميناء آخر.. وحجم تجارتنا الخارجية لايتجاوز الاربعمائة. إلى خمسمائة ألف حاوية في العام على أكبر تقدير… وبضع مئات.. او قل آلاف الاطنان عبر الميناء الشمالي وطاقته أكثر من عشرة ملايين طن ؟ وقال ان اسباب تلك القصة أخرى.. وقال ان الموضوع اكبر من ستة او سبعة مليارات دولار تقوم دولة الإمارات العربية بدفعها لقيام هذا الميناء أو غيره.. والتي ربما تحل مشكلة آنية.. لاتتعدى تكلفة استحقاقات اتفاقية سلام جوبا.. واضاف آمل صادقا الا يكون الأمر كذلك… ولكن الأمر يخص مشروعا ذا بعد سيادي واستراتيجي قبل أن يكون اقتصاديا او نحوه.. وهو أمر كان ينبغي أن تحشد له الطاقات والقدرات والمختصين الذين تزخر بهم البلاد. وان تستكمل كل الدراسات المفروضة.

توفر بنود معينة :
فيما اكد المدير العام لهيئة الموانئ البحرية الاسبق اونور محمد آدم أن انشاء اي ميناء يحتاج إلى عدة بنود اقتصادية وفنية وقانونية ، وشدد في حديثه لـ(الإنتباهة) أن اهم البنود او الصيغ التي يجب توفرها لإنشاء ميناء أبو عمامة شمال بورتسودان بالشراكة مع القطاع الخاص عدم الاحتكار ، وأوضح أن الموانئ الساحلية يجب أن تكون لوجستية تخدم التجارة الدولية دون الاحتكار بمعنى أن هناك دولا تشترط عدم بناء اي موانئ لفترة ٣٠ عاماً وهذا أمر مرفوض وضار ، مؤكدا على ان الساحل السوداني يمكنه استيعاب عدة موانئ وليس ميناء واحدا، وأضاف : كثير من الدول تمتلك موانئ عديدة تخدم التجارة الدولية للدول المغلقة ودول الجوار التي لاتطل على البحر مشيرا إلى ان ميناء بورتسودان يخدم الصادر والوارد للسودان فقط ويجب أن تكون هناك موانئ دولية تخدم تلك الدول المغلقة ويستفيد منها السودان فوائد كثيرة وتسمي موانئ العبور و المسافنة وهي سفينة كبيرة تحمل ١٨ إلى ٢٠ الف حاوية تنقل بضائع للسودان والى دول الجوار وان ترسو في الرصيف السوداني ثم يتم شحنها إلى دول أخرى وهي تجارة كبيرة اي العبور والمسافنة يعني انها تعبر من دولة مفتوحة إلى دول مغلقة ويكون هناك بروتوكول تجاري بعدم الأزدواج الضريبي وحال تم استغلالها سيكون العائد اكثر من عائد ميناء بورتسودان َلكن التخويف أن يتم وضع بند قانوني بعدم انشاء اي ميناء آخر منافس له ،. وأبان أن ميناء بورتسودان تم تعميقه او حفره إلى ٢٤ رصيفا ليعمل في التجارة الدولية لكن التمويل توقف بيد ان الحفر تم قبل خمسة أعوام.

كرت ضغط

وأبدى عُمدة منطقة الشعاياب بمدينة بورتسودان هاشم اوهاج رفضه القاطع لإنشاء ميناء أبو عمامة، وقال إن مقترح انشاء الميناء جاء عندما تم اغلق الميناء العام الماضي لفترة ٤٥ يوما ، واكد في حديثه لـ (الإنتباهة) أنه ليس هناك حاجة لانشاء ميناء جديد غير موانئ البحر الأحمر لجهة ان هناك عدة موانئ منها الميناء الشمالي وميناء دما دما والميناء الأخضر اي إن الموانئ الحالية تعتبر كافية، لافتا الى ان ميناء أبو عمامة سيشكل كرت ضغط على أهالي البحر الأحمر لجهة انه عند حدوث اي خلاف من قبل أهالي المنطقة مع الحكومة يتم إغلاق المنطقة وبإنشاء الميناء الجديد “ابوعمامة سيضعُف قوة موانئ البحر الأحمر وسيشكل ضغطا على أهالي بورتسودان وأضاف ” لذلك لن يقبل أهالي منطقة البحر الأحمر ببناء هذا الميناء ، وقال اوهاج من خلال قراءتنا تأكدنا أن مقترح بناء الميناء إماراتي وليس سودانيا ، وأشار إلى أنه لابد من عدم قبول بند الاحتكار وأضاف : حال قبلنا بإنشاء الميناء سيُفرض علينا القبول بفكرة الاحتكار ، وأضاف الغرض من انشاء الميناء الاستيلاء على الساحل السوداني عقب اتفاق السودان على فكرة الشراكة اي انها سياسة بعيدة المدى لذلك لانقبل بإنشاء ميناء في منطقة ابوعمامة خاصة وان الموقع يعتبر موقع مزارعين يجب أن يستفيدوا منه ،. واضاف التوقع او الاتفاق الذي تم بين الحكومة السودانية والإمارات لم يتم فيه وضع اعتبار لأهالي المنطقة ولم يتم التشاور او الاتفاق مع الاهالي بإقليم البجا وتساءل مستنكرا : الموانئ الحالية لم يتم تطويرها في حين انها تحتاج لعمل مكثف في جانب الصيانة فكيف يتم فتح موانئ جديدة.

فوائد اقتصادية :

فيما اكد العميد الاسبق لكلية التجارة بجامعة النيلين بروف كمال احمد يوسف خلال حديثه لـ(الإنتباهة) على وجود فوائد اقتصادية من حيث سهولة الصادر والوارد وزيادتها مستقبلا وتشجيع المستورد والمصدر بالاضافة الى توفير فرص عمل من خلال تشغيل عمالة سودانية. ونسبة السودان من الدخل وتوفير خدمات اجتماعية لاهل المتطقة. وكل ذلك يتم تحديده من خلال معرفة بنود الاتفاقية. في ذات السياق تساءل كمال عن نوعية الادارة ولمن تؤل وطالب بضرورة نشر نص الاتفاقية وتعريف الشعب السوداني عامة و مواطني البحر الاحمر خاصة بكافة بنودها حتى يتمكن الجميع من جدواها ومكاسبها وقال ولايوجد مانع من عقد اتفاقيات مع الدول الأخرى لانشاء موانئ او مصانع او اي مشروع استثماري طالما فيها منفعة للاقتصاد السوداني لان تكاليف هذه المشروعات تفوق امكانات حكومة السودان.

برميل بارود

وقال المحلل الاقتصادي د .الفاتح عثمان لـ(الإنتباهة) ان الموانئ في فترة العولمة تعتبر رمزا للتجارة والخدمات والسياحة التسويقية وتعتبر كل من سنغافورة ودبي احد افضل مجمعات التجارة والخدمات في العالم وكليهما يقوم اساسا على فكرة الميناء وملحقاته من منطقة تجارة حرة وخدمات .

واضاف قائلا بما ان الاقليم حول السودان معظمه دول حبيسة مثل اثيوبيا وتشاد وجنوب السودان وتفتقر كلها لوجود منطقة تجارة حرة بخدمات عالمية فيمكن نظريا القبول بفكرة الميناء وملحقاته والقول بانها قد تمثل فرصة عظيمة للسودان للتحول الى منطقة محورية للتجارة والخدمات والسياحة التسويقية في شرق ووسط افريقيا واجزاء من غرب أفريقيا..

لكن تظل مجرد فرصة غير قابلة للتنفيذ مالم يتم كل مشكلة شرق السودان وإيجاد فرص عمل لشباب الاقليم الذي يعاني من الفقر والبطالة والتهميش والتوتر الامني والسياسي وهو الآن عبارة عن برميل بارود قابل للانفجار في أي لحظة .
واشار الى ان رفض الاهالي لمشروع الميناء جزء من ازمة شرق السودان ولانهم يتخوفون من ان يدمر ميناء بورتسودان ويأتي بعمالة اجنبية ويتعرضون هم للبطالة ولذلك لابد من ايجاد صيغة توافقية واضحة تضمن تشغيل الأهالي وازدهار ميناء بورتسودان جنبا الى جنب مع الميناء الجديد

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.