ضجة ميدان الحسين تختفي في شهر رمضان بسبب الجائحة

ميدان الحسين في العاصمة المصرية القاهرة \ الجزيرة نت
0

في كل عام تمتلأ ساحات ميدان الحسين بالزوار خلال شهر رمضان الكريم، حاملين معهم الذكريات القديمة لمدينة القاهرة، والمقاهي وأروقة حي الجمالية العتيق من نفحات العصور الإسلامية المختلفة.

لوحة صامتة مظلمة

وفي هذا العام تبدل الحال تمامًا على إثر سيطرة جائحة كورونا على العالم أجمع وتغيير الكثير من العادات الاجتماعية، لتتغير بذلك معالم الحي الأثري وتختفي مظاهر الاحتفال في ميدان الحسين بطريقة لم يعدها المصريون من قبل.

وسلط موقع (الجزيرة نت) الضوء على التغييرات التي أحدثها انتشار فيروس كورونا على الطقوس التي كانت متبعة في ميدان الحسين خلال شهر رمضان، حيث غابت الفرحة من المعز لدين الله، وانطفأت أنوار الشارع الأثري، وأغلقت المقاهي، وتحول الشارع الذي كان قبلة الآلاف في ليالي رمضان، إلى لوحة صامتة مظلمة.

غياب أنوار المسجد الحسيني

أهل حي الحسين لم يعتادوا أبدًا على هذا الصمت المطبق عليهم في شهر رمضان، فمنذ الليلة الأولى من الشهر الكريم يتم تزيين ميدان الحسين وساحاته بالأضواء، ولكن هذا العام غابت أنوار المسجد الحسيني، كما غابت صوت صلاة التراويح.

ومع مشارفة الشهر على الانتهاء انتهت معه آمال الجميع في انتهاء حظر التجوال حتى تعود الأمور إلى نصابها وتعود الحياة مرة أخرى غب أزقة الحي الفاطمي وحواريه.

ضياع الرزق

خلال شهر رمضان الذي يعتبره الكثير من سكان حي الحسين بمثابة موسم الرزق، والذي ينتظرونه كل عام على أحر من الجمر لكونه يشهد حركة مرتفعة للبيع والشراء، فالجميع يعمل، حتى أؤلئك الذين كانوا بلا عمل طوال الشهور الأخرى، يجدون عملًا في شهر رمضان.

هذا الأمر ينطبق على الشابة إيمان التي أقامت مشروعها لبيع الزبادي ومنتجات الألبان في شارع المعز في العام الماضي، وتؤكد على أنها تحصلت على مكاسب كبيرة في موسمها الأول، وكانت تامل أن تتكرر ذات التجربة للعام الثاني على التوالي، إلا أن فيروس كورونا كان لها بالمرصاد.

تقول إيمان “لست الوحيدة التي ضاع رزقها هذا العام، لكن مئات العاملين في شارع المعز ومقاهي ومطاعم الحسين، كل هؤلاء في منازلهم، لا أحد يعرف كيف يقضون يومهم”.

ظلام ميدان الحسين

هذا العام أطبق الصمت على ساحات ميدان الحسين وغلقت المقاهي، واكتفت المطاعم بطلبات التوصيل.

وفي هذا الصدد يقول طارق أبو الوفا، صاحب أحد المقاهي في شارع المعز، إن مكاسبه كانت كبيرة جدًا في العام الماضي، حيث لم يكن في المعز موطأ قدم، الزائرين بالآلاف يوميًا، والآن الشارع يبدو خاويًا على عروشه.

ويمضي قائلًا: “مئات العمال تقطعت بهم الأسباب، ومنذ ثلاثة أشهر وهم في بيوتهم، بلا مصدر رزق، حتى اضطر أصحاب بعض مقاهي الحي أن يبحثوا عن مهنة أخرى، فلا أمل قريب في عودتهم للعمل، محال لبيع الخضار، أو محال بقالة، النشاط الجديد الذي استبدل به أصحاب المقاهي مهنتهم، لكن العمال، لم يجدوا مكانا لهم في العمل الجديد”.

 مضيفا “عمالة محل خضار أو بقالة، لا تحتاج لعدد كبير من العمال مثل المقاهي، لكن لا حيلة بيدنا”.

إحياء المظاهر إسفيريًا

وبعد أن أجبرت ظروف فيروس كورونا أهالي حي الجمالية والحسين على عدم إحياء مظاهر الاحتفال بشهر رمضان على أرض الواقع، تحولت هذه الاحتفالات هذا العام إلى الشبكات الاجتماعية عبر مشاركة الصور والفيديوهات الخاصة ضمن مجموعة إسفيرية تم إنشائها لهذا الغرض تحديدًا قبل بداية شهر رمضان.

ويقول الحاج وحيد، أحد سكان حي الحسين، والموظف السابق بمصلحة الدمغة، إنه لم يكن يتخيل أنه سيأتي زمن يلف الصمت أرجاء الحسين، حتى ذلك المقهي الملاصق لمنزل الرجل الستيني، والذي طالما ضايقته أصوات الغناء والموسيقى المزعجة المنطلقة منه في ليالي رمضان، صار الآن يفتقده، ويفتقد ذلك الضجيج الذي غادر الحسين، ولا أحد يعرف متى يعود مرة أخرى.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.