ضريبة راديو السيارات .. الحكومة المصرية تضع يدها على جيب المواطن

الشارع المصري متخوف من ضرائب جديدة \ AFP
0

استقبلت شريحة واسعة من المصريين موافقة البرلمان على مقترح حكومي بزيادة ضريبة استخدام راديو السيارات بنوع من التذمر والاستهجان ودون أن يخلو من عادة التهكم السائدة، بالرغم من أن القيمة التي سوف يدفعها أصحاب المركبات زهيدة، ولا تتعدى ستة دولارات سنويا، لكن استقبال الشارع لها أربك الحكومة.

وضاعف مجلس النواب غضب المواطنين بالموافقة السريعة على مقترح حكومي آخر، يقضي بخصم 1 في المئة من رواتب الموظفين بالجهاز الإداري للدولة، في محاولة لتحقيق عائد سنوي من جيوب الناس يصل إلى نحو خمسة مليارات دولار، لتغطية بعض بنود العجز في الموازنة العامة.

وتترسخ قناعة لدى قطاع كبير من المصريين بأن ما تقدمه الحكومة لهم باليد اليمنى تستقطع منه ما تريد باليسرى، حيث زادت مخصصات أجور الموظفين، وبعد أيام قليلة قررت استقطاع جزء من رواتب العاملين في القطاع الحكومي.

سياسة فرض الضرائب

وبحسب صحيفة (العرب اللندنية) فإن شريحة من المصريين تشعر بالقلق من عودة الحكومة إلى سياسة فرض الضرائب كحل سهل لتجاوز الأزمات الاقتصادية دون البحث عن وسائل أخرى لتعظيم الإيرادات العامة، والإنفاق على المشروعات القومية.

واعتبر جهاد عودة، أستاذ العلوم السياسية بجامعة حلوان في جنوب القاهرة، أن غضب الناس مبرر بعدما وجدوا أن الحكومة أصبحت تشاركهم في ملكيتهم الخاصة، وكأن سواق السيارات يستأجرون منها أجهزة الراديو، وعليهم دفع مقابل ذلك بشكل سنوي، ما يعني أن هناك مسؤولين لديهم فهم خاطئ لمفهوم الضريبة عموما.

واستغرب مؤيدو الحكومة إصرارها على اتخاذ قرارات تبدو صحيحة في توقيتات خاطئة، فالشارع يقف خلف القيادة السياسية لمجابهة التحديات الإقليمية، ثم تقوم الحكومة بتأليب الناس عليها بسهولة.

فاتورة تداعيات كورونا

وبرر معارضون موقفهم بأن هناك إصرارا على تحميل الشارع فاتورة مواجهة تداعيات جائحة كورونا، بحيث يتم تجميع المبالغ التي تم إنفاقها خلال الأشهر الماضية من جيوب المواطنين، وبالتالي لا بديل عن الوقوف مبكرا ضد أية محاولات جديدة لفرض المزيد من الأعباء تحت أي مسمى.

وعبر محمد عادل، المعلم بمدرسة حكومية، عن استهجانه لأن يذهب قرابة نصف العائد من ضريبة راديو السيارات إلى دعم الإعلام الرسمي الذي لا يشاهده أحد ويتم التحكم في محتواه ولا يتحدث بلسان الشارع، وكأن الحكومة تريد رفع يديها عن الإنفاق عليه لإخفاقه في مهمته، وتلقي العبء على المستمع والمشاهد لتحمل المسؤولية.

توصيل رسالة

واللافت أن أغلب الذين تذمروا من رفع ضريبة الراديو لا يمتلكون سيارة من الأساس، لكنهم يريدون توصيل رسالة للحكومة مفادها أنهم لن يقبلوا المزيد من الأعباء، في ظل تصريحات متواترة من بعض الوزراء تفيد بأن مساهمة الناس في إنقاذ الاقتصاد بعد جائحة كورونا تعدّ حاجة ملحّة.

ويصل عدد المركبات في مصر إلى حوالي 12 مليون سيارة، أيّ أن هناك أكثر من 90 في المئة من المصريين ليس لهم علاقة بضريبة الراديو التي يتم تطبيقها منذ عصر الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، لكنهم شاركوا في الجدل الدائر حولها، لقناعتهم بأن الحكومة طالما نظرت إلى الضرائب باعتبارها الحل العملي السريع في إنقاذ الاقتصاد ولن تُمانع فرض المزيد منها.

ارتفاع الضرائب

وارتفعت حصيلة الضرائب من 260 مليار جنيه عام 2014 إلى 965 مليارا في الموازنة الجديدة، بنسبة بلغت 270 في المئة خلال 7 سنوات فقط، فضلا عن معدلات ارتفاع أسعار الخدمات والسلع الضرورية، مثل الكهرباء ومياه الشرب ومشتقات البترول، وفي كل مرة تطالب الحكومة الشارع بالمزيد من الصبر والتحمل.

وتستخدم الحكومة سياسة المخالفين إذا لم يقبلوا بهذا الإجراء قصير المدى لدعم الاقتصاد، وتتحدث بنبرة توحي بأن رفضهم قد يقود البلاد إلى الخطر والعودة إلى الماضي الكئيب، ما يؤثر على أمنهم وسلامتهم ويدفعهم إلى القبول بأي قرار.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.