فولكر( في ) الجنينة).. تداعيات الزيارة بين المعلن والمستتر

في ظل تداعيات الاحداث السياسية التي تشهدها البلاد عقب مليونية (٣٠) يونيو، غادر المبعوث الاممي فولكر بيرتس صباح امس (السبت) إلى حاضرة ولاية غرب دارفور الجنينة للالتقاء بنائب رئيس مجلس السيادة قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي) الموجود هنالك لايام بغرض اجراء مصالحات مجتمعية، وفور وصول فولكر لدارفور انخرط في اجتماع مع (حميدتي) بحضور عضوي مجلس السيادة الطاهر حجر والهادي ادريس، ليفتح توقيت الزيارة الباب أمام جملة من التساؤلات، فهل يبحث المبعوث الأممي ما تبقى من ترتيبات الحوار؟ ام أن مساعي أخرى تتعلق بقوات الدعم السريع جعلت بيرتس يحط برحاله بأراضي الاقليم المنكوب؟

(1)

عقب وصوله ولاية غرب دارفور اشاد المبعوث الاممي فولكر بيرتس بالجهود المبذولة من نائب رئيس مجلس السيادة الفريق أول محمد حمدان دقلو في المصالحات المجتمعية التي تمت بين مكونات الولاية، واشار الى ان هذه الخطوة تعتبر احد متطلبات السلام التي تصب في اتجاه الأمن والاستقرار في البلاد.

واضاف في تصريحات صحفية قائلاً: (جئنا اليوم إلى مدينة الجنينة لنعبر عن اهتمامنا بدارفور بشكل كامل وبولاية غرب دارفور بشكل خاص). وعلى الرغم من أن زيارة فولكر تأتي وفق تصريحاته في سياق الاهتمام بالاقليم الا ان كثيراً من المتابعين عدوها استهلاكاً سياسياً، لاعتبار توقيتها وما يحمله من خفايا، قبل أن ينوه بأن هذه الزيارة كان من مخططاً لها إبان تشريف والي الولاية مكتبهم بالخرطوم، الا انهم استغلوا زيارة أعضاء مجلس السيادة بقيادة حميدتي لولاية غرب دارفور، وذلك للحديث حول التحديات الأمنية والاقتصادية والإنسانية والاجتماعية.

وفيما أثارت الزيارة تساؤلات كثيرين ذهب فولكر عبر حديثه للمضي في التأكيد على أنها تأتي في إطار الاهتمام بالاقليم، واشار إلى ان والى غرب درافور قدم لهم خطة حول عودة النازحين والتحديات المجابهة لها يقومون بدراستها مع وكالات الأمم المتحدة بهدف المساهمة والمساعدة في عودة النازحين وإيجاد حلول مستدامة.

وقدم (حميدتي) للوفد الاممي شرحاً حول جهودهم في عملية إجراء المصالحات القبلية وفرض هيبة الدولة، هذا بجانب جهود عودة النازحين الذين يوجدون الآن في مؤسسات الدولة إلى معسكراتهم، واكد دقلو اهتمام الدولة وحرصها على استتباب الأمن والحماية لكل المواطنين وتوفير الأمن لحماية الموسم الزراعي.

الخبر الرسمي الصادر اشار الى ان فولكر بيرتس زار ولاية غرب دارفور اليوم مع وفد من وكالات الأمم المتحدة.

(3)

وحول دواعي الزيارة يرى الكاتب الصحفي والمحلل السياسي أسامة عبد الماجد ان الزيارة تعتبر غريبة بعض الشيء ان لم تكن تشي بوجود خلاف، وذلك نسبة لطول غياب (حميدتي) عن المركز في هذا التوقيت، مؤكداً ان من الطبيعي ان ينتظر المبعوث الاممي عودة (حميدتي) للخرطوم باعتباره الرجل الثاني للتفاكر معه، متسائلاً عن الامر العاجل الذي يستوجب مغادرة فولكر الى الجنينة لمقابلة (حميدتي).

ويذهب أسامة في حديثه إلى ان ثمة مسألة مهمة جداً يجب الالتفات اليها، وهي التزام فولكر بالتعامل مع (حميدتي) في اطار المنظومة العسكرية لا كجسم منفصل، وتابع قائلاً: (هل سيتباحث فولكر مع مديري المخابرات والشرطة كلا على حدة؟). واكمل قائلاً: (ان الحكومة تمنح الفرصة لفولكر لتجاوز صلاحياته وتأتي لتصرخ وتهدده بالطرد، وهو امر لا يستقيم ويعطي رسالة بأن الحكومة لا تملك رؤية للتعامل مع البعثة الاممية السياسية.. رغم وجود لجنة سيادية موسومة بـ (التعامل مع الامم المتحدة) يرأسها عضو السيادي الفريق مهندس ابراهيم جابر).

وهناك مراقبون اشاروا الى ان توقيت الزيارة ومكانها ينافي الخبر الرسمي، وان زيارة المبعوث الاممي قطعاً تداولت في ثناياها حوار الآلية الثلاثية والجهود المبذولة من قبل الوساطات الدولية على مر الايام الماضية، وامكانية الوصول الى تفاهمات سياسية مع قوى الحرية والتغيير في سبيل ايقاف حالة الاحتقان السياسي التي تسود البلاد، خاصة في اعقاب تداعيات الثلاثين من يونيو يوم الخميس الماضي. ويواجه فرقاء المشهد السياسي بالسودان بشقيه العسكري والمدني ازمة حقيقية بعد تجدد التظاهرات وتمدد حالة الاحتقان في الوقت الذي يحذر فيه مراقبون من ان تنفلت الاوضاع الامنية جراء التمترس خلف المواقف بين المتنازعين، الامر الذي يتطلب تقديم تنازلات حقيقية من كل الاطراف لضمان احداث اختراق لحل سياسي ناجع.

فيما يري مراقبون ايضاً ان وضعية قائد قوات الدعم السريع وقواته في اطار اي اتفاق واحد من الملفات الحاضرة قطعاً ولم تغب عن حوار حميدتي وفولكر.

(5)

ويرى الخبير السياسي والاكاديمي خليفة البرير ان الظاهر ان الزيارة تأتي في اطار عمل المفوضية الروتيني وذلك من خلال تصريحات الرجل، غير ان محدثي اشار الى ان الزيارة قطعاً تناولت الاجواء السياسية الملبدة والحوار الثلاثي.

وأكد مصدر عليم ان الزيارة تأتي في اطار ترتيب بعض الامور الخاصة بقوات الدعم السريع، ونتج ذلك عن مطالبات قوى الحرية والتغيير بدمج قوات الدعم السريع في القوات المسلحة، وان زيارة (حميدتي) المستمرة هي التي دفعت فولكر للذهاب إلى الجنينة في محاولة استباقية في ظل الاوضاع المضطربة بالبلاد التي وضعت مصير حوار الآلية على المحك.

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.