في السودان.. كورونا يتفوق على باقي الأزمات التي تواجه الحكومة
لا شك أن هناك العديد من المكاسب السياسية الإيجابية التي حصلت عليها الحكومة الانتقالية في السودان وذلك بعد تركيز السودانيين على مخاطر انتشار وباء كورونا الجديد وتناسي الضائقة المعيشية والاحتقانات السياسية في البلاد .
لحظات معقدة
وتعيش الحكومة السودانية واحدة من أكثر اللحظات حرجاً في تاريخها، فيما قد تخسر راهناً الدعم المالي الخارجي الذي كانت تنتظره لإصلاح بعض ما يمكن إصلاحه من ما خلفه النظام السابق .
و واجه السودانيون منذ أشهر عديدة أزمات اقتصادية تجلّت في صفوف طويلة من المواطنين للحصول على الخبز والوقود، وغلاء مستفحل في أسعار السلع الضرورية وأسعار الدواء، وتردي بعض الخدمات لا سيما الكهرباء .
كما أن الانهيار المستمر لقيمة الجنيه السوداني مقابل العملات الأجنبية خصوصاً الدولار الأميركي كانت الأزمة الأكبر، وهي أزمات موروثة من نظام الرئيس المعزول عمر البشير .
وما زال كثيرين يحمّلون الحكومة الانتقالية برئاسة الدكتور عبدالله حمدوك التي أعقبت نظام البشير، مسؤولية الفشل في تداركها، أو على الأقل عدم وجود خارطة طريق واضحة لحلها في مستقبل قريب .
مواقف ضبابية
على المستوى السياسي، تبدو الأوضاع أكثر ضبابية إلى حد بعيد، إذ تتعثر بين الفينة والأخرى مفاوضات السلام مع الحركات المسلحة بقطاعاتها المختلفة، والتي تجرى منذ أكثر من 6 أشهر في مدينة جوبا، برعاية من حكومة جنوب السودان ودعم إقليمي ودولي .
ويفقد تحالف قوى “الحرية والتغيير” الحاكم يوماً بعد يوم المزيد من شعبيته التي اكتسبها بعد قيادته الحراك الثوري الذي أطاح بنظام البشير .
وتعرض التحالف لاختبارات صعبة في وحدته الهيكلية ووحدة مواقفه السياسية، وفوق ذلك لم تنقطع التظاهرات المناوئة للحكومة وبمطالب متعددة ومختلفة، بعضها بتصحيح المسار، وأخرى للضغط على الحكومة لتجاوز البطء في أدائها لا سيما ما يتعلق بتصفية الدولة العميقة والقصاص لأسر ضحايا فض اعتصام القيادة .
عودة النظام القديم
وفي الوقت نفسه، برزت بشكل أوضح خطط النظام القديم من أجل إفشال حكومة الثورة، ووضع متاريس عديدة أمامها من خلال افتعال ألازمات الخدمية والأمنية والترويج المستمر عبر الوسائل المختلفة لفشل الحكومة في إدارة البلاد .
وفي الأسابيع القليلة الماضية بدأ الجميع بغضّ الطرف عن كل تلك المواضيع والتركيز في المستوى الإعلامي ووسائل التواصل الاجتماعي والشارع على انتشار فيروس كورونا وفرص انتشاره في السودان، ليدفع ذلك الجميع إلى تهدئة اللعبة السياسية بما في ذلك حزب “المؤتمر الوطني”، حزب البشير، الأكثر تربصاً بالحكومة الانتقالية في البلاد .
وسجل السودان منذ انتشار الوباء حتى صباح اليوم الاثنين ما مجموعه 12 إصابة بفيروس كورونا، مع وفاة شخصين، بينما بلغت الحالات التي يُشتبَه بإصابتها نحو 150 .
واتخذت السلطات الصحية المدعومة سياسياً من مجلس الوزراء ومجلس السيادة ومجلس الأمن والدفاع، جملة من التدابير الاحترازية، أبرزه هذه التدابير هو إغلاق الحدود السودانية براً وجواً وبحراً، وتعليق الدراسة في الجامعات والمدارس .
يضاف إلى ذلك حظر التجمّعات والتجمهر وفرض حظر تجول ليلي قابل للتمديد حتى ساعات النهار في الأيام المقبلة، مع تدشين حملات توعوية إعلامية واسعة شملت كافة وسائل الإعلام، خصوصاً الحكومي منها .