في حديث عقب إفطار بمنزله.. جبريل إبراهيم .. الصوم عن (الإطاري)

يبدو من الصعوبة بمكان التنبوء بمآلات المشهد السياسي فبينما تمضي مجموعة الإطاري بعقد آخر ورشها (الإصلاح الأمني) والتي تختتم اليوم الأربعاء صوب الخواتيم بالتوقيع على الإتفاق النهائي بالأول من أبريل تتمترس مكونات الكتلة الديمقراطية في موقفها الرافض لمجريات العملية السياسية بشكلها الحالي معلنةً التصعيد إلى جانب بحث الخيارات السياسية والتي بدأت أمس بندوة سياسية محضورة بحاضرة شمال دافور الفاشر .

ورغم إنقضاء الأسبوع الأول من الشهر الفضيل الذي عادةً ما تخفت الأضواء عن الساسة وشواغلهم ويفضل عامة الناس على التركيز على فرحة رمضان إلا أن نائب رئيس الكتلة الديمقراطية ورئيس حركة العدل والمساواة ووزير المالية د. جبريل إبراهيم كسر هذا الطوق وتحدث بمنزله بضاحية المنشية إلى عدد من قادة الرأي العام وممثلي الأجهزة الإعلامية وهو يستفيض لوضع النقاط على الحروف وأزاح جبريل الستار عن ترتيبات الكتلة للتعاطي مع المشهد خلال الفترة المقبلة التي فيما يبدو ستكون حافلةً بالأحداث المثيرة .

(1)

وإعتمر جبريل (طاقتين) : الأولى اقتصادية من واقع تقلده حقيبة المالية والثانية سياسية بصفته رئيس حركة العدل والمساوة ونائب رئيس الكتلة الديمقراطية.

وإبتدر وزير المالية حديثه بعدم وجود ضائقة فى الإحتياجات الغذائية بل أشار إلى وجود فائض فعلي ولكنه عاد وقال أنهم لا يزالون يعانون شح الموارد ، وتابع : بحسب تقديراتنا سيشهد شهر يونيو (إنفراجة) ملحوظة فى الأزمة الإقتصادية.. والتحول الرقمى سيسهم في الإيفاء بكثير من الإلتزامات داعياً وزارة الحكم الإتحادى الإلتزام بتوزيع الموارد على الولايات بشكل منصف بجانب مطالبته بعودة المفوضية للعمل.

كما عرج الرجل صوب الحديث عن مآلات المشهد السياسي وقال بأنه لايمكن لحكومة ما أن تتكون من مجموعة هي فعلياً أقل من الحاضنة السياسية الموجودة، وقطع بتمسكهم بموقفهم بضرورة توسيع قاعدة المشاركة من قبل القوى السياسية وأعتبر إبراهيم أن الحديث حول أنصبة الأطراف سابق لأوانه لجهة عدم وجود إتفاق واضح على المجموعة التي ستكون الحكومة القادمة وأنه من غير المقبول أن يستأثر المركزي على الحق في تقرير مصير عموم جموع الشعب التي شاركت بالتساوي في قيام الثورة وبذل التضحيات من أجل التغيير، وأوضح جبريل بأن الحديث عن تكوين حكومة موازية غير وارد في الوقت الحالي.

وأكد رئيس حركة العدل والمساواة بأنهم لن يكونو جزءاً بأي حال من حكومة يشكلها المجلس المركزي بعيداً عن مشاركة جميع القوى السياسية مشيراً لعدم وجود أية بوادر بالكتلة لاستمالة مكون دون الآخر بقوله : الكتلة إن لم تكن على قلب رجل واحد فهي على قلب إمرأة واحدة وليس هناك أية بوادر إستمالة لمكون دون الآخر وقطع جبريل بعدم أحقية أية جهة في ألغاء الوثيقة الدستورية أو استبدالها .

(2)

نائب رئيس الكتلة الديمقراطية طاف أيضاً على إحدى الشواغل المهمة بالساحة السياسية والمتمثلة بإنعقاد ورش الإصلاح الأمني بين أطراف العملية السياسية الجارية وقال بأن رؤيتهم كانت منذ البداية أن يتم الإصلاح الأمنى بدمج جميع القوات داخل الجيش السودانى بعيداً عن أية تأثيرات أو تدخلات سياسية مهما تكلف هذا الإصلاح من وقت ومجهود ، وتابع بأن إتفاقية السلام لم تنص على أي ترتيب في أولوية الدمج في القوات المسلحة غير أنه كان واضحاً ومحدداً حول ضرورة دمج جميع القوات فى جيش السودان الموحد.

ويرى جبريل بأنه يجب تحقيق الطمأنينة للمواطن بعيداً عن أي شكل من أشكال التناطح حول إعادة إنتشار القوات ويجب أن يكون الأمن هو الأولوية ، وزاد : لا يجب على الإطلاق أن يكون الحديث حول الإصلاحات الأمنية مبذولاً في الهواء الطلق فذاك شأن داخلي لايعني أية جهة خارجية نسبةً لحساسية الأمر ومؤكداً بأنه ما من جهة تملك الحق فى إلغاء إتفاق سلام جوبا معتبراً أن المجتمع السوداني قد كسب الكثير بتوقف الحرب منذ هذا التوقيع.

وإشترط نائب رئيس الكتلة الديمقراطية ورئيس حركة العدل والمساواة جبريل إبراهيم بالتفاوض مع (الحرية والتغيير) المجلس المركزي وفق قوى متكافئة ومن ثم مناقشة بقية البنود وأنه لايمكن التوقيع على الإتفاق الإطاري بعيداً عن بقية مكونات الكتلة الديمقراطية كاشفاً عن لقاء جمعهم مع رئيس مجلس السيادة نقلوا له العواقب المترتبة على مايدور في دهاليز العملية السياسية الحالية في حال مضيها على النحو الحالي لن يحقق الاستقرار للبلاد وأنهم طلبوا من البرهان إتخاذ ما يراه من قرارات تعين على تحقيق الاستقرار والأمن بالبلاد.

وعن الجدل الذي أثارته زيارته لمنزل الترابي في إفطار اليوم الثالث من رمضان الجاري علق جبريل للصحفيين قائلاً : في مايلي الأحاديث المتداولة حول زيارتي لمنزل الشيخ الراحل حسن الترابي فهذا شأن يعنينى كمواطن سودانى في المقام الأول ولا تعنيني آراء وتفسيرات الكيانات الأجنبية وغيره وعلاقتي بالشيخ وأسرته قديمة وغير قابلة للمساومة ولو دعوني لمنزلهم غداً سوف أذهب، وعد جبريل إقصاء المكون الإسلامى ككتلة مؤثرة عن المشاركة في العملية السياسية ، وقال : الإسلاميون جزء من المجتمع السوداني ولا يستطيع أحد شطبهم بجرة قلم ومن يظن ذلك واهم.

وأضاف رئيس حركة العدل والمساواة جبريل إبراهيم بأن المجلس المركزي يحتكر العملية السياسية لظنه أن الجيش في صفه وسيحميه بالبندقية وأنهم يجدون تعنتاً في قبول مقترح توسيع قاعدة المشاركة من قبل المركزي مؤكداً في الوقت ذاته جاهزتيهم للجلوس للحوار من أجل التوافق السياسي.

(3)

وبالتزامن مع إفطار جبريل للإعلاميين والصحفيين كانت الفاشر أيضاً مرتكزاً لإفطار حاكم إقليم دافور ورئيس اللجنة السياسية بالكتلة الديمقراطية ورئيس حركة جيش تحرير السودان مني أركو مناوي وعقب الإفطار إحتضنت ندوة ساخنة عن مجريات الراهن السياسي بمشاركة فاعلة من قيادات الكتلة مثل مبارك أردول ومعتز الفحل وعبد العزيز عشر .

وفيما يبدو أن الكتلة الديمقراطية تمضي صوب الضغط على مجموعة الإطاري من خلال التعبئة والتصعيد الأمر الذي قد يفضي إلى (سيناريوهات) متعددة خاصةً وأن الملعب مفتوح على مصراعيه وأن التوقيع علي الإتفاق النهائي بين أطراف العملية السياسية وأن حدث ولكن من الصعوبة بمكان ترجمة مخرجاته لأرض الواقع على ضوء المعارضة الشرسة التي يتعرض لها الإطاري ليس من رفقاء جبريل ومناوي وأردول ولكن حتى من رفقاء المجلس المركزي بالأمس من لدن البعث العربي الإشتراكي والشيوعي وكيانات تجمع المهنيين، مضافاً إليهم التيار الإسلامي الذي لن يرتضى بأي إتفاق قد يأتي بالتضييق عليه مستقبلاً .

وقال القيادي بالكتلة الديمقراطية عبد العزيز عشر خلال ندوة أقيمت بالفاشر أمس بأنه في حال إصرار قوى الإتفاق الإطاري على وثيقتهم وإحتيالهم السياسي سيعملون على إغلاق الشرق والشمال والوسط وكردفان ودارفور واسقاط أفشل حكومة تشكل على مر التاريخ مشيراً إلى أن إصرار قوى الإتفاق الإطاري على إقصاء الأطراف سيقود لثلاثة خيارات أما إنقلاب عسكري أو حرب شاملة أو فوضى عارمة.

ويرى مراقبون أن تصريحات جبريل إبراهيم للصحفيين أمس الثلاثاء تأتي في سياق وضع رسائل تتسم بالنصح للقائد العام للمؤسسة العسكرية وأخرى تحذيرية لمكونات المجلس المركزي وتطمينية للشركاء بالكتلة الديمقراطية وكذلك رسائل إشفاق على الوضع الماثل الآن.

فيما ترى بعض الأصوات بأن حديث رئيس حركة العدل والمساواة بمنزله أمس بالمنشية وقادة الكتلة بالفاشر بمثابة محاصرة للمجلس المركزي والذي لن يكون أمامه إلا استخدام توسيع قاعدة المشاركة لتكون له طوق نجاة من الطوفان المرتقب من الكتلة الديمقراطية، سيما وأن جبريل قال أن كل الخيارات مفتوحة كما أن حديث جبريل أرسل إشارات واضحة بأن حركته رفقة جيش تحرير السودان لن يلتحقا بالإتفاق دون الآخرين وذلك بعد التلميحات والإشارات التي كثرت حول إصطحاب جبريل ومناوي دون الآخرين للإتفاق النهائي.

وينتظر أن تختتم اليوم ورش الإصلاح الأمني والذي استمرت على مدار ثلاثة أيام وسط توقعات بأن تذهب الأطراف المعنية بالإطاري صوب التوقيع النهائي مساء السبت المقبل

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.